«الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    بروتوكول تعاون بين نادي قضاه جنوب سيناء وجامعة القاهرة    النيابة العامة تُنظم برنامجًا تدريبيًا حول الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي    أخبار كفر الشيخ اليوم.. مبادرة الخير بدسوق تنظم حفلًا ترفيهيًا للطلاب الصم وضعاف السمع بمناسبة يوم التحدي    التنمية المحلية ل ستوديو إكسترا: توجيهات رئاسية بتحقيق العدالة التنموية في الصعيد    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    ليفركوزن يثأر من دورتموند بهدف مازة ويتأهل لربع نهائى كأس ألمانيا    يوفنتوس يتخطى أودينيزى بثنائية ويتأهل إلى ربع نهائى كأس إيطاليا    بورنموث ضد إيفرتون.. جريليش يمنح التوفيز فوزًا ثمينًا في البريميرليج    القضاء الأمريكي يوجه تهمة القتل للمشتبه فيه بهجوم البيت الأبيض    وزير الإنتاج الحربي يلتقي نائبيّ رئيسيّ "تاليس" الفرنسية و"بونجسان" الكورية الجنوبية    برشلونة يهزم أتلتيكو مدريد ويبتعد بصدارة الدوري الإسباني    نشرة الرياضة ½ الليل| وفاة سبّاح صغير.. انفعال الحضري.. تعادل مصر والكويت.. أفشة الأفضل.. وفوز السيتي    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    تقرير مبدئي: إهمال جسيم وغياب جهاز إنعاش القلب وراء وفاة السباح يوسف محمد    الخميس.. قرعة بطولة إفريقيا لسيدات السلة في مقر الأهلي    وزير الرياضة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    إخلاء سبيل النائبة السابقة منى جاب الله بكفالة 30 ألف جنيه بعد دهس شاب بطريق صلاح سالم    إصابة 9 أشخاص في حادث تصادم بالفيوم    مصرع وإصابة 13 شخصًا في حريق مخزن ملابس بالمنصورة    إحالة أوراق المتهم بقتل زميله داخل ورشة لتصنيع الأثاث بأشمون للمفتى    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    مصرع وإصابة 8 أشخاص باختناق فى حريق مخزن ملابس بسوق الخواجات في المنصورة    تحت شعار "متر × متر"، مكتبة الإسكندرية تفتح باب التقديم لمعرض أجندة 2026    في ملتقى الاقصر الدولي للتصوير بدورته ال18.. الفن جسر للتقارب بين مصر وسنغافورة    وزير الثقافة: دورة منفتحة على الشباب والتكنولوجيا في معرض الكتاب 57    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    زينة: علمت بنجاح ورد وشيكولاتة من السوشيال ميديا.. وأُصبت بشرخ خلال التصوير    أخبار مصر اليوم: إعلان مواعيد جولة الإعادة بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب.. تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني بالفيزا في المترو.. ورئيس الوزراء: لا تهاون مع البناء العشوائي في جزيرة الوراق    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    رئيس شعبة الدواجن بالجيزة يحذر من الفراخ السردة: اعدموها فورا    رئيس بولندا يعارض فكرة توسك بدفع وارسو تعويضات لضحايا الحرب بدلا من ألمانيا    استمرار تعثر خطة الصين لبناء سفارة عملاقة في لندن    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    فيروز تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. والسبب غريب    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    بنك التعمير والإسكان يوقع مذكرة تفاهم مع مدرسة فرانكفورت    «القومى للمرأة» ينظم الاجتماع التنسيقي لشركاء الدعم النفسي لبحث التعاون    أجواء حماسية والمنافسة تشتعل يين المرشحين في انتخابات النواب بقنا    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    وصفات طبيعية للتخفيف من آلام المفاصل في الشتاء    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع المصالح يهدد التقارب التركي الروسي
"فورين أفيرز":
نشر في المصريون يوم 17 - 08 - 2016

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية رؤى المراقبون السياسيين بشأن التقارب فى العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وروسيا حيث يتوقعونه بأن التقارب مازال مهددا في ظل وجود صراع على مصالح البلدين بما يشكل عدد من الدوافع الإستراتيجية لكل منه على حده.
