خلق الله مصر وخصها بمكانة عظيمة بين بلاد الأرض ولم يذكر بلد بوصف المدينة إلا مصر ثم أودع الله سبحانه في قلوب العالمين تعلقا بمصر ولما وصفها الوصافون وصفوا جمالا وحضارة ادهشت العالم كله حتى أن شاعرا قال :لعمرك ما مصر بمصر وإنما. . هي الجنة الدنيا لمن يتبصر. فاولادها الولدان والحور عينها. . وروضتها الفردوس والنيل كوثر. هكذا كانت مصر . فأين هي الآن؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ! ! ! ! إن مصر ليست حاكما بل هي شعباً وأرضاً ولا قيمة للحاكم بغير شعب. فإذا ضيق على الشعب وصار منهم ثلاثون مليون على الأقل تحت خط الفقر كما تقول الحكومة وصار النيل بركة سامة تقتل الشعب بالفشل الكلوي والكبد الوبائي والسرطانات وغيرها من الاوبئة وبعد قليل لن يري الناس نيلا إذن فأين مصر؟ ! . حين قال الحاكم في مصر نجوع من أجل مصر فهل يجوع الرئيس وأولاده ووزراؤه ومحافظوه وكافة من يعملون معه من أجل مصر؟ ؟ ! ! فإذا طلب الحاكم من الشعب أن يجوع كان هو ومن معه قدوة طيبة حسنة في الجوع من أجل مصر. ولو أن رجلا لم ير مصر من قبل ونزل من الطائرة مباشرة عند الحاكم والوزراء والمحافظين وكافة المسئولين ورأى عيشهم وحياتهم لايقن مائة بالمائة أننا أغنى دولة في العالم كله. والمصيبة الكبرى انهم ينفقون من مال الشعب الذي يطلب منه أن يجوع من أجل مصر فأين هي مصر ؟ ! إن في مصر خيرات وموارد تكفي أن يعيش فيها مليار من البشر ومن بين أبنائها علماء يبنون الف حضارة و في مصر لصوص سرقوا مال الشعب ولو عاد مال الشعب إليه لكفاهم عن الصندوق والتسول ولأحدث لهم جميل التحول فإن كانت الإدارة قد فشلت في إدارة الموارد الطبيعية و البشرية في سبيل النهوض بمصر الي أعلى درجات الحضارة والتقدم فعليهم أن يرحلوا في هدوء بلا مكابرة أو معاندة بل يقدموا للشعب المساندة والمساعدة في أن يختار من هم أهل للإدارة الرشيدة والحياة الرغيدة السعيدة ... على الرئيس والوزراء والمحافظين وكافة المسئولين أن يتخلوا فورا عن كافة ما هم فيه من سرف وترف وسيارات ومكاتب ويكتفوا بالحد الأدنى من النفقات ليجبروا خواطر الفقراء والضعفاء حينها وحينها فقط سيسير الحاكم ومن معه بين الناس وفي حراسة الناس وهذا قمة الشرف . يامن تشرف بالدنيا وزينتها. . ليس التشرف رفع الطين بالطين. إذا أردت شريف الناس كلهم. . فانظر إلى ملك في زي مسكين. ذاك الذي عظمت في الناس همته. . وذاك يصلح للدنيا وللدين. إن صلاة الملك العادل تعدل سبعين الف صلاة. لأنه إذا عدل في حكمه وكف عن ظلمه نصره الحق واطاعه الخلق فاقبلت عليه الدنيا وصفت له النعمى فتهنأ بالعيش واستغنى عن الجيش وملك القلوب وأمن الحروب وصارت طاعته فرضا ورعيته جندا فإن الله ما خلق أحلى مذاقا من العدل ولا اروح للقلوب من الإنصاف. أيها السادة الأجلاء خذوا مصركم واتركوا لنا مصرنا بفقرها وضعفها واعلموا أننا جميعا سنقف بين يدي ملك الملوك غدا ولن تنفعكم رئاستكم ولا وزارتكم بل تنفعكم رحمة ورافة قدمتوها للشعب. تحيا مصرنا الحبيبة لا مصركم بارواحنا وقلوبنا. المستشار / حمدي الشيوي