استدعى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف إلى مكتبه بمشيخة الأزهر، لبحث أزمة الخطبة المكتوبة المثارة بين الأزهر والأوقاف. والاجتماع هو الأول من نوعه منذ شهور طويلة، إذ تجنب شيخ الأزهر حضور المناسبات أو المؤتمرات التي يدعو إليها وزير الأوقاف، وتوج الخلاف بينهما بإصدار الأزهر بيانًا رفض فيه تطبيق "الخطبة المكتوبة". وجاء ذلك بعد أن عقد الطيب اجتماعًا عاجلاً مع قيادات الأزهر دعا إليه عقب لقائه اليوم الرئيس عبدالفتاح السيسي، حضره الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، والدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية. وفي تحد لقرار هيئة كبار العلماء الذي اتخذته بالإجماع في اجتماعها الأسبوع الماضي، أصدر وزير الأوقاف، قرارًا بالاستمرار في تطبيق "الخطبة المكتوبة" في المساجد، على الرغم مما أثاره من جدل واسع. وبينما ترى الوزارة أن "الخطبة المكتوبة" جاءت لمواجهة أي خروج عن نص الخطبة من أي عناصر دينية متشددة قد ترتقي المنبر، قررت هيئة كبار العلماء بالإجماع رفض قرار وزير الأوقاف، مُعتبرة "هذه الخطوة تجميدًا للخطاب الديني". وقالت في سياق رفضها، إن "الأئمة يحتاجون إلى تدريبٍ جاد وتثقيف وتزويدهم بالكتب والمكتبات؛ حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذَّة بالعلم والفكر الصحيح، وحتى لا يتَّكئ الخطيب على الورقة المكتوبة وحدها؛ مما سيُؤدِّي بعد فترةٍ ليست كبيرة إلى تسطيح فكرِه وعدم قدرته على مناقشة الأفكار المنحرفة والجماعات الضالة التي تتَّخذ الدِّين سِتارًا لها، وتستخدم من بين أساليبها تحريف بعض آيات القُرآن الكريم والأحاديث النبوية عن مواضعها، والتلبيس بها على أفهام عوامِّ المسلمين، "ممَّا قد يُصعِّب على الإمام مُناقشة هذه الأفكار وتفنيدها والرد عليها وتحذير الناس منها". وأشارت هيئة كبار العلماء إلى أن "الأمر يوجب مزيدًا من التدريب للخطيب والداعية وإصقاله بمهارات البحث العلمي والدعوة والابتكار حتى يستطيع الحديث بما يُناسب بيئته والتغيرات المتطورة كل يوم، وحتى يجتمع الناس من حوله منصتين إليه". غير إن وزير الأوقاف رفض الالتزام بالقرار، قائلاً إن قرار هيئة كبار العلماء "غير ملزم للوزارة"، في الوقت الذي أصدر فيه تعليمات إلى مديريات الأوقاف بالمحافظات للمضي في تنفيذ "الخطبة المكتوبة". وكانت وزارة الأوقاف أعلنت قبل عيد الفطر عن قيامها بتشكيل لجنة علمية لإعداد وصياغة موضوعات خطب الجمعة "بما يتوافق مع روح العصر من قضايا إيمانية وأخلاقية وإنسانية وحياتية وواقعية، مع الاستمرار في توحيدها، وتعميمها مكتوبة"، وفق بيان صادر عنها.