ونقلت المجلة الأمريكية عن المراقبين بأنهم لا يظنون أن هناك تغييرًا جذريًا سيحدث في السياسة الخارجية التركية مشيرين إلى إن روسيا هي أكبر الفائزين من محاولة الانقلاب الفاشلة، فالرئيس التركى رجب طيب أردوغان يسيطر على السلطة أكثر من أي وقت آخر، وهو حانق الآن على الولايات المتحدة والغرب.
ويرى الذين يعتقدون في ضلوع الولايات المتحدة في محاولة الإطاحة ب«أردوغان»، في الدعم الروسي قيمة كبيرة من منظور البقاء السياسي.
في الوقت الذي تعاني فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا من أسوأ حالاتها منذ عقود، طار الرئيس التركي الثلاثاء الماضي إلى سان بطرسبرغ ليقابل نظيره الروسي.
كما أعلن الرجلان أن هذه المقابلة ستساعد بالتأكيد في مرحلة جديدة من التقارب الروسي التركي.
وكان الإعلام التركي قد ركز الضوء على الدعم الروسي لحكومة تركيا المنتخبة بعد محاولة الانقلاب الفاشل في منتصف يوليو الماضي، في الوقت الذي تقاعست فيه حكومات وإعلام الغرب عن المساندة.
اتصل الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بالرئيس التركي بعد ثاني أيام محاولة الانقلاب، بينما روجت الصحف الروسية خبرًا ملفقًا بأن المخابرات الروسية قد أنقذت «أردوغان» بتحذيره من محاولة الانقلاب.
بينما لم يتصل الرئيس الأمريكي «أوباما» إلا في يوم 19 يوليو بعدما كانت الصحافة التركية قد روجت لأخبار تتهم تركيا بالوقوف خلف المؤامرة.
ويظل الجيش عاملًا معقدًا في الموقف الاستراتيجي لتركيا في الوقت الذي تم فيه القبض على عدد كبير من جنرالاته وضباطه وأفراده على خلفية المحاولة الانقلابية.
وخلال أكثر من عام، كان الجيش التركي يواجه جبهات مختلفة، فبينما كان يقاتل المتمردين الأكراد، واجه الثوار الذين تدعمهم تركيا انتكاسات متلاحقة على أيدي «الدولة الإسلامية» والقوات الكردية السورية وقوات «الأسد».
كانت أنقرة بالفعل قد بدأت إصلاح علاقاتها الإقليمية قبل محاولة الانقلاب.
فقد سعت الحكومة التركية لكسر عزلتها السياسية المتزايدة بالتواصل مع روسيا و(إسرائيل) في الأشهر الأخيرة، حتى أنها قد أرسلت إشارات تصالحية لنظام «الأسد».
ففي تصريح لمسؤول بارز بحزب العدالة والتنمية قال: «الأسد في النهاية قاتل، لكنه لا يدعم الحكم الذاتي الكردي».
عندما اهتزت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة في أكثر من مناسبة أثناء الحرب الباردة، سعى قادة تركيا لتحسين العلاقات مع روسيا.
في أواخر الخمسينات، أظهر «عدنان مندريس»، الرجل الذي جلب تركيا إلى حلف الناتو، ورقة روسيا بوضوح، حين ظهر صراع المساعدات الاقتصادية الأمريكية.
وفي السبعينيات، سعى رئيس وزراء تركيا «بولنت أجاويد» إلى تقارب محدود مع الاتحاد السوفييتي بعد الصدام مع الولايات المتحدة بسبب قبرص وإنتاج الأفيون التركي، إلا أن الإتحاد السوفييتي ظل يمثل تهديدًا لأمن تركيا، ما جعل التقارب مع الروس مهددًا.
