شنت صحيفة "نيويورك تايمز" هجوما غير مسبوق على المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب, ووصفته بأنه "عدواني وغير وطني", بسبب ما سمته استغلاله السياسي الفج للهجوم المسلح على ملهى الشواذ في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا. وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها في 14 يونيو, إن "حس القيادة والوطنية يتضح في أوقات الأزمات والكوارث, وهو ما يفتقده ترامب تماما", حيث سارع لتهنئة نفسه على "تويتر", بحجة توقعه مسبقا بمثل هذا الهجوم". وتابعت " ترامب استغل أيضا الهجوم لاستئناف هجومه على المسلمين، حيث دعا مجددا إلى حظر دخولهم الولاياتالمتحدة, وإغلاق المساجد". واستطردت الصحيفة " هذه الدعوة غير مجدية بالمرة, لأن منفذ الهجوم على الملهى الليلي عمر متين, هو مواطن أمريكي مولود في نيويورك, وعاش في فلوريدا". وأضافت " ترامب حاول تفادى ذكر الحقيقة السابقة وخداع الأمريكيين, عبر وصفه متين بالقاتل الأفغاني". وكان الكاتب الأمريكي ديفيد إغناشيوس حذر أيضا من تداعيات خطيرة للتصريحات العدائية, التي يطلقها دونالد ترامب ضد المسلمين, والتي زادت وتيرتها في أعقاب الهجوم المسلح على ملهى للشواذ في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا. وقال إغناشيوس في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" في 14 يونيو, إن دعوات ترامب المتكررة إلى حظر هجرة المسلمين لأمريكا, وإغلاق المساجد, وإجبار المسلمين المقيمين أصلا في أمريكا على التسجيل لدى السلطات, تصب فقط في صالح تنظيم الدولة "داعش". وتابع " استعداء المسلمين جميعهم أمر خطير سيدفع المسلمين إلى الاقتناع بأنهم مستهدفون كمسلمين، وهو أمر يهدف إليه تنظيم الدولة, الذي يعيش آخر أيامه, بالتضييق عليه من كل الجوانب في سورياوالعراق، ولم يتبق له إلا استعداء الغرب للمسلمين كأمة واحدة". وأضاف إغناشيوس " الهجمات الإرهابية الفردية على غرار مجزرة أورلاندو ليست أخطر من استعداء ترامب للمسلمين جميعا". واستطرد " تصريحات ترامب قد تكون أخطر, لأنها ستؤدي إلى زيادة انتشار داعش وظهور تنظيمات أخرى على غراره, بينما الهجمات الفردية قد تستطيع أجهزة الأمن والاستخبارات التصدي لها". وكان ترامب زعم أنه كان محقا بشأن موقفه مما سماه "الإرهاب الأصولي الإسلامي"، وذلك تعقيبا على الهجوم على ملهى الشواذ في أورلاندو. وكتب ترامب تغريدة بعد الهجوم بساعات, قال فيها :"إنه كان محقا بشأن بالإرهاب الأصول الإسلامي", وتابع " أقدر التهاني لي لأنني كنت محقا بشأن الإرهاب الأصولي الإسلامي.. لا أريد تهاني.. أريد شدة ويقظة.. ينبغي أن نكون أذكياء". كما نقلت "رويترز" عن ترامب قوله إن على الرئيس باراك أوباما أن يتنحى. وبدورها, حرضت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية, هي الأخرى ضد المسلمين, قائلة في تقرير لها في 13 يونيو, إن أوباما أخطأ كثيرا, لأنه لم يربط ما سمتها مذبحة الملهى الليلي, ب "الإسلام". كما انتقدت الصحيفة الليبراليين الذين ينتقدون العمليات السرية لمراقبة ومعرفة ما ينوي عمله بعض المشتبهين من المسلمين في الولاياتالمتحدة. وتابعت " جزء من ميراث أوباما الرئاسي