مثلت عودة العلاقات التركية الروسية، جدلاً كبيرًا بين دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة ومنطقة الشرق الأوسط، والتي يتنازع عليها جميع الدول الكبرى لمد نفوذها السياسي والعسكري خاصة بعد تأثر العلاقات بين الدولتين على خلفية النزاع في سوريا وإسقاط تركيا لمقاتلة روسيا. وعزا خبراء سياسيون، التقارب الروسي التركي إلى محاولة استغلال كلا الطرفين العلاقة السيئة لكلاهما مع الاتحاد الأوروبي بعد اتهامه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا مع الولاياتالمتحدة من جانب ووقوف كلاهما ضد روسيا وفرض عقوبات اقتصادية عليها بعد أزمة القرم. وأكد خبراء، أن ملف التقارب التركي المصري لن يكون مطروحًا في اللقاءات التركية الروسية والتي تهدف في المقام الأول إلي تحقيق مصالحهما الشخصية. قال محمد حامد خبير العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشن هجومًا علي أوروبا والغرب، خاصة أن النمسا قالت صراحة إنها ستطالب دول أوروبا بوقف المحادثات الأوروبية مع تركيا وأيضًا الدنمارك رغم أنها ليست من دول الصوت العالي ولكن الانتقادات مؤذية ومزعجة دبلوماسيًا. وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون"، أن زيارة أردوغان لروسيا هي أول زيارة له خارج البلاد بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في دلالة عميقة أن أنقرة تتقرب لموسكو المنبوذة غربيًا بعقوبات جددت منذ فترة بسبب الموقف الروسي من أوكرانيا والتي تري في بوتين القارة العجوز معرقل في إحلال السلام في أوكرانيا . وأوضح أن تركيا، تستخدم روسيا كدرع واق لمواجهة الانتقادات الغربية للقمع في تركيا تجاه حركة الخدمة، وبوتين يستميل لتركيا لإرباك الناتو والاتحاد الأوروبي الذي لم يستوعب صدمة الخروج البريطاني من الاتحاد. وتابع:"عودة العلاقات الاقتصادية أولوية تركية لإنعاش الاقتصاد الذي عاني من العقوبات التي فرضت في نوفمبر الماضي،كما أن وفدًا أمنيًا عسكريًا بقيادة رئيس الاستخبارات التركية زارها كان فيدان للتنسيق الأمني في سوريا وفتح خط اتصال مباشر بين رئاسة الأركان في البلدين وتعهدت تركيا بمعاقبة الطيار الذي أسقط الطائرة الروسية والذي شارك في الانقلاب إرضاءَ لموسكو. وفي نفس السياق ذكر صلاح لبيب، الباحث في الشأن التركي، أن عودة العلاقات التركية الروسية تعد مصلحة استراتجية للطرفين، موضحًا أن التصالح تم قبل المحاولة الانقلابية وأن روسيا كانت أول دولة تدعم النظام التركي في صباح اليوم التالي للمحاولة الانقلابية التي جرت في منتصف يوليو الماضي, وبالتالي كانت زيارة أردوغان الأولى لخارج تركيا هي لروسيا. وأشار، إلي أن الدولتين تبحثان عن مصالحهما التجارية وهناك حجم تجاري واستثمارات بين البلدين في الطاقة والزراعة والسياحة وهناك تعاون استراتيجي بينهما في عدد من الملفات. وأوضح أن تركيا لم تلتزم بالعقوبات المفروضة علي روسيا من قبل الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في مارس 2014، مشيرًا إلي أن العقوبات كانت في الصرافة والطاقة والدفاع. وأضاف لبيب، أن تركيا وضعت نفسها تحت المقصلة الأوروبية فهي تواجه انتقادات كبيرة بسبب اتهامها لدول أوربا وأمريكا بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة ،موضحًا أن تصريح أمريكا بسحب عضوية تركيا من حلف الناتو أعقبه تصريح أن تركيا ثاني أكبر قوة عسكرية في الحلف وعضويتها ليست محل نقاش . وتابع، "أن الملف المصري التركي لم يكن مطروحًا في زيارة أردوغان لموسكو وأن روسيا لن تكون وسيط بين الدولتين لإصلاح العلاقات خاصة وأن روسيا تبحث عن مصالحها الشخصية بجانب التنسيق القائم بين الدولتين فيما يتعلق بمتابعة الأوضاع في سوريا. واختتم قائلاً: "الدول العربية لا تمتلك نفوذًا خارج حدودها بعكس تركيا والتي لها نفوذ كبير في المنطقة الحدودية المجاورة خاصة بعد تبنيها مشروع الإسلام السياسي كما تمتلك قاعدة عسكرية في قطر".