وحقيقةً، لم تستفد أنقرة من علاقتها المقربة بموسكو إلا في وقت أن كانت روسيا في أضعف حالاتها بعد الحرب العالمية الأولى حين استخدم أتاتورك سلاح البلاشفة في هزيمة القوى الاستعمارية الأوروبية وتحرير الأناضول.
ووجد «مصطفى أتاتورك» في الاتحاد السوفييتي حليفًا استراتيجيًا ضد قوى الاستعمار الغربي، واتخذ أفكاره منهجا في النظام الاقتصادي الذي تقوده الدولة.
لذا فإن ما يريح واشنطن والغرب، أنه كلما كانت روسيا أقوى وأكثر عدوانية، كلما قلت فرص الشراكة الحقيقية بينها وبين تركيا.
الخلاف حول سوريا
وما يجعل التقارب بينهما بعيدًا أيضًا، هو الصراع في سوريا، حيث يبدو أن روسيا ستشترط من أجل هذا التقارب أن تتخلى تركيا عن البلاد وأن تعترف بانتصار «الأسد».
وفي تصريح منفرد ل«بوتين» في المؤتمر الصحفي بعد لقائه بأردوغان في سؤال له عن سوريا قال: «لا يمكن جلب الديمقراطية إلى سوريا إلا بالوسائل الديمقراطية»، وهو انتقاد صريح لاستراتيجية تركيا في دعم المعارضة المسلحة تحت اسم الديمقراطية السورية. ويبدو أن الجميع ينتظر ما يحدث من تقدم للمعارضة السورية في حلب، وينتظر الكرملين ما سيحدث، فربما تكون هناك مقايضة بشأن حلب والأكراد السوريين.
وحتى الآن لا يبدو أن أيًا منهما سيتخلى عن جانبه، فموسكو لديها علاقات بالجماعات الكردية تعود لعقود، ولا يبدو أنها ستتخلى عنهم.
ولم يتغير تعامل روسيا مع دعم الولايات المتحدة للمليشيات الكردية ضد «تنظيم الدولة». وفي نفس الوقت فإن قوات المعارضة حول حلب والتي تدعمها تركيا تمثل التهديد الأكبر للنظام السوري المدعوم من روسيا، ومن المحتمل أن تخرج محادثات جنيف باتفاق ما بين المعارضة و«الأسد»، إلا أن لقاء سان بطرسبرغ يومئ لذلك بشكل مباشر.
المزيد من القضايا العالقة
ولكن حتى لو افترضنا توصل تركيا وروسيا إلى اتفاق بشأن سوريا، فإن هناك العديد من القضايا العالقة التي تفرق بينهما. وثلاثة من تلك القضايا، قبرص والقوقاز وشبه جزيرة القرم. تواجه تركيا ضغوطات داخلية لدعم أذربيجان والعمل على عدم احتكار روسيا لأنابيب النفط والغاز والتي تمر من أذربيجان عبر جوجيا وتنتهي في تركيا، وتواجه أيضًا ضغوطات محلية لدعم تتار القرم.
وفي هذه الصراعات الإقليمية الثلاثة، ازدادت سيطرة الجيش الروسي في السنوات الأخيرة. فروسيا تنشر حاليًا أنظمة دفاع جوي متقدمة في القرم وأرمينيا وفي قواعدها في سوريا شرق البحر المتوسط. روسيا في الحقيقة قد طوقت تركيا، من الشمال في القرم، والشرق في أرمينيا، والجنوب الغربي في سوريا. وتعد القدرات العسكرية الجديدة لروسيا مصدر قلق في تركيا، والتي لا ترحب بأي زيادة جديدة في القوة العسكرية لروسيا.
رغم ذلك، فقد وعد مسؤولون بوزارة الخارجية الروسية بتحسين العلاقات في التجارة والطاقة والزراعة والنقل. ولكن روسيا كانت بالفعل قد رفعت العقوبات على السياحة والزراعة والتي كانت قد وقعتها على تركيا في أواخر عام 2015، كما أن الكريملين ليس في وضع يسمح له بتمويل تركيا. وكان هناك وعد أيضًا بمد خطوط أنابيب الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا، لكن «أوميت يارديم»، السفير التركي في روسيا، صرح للإعلام مؤخرًا أن اتفاقًا بهذا الشأن لن يوقع قريبًا. ويتحدث الكريملين عن إشراك تركيا في مشروعه للتكامل الأوروآسيوي، لكن أوروبا تظل شريكًا تجاريًا أهم بكثير لتركيا من روسيا.
