لا تزال قضية فساد القمح ترمى بظلالها على المشهد، رغم تقديم وزير التموين خالد حنفي، استقالته مؤخرًا وقبولها من قبل رئيس الحكومة شريف إسماعيل. القمح، المعروف محليًا ب"عيش الغلابة"، ارتبط ملف فساده مباشرة، بالوزير المستقيل، منذ توليه حقيبة التموين، التي تعد اليد "الموجوعة" لأي نظام يحكم مصر، نظرًا لارتباطه مباشرة بالخبز، في دولة تعد من أكبر الدول المستوردة للقمح. والخميس الماضي وافقت الحكومة على قبول استقالة وزير التموين خالد حنفي، وتولى وزير الصناعة والتجارة الخارجية طارق قابيل، الحقيبة الوزارية بدلاً منه. وخالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية تولى منصبه في فبراير 2014، في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، ثم استمر في حكومتي إبراهيم محلب وشريف إسماعيل. ومؤخرًا أثار النائب مصطفى بكري، تساؤلات عن سر إقامة حنفى فى فندق سياحي، بقيمة 7 ملايين جنيه منذ توليه الحقيبة الوزارية على حساب الدولة، وهو ما نفاه حنفي. وواجه الوزير اتهامات بالفساد، الشهر الماضي، على خلفية ما تردد من تلاعب فى توريد القمح من الفلاحين للحكومة، الأمر الذى اعتبرته لجنة تقصى الحقائق فى مجلس النواب إهدارًا للمال العام. وأكدت لجنة التحقيق البرلمانية أن "المحصول المعلن لهذا الموسم، وهو خمسة ملايين طن، تم تضخيمه فى سبيل الحصول على مزيد من أموال برنامج توريد القمح"، وأن المحصول المحلى الحقيقى أقرب إلى ثلاثة ملايين طن وليس خمسة. ومع تولى الوزير السابق حنفى حقيبة التموين فى العام 2014، بدأ تعميم نظام البطاقات الذكية لتوزيع الخبز المدعم حكوميًا، واعتباره يوفر استهلاك الدقيق. وبعد تطبيق نظام البطاقات الذكية بعام واحد، خرج حنفى مشيدًا بنجاح النظام الجديد، وقال فى تصريحات له إنه "وفر ملايين الدولارات فى دعم الخبز". وتلبدت سماء زراعة القمح محليًا بغيوم الفساد فى شهر يوليو 2015، حين أعلنت الحكومة أنها جمعت رقمًا قياسيًا من القمح المحلى من المزارعين بلغ وقتها نحو 5.5 ملايين طن. ولم يستمر القرار السابق كثيرًا، لتعاود الحكومة فشلها فى معالجة أزمة القمح، حيث قررت فى فبراير الماضي، إلغاء ما أسمته ب"إصلاح دعم القمح" والعودة إلى النظام القديم. وفى يونيو الماضي، اتهم برلمانيون، موردين بالقطاع الخاص بتقديم بيانات مزيفة عن مخزونات القمح، للحصول على مبالغ مالية من الحكومة مقابل شراء القمح المحلى المدعم، بعدها أعلن مجلس النواب تشكيله لجنة لتقصى الحقائق فى "فساد القمح". وفى 7 أغسطس الجاري، كشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة، عن تلاعب فى توريد القمح بلغت قيمته 533 مليون جنيه. وجاء فى بيان صادر عن النائب العام نبيل صادق، أن التحقيقات أسفرت عن ظهور وقائع جديدة تتمثل فى قيام بعض أصحاب الصوامع المتورطين فى التلاعب بتوريدات القمح المحلى "باصطناع كشوف وهمية بأسماء مزارعين وحائزى أراضى زراعية، على خلاف الحقيقة وإثبات توريد محاصيل للصوامع مخالفة للحقيقة". ووفق البيان فإن هؤلاء المتهمين "تمكنوا من صرف مبالغ مالية قدرها 533 مليون جنيه بمستندات مزورة، وذلك من القيمة الإجمالية البالغة 621 مليون جنيه. وعلى إثر هذه التحقيقات، قرر النائب العام، ضبط وإحضار متهمين هاربين، وإدراج أسماء المتهمين على قوائم الممنوعين من السفر ومنعهم من التصرف فى أموالهم، ووقف صرف أية مستحقات لهم. ومن المنتظر مناقشة التقرير النهائى بشأن فساد القمح تحت قبة البرلمان يوم الاثنين المقبل.