فاجئ البنك المركزي، السوق المصري اليوم برفع العائد على الإيداع والإقراض للمرة الثانية على التوالي، بواقع 1٪، ليصل عائد الإيداع إلى 11.75٪ ، والإقراض 12.75٪، ليرتفع بذلك سعر الائتمان والخصم بنحو 1٪ ليصل إلى 12.25٪. وقال خبراء اقتصاديون إن السياسات المالية للدولة لازالت غير قادرة على زيادة مواردها من الضرائب وبالتالي سيحدث مزيدًا من عجز الموازنة، يستدعي مزيدًا من الاقتراض الداخلي، مع طبع المزيد من العملة، وتراجع الطلب، ومن ثم التأثير على معدلات النمو، وارتفاع معدل البطالة مما يؤدي لمزيد من التضخم. وانتقد عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي والمصرفي, قرار رفع سعر الفائدة، قائلاً إنه كان ينبغي على "المركزي" تثبيت العائد خلال الفترة الحالية. وأضاف ل"المصريون": "قرار رفع سعر الفائدة يوضح أن "المركزي" مازال غير قادر على خفض التضخم، وأن هناك احتمالاً لمزيد من ارتفاع الأسعار خلال الفترة القادمة، في ظل اتجاه الدولة لرفع كافه الرسوم على الخدمات الحكومية، ما سيؤدي لمزيد من التضخم بخلاف التضخم الناجم عن انخفاض الجنيه أمام الدولار" وتوقع اتجاه "المركزي" لخفض قيمة الجنيه خلال الفترة القصيرة القادمة، ما يعني مزيدًا من التضخم. وأشار حسانين إلى أن "السياسة المالية للدولة لازالت غير قادرة على زيادة مواردها من الضرائب، وبالتالي مزيد من الاقتراض الداخلي مع طبع المزيد من العملة، مما يؤدي لمزيد من التضخم, وانخفاض الحصيلة الجمركية خلال الفترة القادمة بسبب انخفاض فاتورة الاستيراد بنسبه تزيد عن 25٪، مما بعني انخفاض الإيرادات الحكومية ومزيد من العجز في الموازنة". وذكر أن "رفع الفائدة بهذا الشكل غير المسبوق سيؤثر بالسلب على الاستثمار والتشغيل وارتفاع تكلفه الاقتراض، وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج وبالتالي مزيدًا من ارتفاع في الأسعار، ومع الوقت سيحدث انخفاض للطلب المحلي والدخول, ونتجه للركود التضخمي وهي المرحلة الأخطر في مراحل التضخم المختلفة، لأننا بالفعل في حاله ركود حاليًا". وتابع: "المتوقع أن ترتفع نسبة البطالة كنتيجة لانخفاض الإنتاجية واتجاه أصحاب الأعمال إلى تسريح جزء من العمالة المؤقتة، وأيضًا ارتفاع تكلفة العائد على أذون الخزانة والسندات الحكومية، وبالتالي ارتفاع فاتورة الباب الرابع من بنود الموازنة العامة للدولة، ويؤدي ذلك إلى زيادة عجز الموازنة وبالتالي مزيدًا من الاقتراض الداخلي بأسعار عائد مرتفعة". واستطرد الخبير المصرفي: "انكماش الطلب على الائتمان المصرفي ودخول البنوك في حاله ركود ائتماني وتوجيه الفوائض المالية للاستثمار في أدوات الدين الحكومية المضمونة وذات العائد الأعلى والآمن، ستكون له أثار ناجمة عن زيادة الفائدة المتكررة، بالإضافة إلى مطالبات عمالية محتملة لرفع رواتبهم في ظل هذا الارتفاع في الأسعار والتضخم وحدوث احتقان وسخط وتأثير سلبي على البورصة، لأن المستثمر سيفضل البنوك لارتفاع الفائدة الآمنة". وتوقع حسانين أن تتجه بعض البنوك إلى رفع العائد المدين على الأرصدة المدينة المستحقة القائمة على العملاء ما يدفع بالعملاء إلى أحد طريقين، إما سداد المستحقات وتخفيض الرصيد المدين لأدنى رصيد ممكن تجنبًا لدفع فوائد مرتفعة، أو الدخول في طريق التعثر وطلب إعادة الجدولة وربما مع الوقت الدخول في تسويات وطلب خفض العائد المدين أو تنازل البنك عن بعض مستحقاته. وبالرغم من الأثار السلبية، لفت حسانين إلى أن "هناك جانبًا إيجابيًا من القرار يتمثل في مساعده أصحاب الودائع نسبيًا وتجنيبهم تآكل مدخراتهم بفعل التضخم نسبًيا, وارتفاع أرباح البنوك من استثماراتها في أذون الخزانة والسندات الحكومية ومحاوله امتصاص التضخم نسبيًا". في سياق متصل، أوضح أيهاب سعيد خبير أسواق المال، أن "الركود التضخمي لا يكون علاجه برفع أسعار الفائدة، خاصة وأنه ينتج من ارتفاع أسعار السلع بفعل زيادة التكلفة، بما يؤدى لتراجع الطلب ومن ثم التأثير على معدلات النمو وارتفاع معدل البطالة". وأضاف أن "رفع في أسعار الفائدة سينتج عنه زيادة في التكلفة مع استمرار في التباطؤ ومزيد من الركود التضخمي,الذي يهدد وبحق السلم الاجتماعي".