لكل أسبابه
الأكثر أهمية بالنسبة لكلا الزعيمين من أي تنازلات محددة، هو أن مجرد المساومة تعطي انطباعًا بتحسن العلاقات بين البلدين. فالحكومة التركية والعديد من الأتراك يشعرون بالغضب بشأن التعامل الغربي مع الانقلاب الأخير، بينما يقدرون رد الفعل السريع لروسيا في هذا الأمر برفضها للانقلاب ، بينما لم توجه روسيا لأردوغان أية انتقادات بشأن عملية التطهير التي تحدث في البلاد بخلاف أوروبا والولايات المتحدة. لذا فإن قيادة تركيا تعلم أنه كلما نجحت في إيصال رسالة بتقارب أكبر مع روسيا، كلما قلت انتقادات الغرب ل«أردوغان»، وعادت حكومات أوروبا عن نغمة الانتقادات إلى الحد الذي يكون مقبولًا في تركيا. فتركيا تعني الكثير لأوروبا والولايات المتحدة وخصوصًا في سوريا والناتو واتفاقية اللاجئين.
وإختتمت المجلة الأمريكية تقريرها إلى إن الرئيس الروسى أيضا له أسبابه لتحسين العلاقات مع تركيا فالكرملين غير سعيد بنوايا حلف شمال الأطلسي، الناتو، ببناء قوة في البحر الأسود، وهو سعيد لرؤية توتر داخل الناتو،كأداة سياسية وكورقة ضغط على القوى الغربية، يظل التقارب نافعًا لكلا الزعيمين، لكن إيجاد مصالح مشتركة شيء ضروري لديمومة العلاقات، وليس مجرد صداقة زائفة قائمة على هدف انتزاع تنازلات من الغرب.

ونقلت المجلة الأمريكية عن المراقبين بأنهم لا يظنون أن هناك تغييرًا جذريًا سيحدث في السياسة الخارجية التركية مشيرين إلى إن روسيا هي أكبر الفائزين من محاولة الانقلاب الفاشلة، فالرئيس التركى رجب طيب أردوغان يسيطر على السلطة أكثر من أي وقت آخر، وهو حانق الآن على الولايات المتحدة والغرب.
ويرى الذين يعتقدون في ضلوع الولايات المتحدة في محاولة الإطاحة ب«أردوغان»، في الدعم الروسي قيمة كبيرة من منظور البقاء السياسي.
في الوقت الذي تعاني فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا من أسوأ حالاتها منذ عقود، طار الرئيس التركي الثلاثاء الماضي إلى سان بطرسبرغ ليقابل نظيره الروسي.
كما أعلن الرجلان أن هذه المقابلة ستساعد بالتأكيد في مرحلة جديدة من التقارب الروسي التركي.
وكان الإعلام التركي قد ركز الضوء على الدعم الروسي لحكومة تركيا المنتخبة بعد محاولة الانقلاب الفاشل في منتصف يوليو الماضي، في الوقت الذي تقاعست فيه حكومات وإعلام الغرب عن المساندة.
اتصل الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بالرئيس التركي بعد ثاني أيام محاولة الانقلاب، بينما روجت الصحف الروسية خبرًا ملفقًا بأن المخابرات الروسية قد أنقذت «أردوغان» بتحذيره من محاولة الانقلاب.
بينما لم يتصل الرئيس الأمريكي «أوباما» إلا في يوم 19 يوليو بعدما كانت الصحافة التركية قد روجت لأخبار تتهم تركيا بالوقوف خلف المؤامرة.
ويظل الجيش عاملًا معقدًا في الموقف الاستراتيجي لتركيا في الوقت الذي تم فيه القبض على عدد كبير من جنرالاته وضباطه وأفراده على خلفية المحاولة الانقلابية.
