رغم الغضب العارم الذي ساد الشارع المصري، عقب اتفاقية ترسيم الحدود المائية بين القاهرة والرياض، والتي أقرت بتبعية جزيرتي "تيران وصنافير" للأراضي السعودية، كشفت الصحف اليونانية اليوم عن تنازل الحكومة المصرية لأثينا عن جزيرة " ثاسوس" المصرية الموجودة داخل اليونان، بموجب اتفاق تم بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء اليوناني إليكسيس تسيبراس في عام 2015. وتقع جزيرة " ثاسوس " المصرية داخل حدود اليونان، وتتضمن قصرًا لمحمد علي باشا، منحها السلطان العثماني لمحمد علي الذي أوقفها فيما بعد لوزارة الأوقاف المصرية، وتبلغ مساحتها حوالي 50 كيلو مترًا وتعد الآن من أهم الواجهات السياحية في اليونان.
وترفض الحكومة اليونانية في الوقت الحالي سداد قيمة الإيجار المقدرة بمبلغ مليون دولار سنويًا، طبقا للعقد المبرم سنة 1997، وأكدت أن الجزيرة أصبحت في حوزة اليونان طبقًا لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجديدة التي وقعت بين القاهرة وأثينا في العام المنصرم. وفي سياق متصل، نفت وزارة الأوقاف ما تردد عن تنازلها عن بعض أملاكها بجزيرة ثاسوس اليونانية، مؤكدة أنها لم تتنازل عن أي من أملاكها لا باليونان ولا بغيرها. وأوضحت وزارة الأوقاف، في بيان اليوم الاثنين، أنه لا صحة على الإطلاق لما يشاع كذبًا وافتراءً بشأن تنازلها عن بعض أملاكها بجزيرة ثاسوس. وأعلنت الأوقاف، أن وفدًا رفيع المستوى من هيئة الأوقاف المصرية برئاسة وكيل وزارة الأوقاف لشئون الاستثمار بالهيئة وبحضور ممثلين عن وزارة الآثار وهيئة التنمية السياحية وبعض الجهات الأخرى بالدولة، سيتوجه إلى اليونان عقب عطلة عيد الأضحى، لدراسة الاستثمار الأمثل لأملاك هيئة الأوقاف باليونان، وترميم ما يحتاج إلى ترميم من الآثار المملوكة لها بمدينة كافالا وجزيرة ثاسوس. وشدد البيان، على حرص الأوقاف على الحفاظ على أصول كل الأوقاف سواء الأهلية أو الحكومية وتنميتها وحسن إدارتها بما يعود بالنفع على المجتمع. بدوره، وصف النائب سمير البطيخي، عضو مجلس النواب، ما أثير حول تنازل مصر عن جزيرة " ثاسوس " الموجودة داخل الحدود اليونانية ب"الشائعات" التي تهدف لإثارة الرأي العام خاصة في ظل تداول أزمة "تيران وصنافير" في المحاكم المصرية بهدف زعزعة الاستقرار. وطالب البطيخي، الحكومة بإصدار بيان للرأي العام حول هذا الأمر وكشف الحقيقة كاملة أمام الرأي العام لكي لا يلتفت المواطنون لمثل هذه الشائعات، مضيفًا في الوقت نفسه أنه لا يجوز للحكومة التنازل عن شبر من ارض مصر دون موافقة الحكومة وطرح الأمر لاستفتاء شعبي. في سياق متصل، استنكر النائب محمد علي عبدالحميد، عضو مجلس النواب – مستقل- ما أثير حول تنازل مصر عن جزيرة " ثاسوس " لليونان، مؤكدًا أن القيادة السياسية في مصر لا يمكنها التنازل عن شبر من أرض مصر مهما كلفها من دماء، مستشهدًا بالحروب التي قادتها القوات المسلحة لعودة طابا إلى الحدود المصرية بعد احتلالها من قبل إسرائيل.
وأضاف عبدالحميد، في تصريحات ل"المصريون"، أن ما أثير من شائعات حول هذا الأمر، ما هو إلا مخطط لتشوية سمعة الحكومة والرئيس عبدالفتاح السيسي، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، مطالبًا الرأي العام بالتأكد من صحة المعلومات أولا قبل ترديدها. وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن اتفاقية الحدود المائية التي أبرمت بين مصر واليونان في العام الماضي كانت لتسهيل مهمة التنقيب عن المواد البترولية وأعمال الملاحة، ولم تتطرق إلى جزيرة " ثاسوس " مطلقًا. جدير بالذكر، أن جزيرة " ثاسوس " تحتوي على العديد من المعالم السياحية سواء الإغريقية أو البيزنطية أو الإسلامية، أبرزها المتحف البيزنطي والمسجد العثماني القديم، وقلعة محمد علي. وتاريخيًا تعتبر جزيرة " ثاسوس " مسقط رأس الشاعر الإغريقي هوميروس مؤلف الملحمتين الشهيرتين "الإليادة والأوديسا"، وتتميز شواطئ الجزيرة بمناظرها الساحرة، كما أن الهدوء الذي تتميز به شواطئها يضيف لها سحراً خاصاً ويجعلها قبلة لراغبي الاستجمام والهدوء، ولا تزال أسواق وشوارع الجزيرة تحتفظ بطرازها القديم، ما يجعل الجزيرة بمثابة متحف أثري مفتوح.