هو نمو تنظيم الدولة لمستويات خطيرة تحت سمعه وبصره، مزدهرا في الفراغ السياسي, الذي خلفه في العراق". ودعت الصحيفة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي " اف بي اي" لتشديد عمليات مراقبة "الإرهابيين المحتملين" من المسلمين. وكانت شبكة "سي بي إس" الأمريكية أشارت إلى سقوط 50 قتيلا وأكثر 53 جريحا في إطلاق نار واحتجاز رهائن في ملهى للشواذ بمدينة أورلاندو في 12 يونيو . ونقلت "سي بي إس" عن مصادر أمريكية رسمية قولها إن منفذ عملية إطلاق النار في الملهى أمريكي من أصل أفغاني، يدعى عمر متين (29 عاما). وتبنى تنظيم الدولة "داعش" الهجوم الذي وقع داخل ملهى الشواذ في أورلاندو, وقالت وكالة أعماق التابعة للتنظيم إن أحد أفراد التنظيم نفذ الهجوم الذي وقع الأحد 12 يونيو في أورلاندو, التي تعد من أكبر الوجهات السياحية في الولاياتالمتحدة. وأطلق المسلح النار داخل الملهى، واحتجز بعد ذلك رهائن, واستمرت العملية نحو ثلاث ساعات، قبل أن تتدخل قوة أمنية وتقتل المهاجم. ونشرت حسابات موالية لتنظيم الدولة صورا للمنفذ عمر صديق متين, فيما أكد مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي (اف.بي.اي) أن اتصالات أجراها عمر متين على رقم الطوارئ 911 قبل بدء الهجوم مباشرة تضمنت إعلان مبايعته للتنظيم. كما قال مكتب التحقيقات إن المنفذ كان موضع تحقيق عامي 2013 و2014, إلا أنه لم يكن تحت الرقابة قبل الهجوم على الملهى. وفي أول تعليق له على هجوم فلوريدا, أكد مير صديق والد عمر صديق متين, أنه لم يعلم بما خطط له ابنه. ونقلت "الجزيرة" عن مير صديق قوله في تصريحات لوسائل إعلام أمريكية, إنه يستبعد أن تكون للهجوم علاقة بالدين. وأضاف أن ابنه شعر بالغضب عندما ارتكب شاذان جنسيا قبل شهرين عملا منافيا للأخلاق, بينما كان مع زوجته وأطفاله في الشارع. وبعد يوم من الهجوم, أكد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف. بي. اي) جيمس كومي أنه لا يوجد دليل على أن منفذ هجوم أورلاندو جزء من شبكة أو مخطط خارجي. وأضاف كومي في مؤتمر صحفي أن منفذ هجوم أورلاندو اتصل بالشرطة قبل الهجوم ليخبرهم بأنه يبايع زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي وأنه يقوم بهذا الهجوم من أجله. وأكد كومي أن مطلق النار ربما تأثر بجماعات متطرفة أجنبية، وأضاف أن "هناك دلائل قوية على أن القاتل تبنى معتقدات متشددة، وعلى احتمال تأثره بجماعات متطرفة أجنبية". وقال إن عمر متين كان يدعي في تحقيقات سابقة أنه على صلة بحزب الله اللبناني. وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه لا يوجد دليل واضح على أن منفذ هجوم أورلاندو جرى توجيهه من الخارج، مشيرا إلى أنه قد تأثر ب"الدعاية المتطرفة" عبر الإنترنت. وأوضح أوباما أنه يجري التحقيق في الهجوم على أنه حادث إرهابي وأن المحققين يدرسون المواد التي دخل عليها على الإنترنت لمعرفة طريقة تفكير المهاجم، مشيرا إلى أن الهجوم يوضح الحاجة إلى مواجهة الدعاية المتطرفة على الإنترنت، وكذلك ملاحقة الإرهابيين في الخارج. وفي غضون ذلك، أعلن قائد شرطة مدينة أورلاندو أن عدد ضحايا الهجوم على الملهى استقر عند 49 قتيلا، إضافة إلى مطلق النار.