وخلال أكثر من عام، كان الجيش التركي يواجه جبهات مختلفة، فبينما كان يقاتل المتمردين الأكراد، واجه الثوار الذين تدعمهم تركيا انتكاسات متلاحقة على أيدي «الدولة الإسلامية» والقوات الكردية السورية وقوات «الأسد».
كانت أنقرة بالفعل قد بدأت إصلاح علاقاتها الإقليمية قبل محاولة الانقلاب.
فقد سعت الحكومة التركية لكسر عزلتها السياسية المتزايدة بالتواصل مع روسيا و(إسرائيل) في الأشهر الأخيرة، حتى أنها قد أرسلت إشارات تصالحية لنظام «الأسد».
ففي تصريح لمسؤول بارز بحزب العدالة والتنمية قال: «الأسد في النهاية قاتل، لكنه لا يدعم الحكم الذاتي الكردي».
عندما اهتزت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة في أكثر من مناسبة أثناء الحرب الباردة، سعى قادة تركيا لتحسين العلاقات مع روسيا.
في أواخر الخمسينات، أظهر «عدنان مندريس»، الرجل الذي جلب تركيا إلى حلف الناتو، ورقة روسيا بوضوح، حين ظهر صراع المساعدات الاقتصادية الأمريكية.
وفي السبعينيات، سعى رئيس وزراء تركيا «بولنت أجاويد» إلى تقارب محدود مع الاتحاد السوفييتي بعد الصدام مع الولايات المتحدة بسبب قبرص وإنتاج الأفيون التركي، إلا أن الإتحاد السوفييتي ظل يمثل تهديدًا لأمن تركيا، ما جعل التقارب مع الروس مهددًا.
وحقيقةً، لم تستفد أنقرة من علاقتها المقربة بموسكو إلا في وقت أن كانت روسيا في أضعف حالاتها بعد الحرب العالمية الأولى حين استخدم أتاتورك سلاح البلاشفة في هزيمة القوى الاستعمارية الأوروبية وتحرير الأناضول.
ووجد «مصطفى أتاتورك» في الاتحاد السوفييتي حليفًا استراتيجيًا ضد قوى الاستعمار الغربي، واتخذ أفكاره منهجا في النظام الاقتصادي الذي تقوده الدولة.
لذا فإن ما يريح واشنطن والغرب، أنه كلما كانت روسيا أقوى وأكثر عدوانية، كلما قلت فرص الشراكة الحقيقية بينها وبين تركيا.
الخلاف حول سوريا
وما يجعل التقارب بينهما بعيدًا أيضًا، هو الصراع في سوريا، حيث يبدو أن روسيا ستشترط من أجل هذا التقارب أن تتخلى تركيا عن البلاد وأن تعترف بانتصار «الأسد».
وفي تصريح منفرد ل«بوتين» في المؤتمر الصحفي بعد لقائه بأردوغان في سؤال له عن سوريا قال: «لا يمكن جلب الديمقراطية إلى سوريا إلا بالوسائل الديمقراطية»، وهو انتقاد صريح لاستراتيجية تركيا في دعم المعارضة المسلحة تحت اسم الديمقراطية السورية. ويبدو أن الجميع ينتظر ما يحدث من تقدم للمعارضة السورية في حلب، وينتظر الكرملين ما سيحدث، فربما تكون هناك مقايضة بشأن حلب والأكراد السوريين.
وحتى الآن لا يبدو أن أيًا منهما سيتخلى عن جانبه، فموسكو لديها علاقات بالجماعات الكردية تعود لعقود، ولا يبدو أنها ستتخلى عنهم.
ولم يتغير تعامل روسيا مع دعم الولايات المتحدة للمليشيات الكردية ضد «تنظيم الدولة». وفي نفس الوقت فإن قوات المعارضة حول حلب والتي تدعمها تركيا تمثل التهديد الأكبر للنظام السوري المدعوم من روسيا، ومن المحتمل أن تخرج محادثات جنيف باتفاق ما بين المعارضة و«الأسد»، إلا أن لقاء سان بطرسبرغ يومئ لذلك بشكل مباشر.
