قالت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية, إن الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا, تعتبر بمثابة "صفعة قوية" للغرب, وانتقام سريع من تأخره في إدانة المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا في 15 يوليو. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها في 10 أغسطس, أن الغرب كان بطيئا في إدانة المحاولة الانقلابية، وهو ما أدى إلى استياء حتى الأتراك المعارضين لأردوغان، وغذى الشكوك بين الأتراك حول دعمه للانقلاب. وتابعت " الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا لم يفوت الفرصة للوقيعة بين تركيا والغرب, واستقبل أردوغان بحفاوة وأظهر دعما قويا له, على عكس ما فعلت الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي". واستطردت " زيارة أردوغان لموسكو تحقق له أيضا مكاسب داخلية كبيرة, لأن الهجمات الإرهابية وعدم الاستقرار السياسي في تركيا يخيفان السياح والمستثمرين على حد سواء، وبإمكان روسيا أن تخفف الضغط الاقتصادي على أنقرة إذا رفعت العقوبات عنها وأحيت صفقات الطاقة معها". وخلصت الصحيفة إلى تحذير الغرب من عواقب استمرار تجاهل التحديات التي تواجهها تركيا داخليًا, وعلى حدودها, مشيرة إلى أن هذا الموقف يصب فقط في مصلحة بوتين, لأن استقطاب تركيا إلى صف روسيا يساعد الأخيرة على تنفيذ مخططها بإثارة الخلافات بين أعضاء حلف الناتو, وبالتالي إضعاف الحلف في النهاية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان اتفقا خلال قمتهما في مدينة سان بطرسبورغ الروسية في 9 أغسطس على تطبيع العلاقات بين بلديهما، والعودة بها إلى مستوى ما قبل الأزمة التي تفجرت إثر إسقاط سلاح الجو التركي مقاتلة روسية في نوفمبر من العام الماضي. ونقلت "الجزيرة" عن بوتين وأردوغان القول في مؤتمر صحفي في سان بطرسبورغ إنه تم الاتفاق في مستهل المحادثات على استئناف المشاريع الاستراتيجية المشتركة، ومن بينها بناء محطة "أك-كويو" النووية في تركيا بواسطة شركات روسية، واستئناف مشروع خط الغاز الروسي نحو جنوب أوروبا عبر تركيا. وأضاف بوتين أن بلاده تريد استئناف العلاقات مع تركيا "بشكل كامل"، وإنه يجري العمل على ذلك، وأضاف أنه تم خلال اللقاء مع أردوغان رسم أولى الخطوات لاستعادة المستوى الذي كانت عليه العلاقات بين البلدين قبل الأزمة الأخيرة. وأشار إلى أن روسيا سترفع القيود عن الواردات الزراعية من تركيا، وعن شركات البناء التركية، فضلا عن استئناف الرحلات السياحية الروسية نحو تركيا. وقال الرئيس الروسي أيضا إن عودة العلاقات التجارية إلى مستواها السابق تتطلب بعض الوقت حيث إنها انخفضت في الأشهر الماضية بأكثر من 40%. وأضاف أن محادثات تفصيلية بين الجانبين الروسي والتركي بشأن تطبيع العلاقات التجارية ستعقد لاحقا. وبشأن الأزمة السورية، ذكر بوتين أن لدى روسياوتركيا هدفا مشتركا يتمثل في تسوية الأزمة وأنه يمكن حل الخلافات بين موسكووأنقرة بشأن سبل التسوية وسيتم البحث عن "حلول ترضي الجميع"، وشدد مجددا على رفض بلاده محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15 يوليو الماضي ومن جهته, قال أردوغان في المؤتمر الصحفي إن المحادثات مع روسيا ستدفع بالبلدين إلى الأمام، وتحسن العلاقات بينهما، مشيرًا إلى أن زيارته لروسيا هي الأولى للخارج بعد محاولة الانقلاب. وأضاف أن هناك إرادة سياسية لرفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى أعلى مما كانت عليه قبل الأزمة الأخيرة، كما أكد أن تضامن تركياوروسيا يمكن أن يساعد في حل المشاكل بالمنطقة. وأشار إلى أن مفاوضات اليوم أدت إلى اتفاق على استئناف الرحلات السياحية الروسية، وإلغاء العقوبات على المواد الزراعية التي تستوردها روسيا من تركيا. وبشأن نتيجة لقائه بنظيره الروسي، قال إنه تم الاتفاق على تطوير التعاون في مجالات الدفاع والصناعة والطاقة النووية، مشيرا إلى المحطة النووية التي ستبنيها شركات تركية في روسيا. وأكد الرئيس التركي أيضا أن العلاقات بين البلدين أصبحت مستقرة أكثر من أي وقت مضى، وألح على ضرورة العمل لرفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى مائة مليار دولار من 35 مليار دولار قبل أزمة الطائرة الروسية.