عندما يشرف حيوان مذبوح على الموت والانتهاء، يظل وهو ينزف آخر قطرات دمه يتراقص ويتلوى ويدفع بأطرافه فى كل اتجاه، محاولاً الإفلات من شبح الموت الذى تراءى له، وقد يتسبب وهو يقوم بهذه الحركات اليائسة فى إصابة من يذبحه، إن لم يتم شد وثاقه جيدًا، لكنه مع الوقت تفتر قوته وتتراخى أطرافه ويسكن ويستسلم للأمر الواقع ويموت. هذا هو حال من أسميناهم بالفلول، والذين انتشروا فى أنحاء سفينة الوطن كالفئران يقرضون بكل ما استطاعوا من قوة قاع هذه السفينة ليغرقوها بمن عليها، دون أدنى وازع من ضمير أو إحساس بالمسئولية تجاه هذا الوطن وهذا الشعب الذى اعتاشوا فى ظله وتطفلوا على مقدراته واحتكروا خيره لسنوات طويلة. قد نكون أخطأنا فى تساهلنا وعدم شد وثاقهم جيدًا، ظنًّا منا أن بعضهم ممن كان يعاون النظام السابق عن اقتناع ومبادئ سيعيد النظر فى تلك "المبادئ"، ويتخلص من تلك الأفكار ويتماهى مع حالة الوطن الجديدة، وأن بعضهم الآخر ممن كان يساير النظام لينتفع منه ويتكسب المكاسب الحرام سينزوى ويتراجع ويستسلم، ويحاول أن يبدأ حياة جديدة، ويعدل من سلوكه، حتى لو أصر على الاستمرار فى سياسة ركوب الموجة والأسلوب النفعى الرخيص متماشيًا مع النظام الجديد. أما وقد ظهر لنا أن البعض من هؤلاء ما زال مصرًّا على مقاومة الإصلاح، وما زال يحاول بكل ما أوتى من قوة تعطيل مسيرة الوطن نحو الاستقرار الذى يمهد لتغيير صورة هذا الوطن وإسعاد شعبه، فإنه ينبغى على هذا الشعب "الطيب" أن يواجه هؤلاء بنوع آخر من المواجهة، لا يقتصر على عزلهم فقط، وإنما بالأخذ على أيديهم بكل ما يضمن كف أذاهم ووقف شرورهم وإحباط مخططاتهم الدنيئة. ليس ظلمًا ولا تعميمًا للأحكام إن أخضعنا كل من تعامل مع النظام السابق للرقابة المشددة، وتقليم أظافره كلما نمت، وليس خروجًا عن سلمية الثورة تطهير مؤسسات الدولة من هؤلاء، وعدم الترفع عن ذكرهم بأسمائهم وفضحهم، وعقد المحاكمات "الثورية" لهم، تلك المحاكمات التى ينبغى أن يضغط فى اتجاه عقدها البرلمان الشرعى المنتخب من أبناء هذا الشعب، ممارسًا لصلاحياته بمساندة من انتخبوه ووقوفهم خلفه، ومعاونته بإعادة تشكيل اللجان الشعبية، والتواصل بين هذه اللجان وبين أعضاء البرلمان فى كل مدينة وقرية على أرض مصر. وقبل هذا ومعه أطالب كل المخلصين الذين لا هم لهم إلا مصلحة الوطن أن يتوحدوا وينبذوا خلافاتهم، فمهما اختلفنا على الوسائل لا ينبغى أن نتفرق بسببها أمام العدو المشترك، وهذا يتطلب قدرًا كبيرًا من الوعى، الذى يجب أن يشيعه العقلاء من جميع التيارات فى أوساط أتباعهم والمنتمين إليهم. إن حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أهل السفينة ينادينا، فإما أن نترك هؤلاء الخارقين لها وما أرادوا فنهلك جميعًا، وإما نأخذ على أيديهم فننجو جميعًا، فمدوا أيديكم. [email protected]