المزيد من القضايا العالقة
ولكن حتى لو افترضنا توصل تركيا وروسيا إلى اتفاق بشأن سوريا، فإن هناك العديد من القضايا العالقة التي تفرق بينهما. وثلاثة من تلك القضايا، قبرص والقوقاز وشبه جزيرة القرم. تواجه تركيا ضغوطات داخلية لدعم أذربيجان والعمل على عدم احتكار روسيا لأنابيب النفط والغاز والتي تمر من أذربيجان عبر جوجيا وتنتهي في تركيا، وتواجه أيضًا ضغوطات محلية لدعم تتار القرم.
وفي هذه الصراعات الإقليمية الثلاثة، ازدادت سيطرة الجيش الروسي في السنوات الأخيرة. فروسيا تنشر حاليًا أنظمة دفاع جوي متقدمة في القرم وأرمينيا وفي قواعدها في سوريا شرق البحر المتوسط. روسيا في الحقيقة قد طوقت تركيا، من الشمال في القرم، والشرق في أرمينيا، والجنوب الغربي في سوريا. وتعد القدرات العسكرية الجديدة لروسيا مصدر قلق في تركيا، والتي لا ترحب بأي زيادة جديدة في القوة العسكرية لروسيا.
رغم ذلك، فقد وعد مسؤولون بوزارة الخارجية الروسية بتحسين العلاقات في التجارة والطاقة والزراعة والنقل. ولكن روسيا كانت بالفعل قد رفعت العقوبات على السياحة والزراعة والتي كانت قد وقعتها على تركيا في أواخر عام 2015، كما أن الكريملين ليس في وضع يسمح له بتمويل تركيا. وكان هناك وعد أيضًا بمد خطوط أنابيب الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا، لكن «أوميت يارديم»، السفير التركي في روسيا، صرح للإعلام مؤخرًا أن اتفاقًا بهذا الشأن لن يوقع قريبًا. ويتحدث الكريملين عن إشراك تركيا في مشروعه للتكامل الأوروآسيوي، لكن أوروبا تظل شريكًا تجاريًا أهم بكثير لتركيا من روسيا.
لكل أسبابه
الأكثر أهمية بالنسبة لكلا الزعيمين من أي تنازلات محددة، هو أن مجرد المساومة تعطي انطباعًا بتحسن العلاقات بين البلدين. فالحكومة التركية والعديد من الأتراك يشعرون بالغضب بشأن التعامل الغربي مع الانقلاب الأخير، بينما يقدرون رد الفعل السريع لروسيا في هذا الأمر برفضها للانقلاب ، بينما لم توجه روسيا لأردوغان أية انتقادات بشأن عملية التطهير التي تحدث في البلاد بخلاف أوروبا والولايات المتحدة. لذا فإن قيادة تركيا تعلم أنه كلما نجحت في إيصال رسالة بتقارب أكبر مع روسيا، كلما قلت انتقادات الغرب ل«أردوغان»، وعادت حكومات أوروبا عن نغمة الانتقادات إلى الحد الذي يكون مقبولًا في تركيا. فتركيا تعني الكثير لأوروبا والولايات المتحدة وخصوصًا في سوريا والناتو واتفاقية اللاجئين.
وإختتمت المجلة الأمريكية تقريرها إلى إن الرئيس الروسى أيضا له أسبابه لتحسين العلاقات مع تركيا فالكرملين غير سعيد بنوايا حلف شمال الأطلسي، الناتو، ببناء قوة في البحر الأسود، وهو سعيد لرؤية توتر داخل الناتو،كأداة سياسية وكورقة ضغط على القوى الغربية، يظل التقارب نافعًا لكلا الزعيمين، لكن إيجاد مصالح مشتركة شيء ضروري لديمومة العلاقات، وليس مجرد صداقة زائفة قائمة على هدف انتزاع تنازلات من الغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.