في خضم الصراعات السياسية الشرسة الدائرة بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين من جهة، والقوى والحركات الثورية من جهة أخرى، جدد بعض الشخصيات ذات الثقل السياسي، الدعوة لهدنة أو تهدئة بين أطراف الصراع في شهر رمضان الكريم. كان آخر الداعين لهذه الهدنة الدكتور محمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق ونائب رئيس الجمهورية السابق، الذي قال في آخر تغريداته على "تويتر": "يمكن أن نأخذ هدنة فى الشهر الكريم من الكراهية والعنف والإفك والهمجية". وأضاف البرادعي في نبرة يغلب عليها الأسى أن الكل يخسر والوطن يعانى، مضيفا: "حان الوقت لنسلك دربا آخر". الهدنة يقصد بها تنحية الصراع السياسى جانبًا، والتجاوز عن الخلافات، وتوقف الاعتقالات والمظاهرات وكل مظاهر الصراع السياسى فى البلاد، وتوقف وسائل الإعلام عن بث سمومها وأحقادها، تمامًا كما يحدث فى الحروب العسكرية والأهلية، عندما يتوصل أطراف النزاع إلى اتفاق لوقف المعارك، لإعطاء الفرصة للمفاوضين لإمكانية فض الاشتباك بالطرق السلمية بعيدًا عن الاقتتال. وكانت "المصريون" قد بادرت العام الماضي وطرحت هدنة سياسة مماثلة لما يدعو لها البرادعي هذا العام، لكن اصطدم الطرح برفض المبادرة. موضوع ذات صلة : «هدنة سياسية».. منحة رمضان المرفوضة
ولم تكن الآراء هذا العام أحسن حظًا من العام السابق، إذ أكد حقوقيون وسياسيون ونشطاء أن النظام لن يرضى بأي هدنة مع المعارضة حتى لو في شهر رمضان، مشيرين إلى أن النظام سيستمر في سياسة القضاء على المعارضة دون اعتبار أو تفرقة بين الأيام. وفي هذا السياق، يقول محمد أبو ذكري، مدير مركز نضال الحقوقي، إن النظام لا يتعامل مع الشعب أو المعارضة من منطلق الروحانيات وشهر رمضان، بل يتعامل من منطلق المصلحة الشخصية وهو أن يستمر في الطريق الذي يراه من وجهة نظره الطريق الصحيح لتقويم الأوضاع في البلاد. وأضاف أبو ذكري في تصريحاته ل"المصريون" أن المعارضة الحقيقية، لن تسمح أيضا بهدنة مع النظام، لاسيما أنهم معترضون على بعض الأوضاع، كما أن قبولها بأي هدنة قد يورطها بالتواطؤ مع النظام. وأشار مدير مركز نضال الحقوقي، إلى أن النظام ورث فكرة سوداء عن المعارضة، وأنه لو قام بعمل هدنة سوف ينتهك حرماتها، مؤكدا أن الحالة الوحيدة التي سيقوم فيها النظام بعمل هدنة هي عندما تكف المعارضة عن المطالبة بحقوقها وعمل الفعاليات من تظاهرات، وقتها فقط سيقوم النظام بعمل هدنة وهو ما لن تستجيب له المعارضة، وبالتالي ستستمر الأوضاع كما هي. أما الكاتب السياسي والبرلماني السابق، أمين إسكندر، أكد أن الرئيس لو أراد أن يهنئ المواطنين في تلك الأيام الكريمة، فسينتهز فرصة شهر رمضان ويفرج عن الشباب الذين لم يرتكبوا جرائم مسلحة ولم يتورطوا فيها، ويلغي الحبس الاحتياطي. لكن إسكندر توقع في تصريحاته ل"المصريون"، رفض الرئيس لهذه الأطروحات. وفي السياق ذاته رأت الناشطة ماهيتاب جيلاني، عضو لجنة الخمسين، أن النظام الحالي في حالة جبروت ولا يؤثر عليه رمضان أو غيره، ويمارس الضغط النفسي على المعارضة لتبتعد عن التدخل في شئونها. وأضافت جيلاني، في تصريحاتها ل"المصريون"، أن المعارضة لن تكف عن المقاومة وتحاول الضغط على النظام من خلال الفعاليات التي تنظمها في محاولات مستميتة للإفراج عن المعتقلين، وكان آخرها الاعتصام والإضراب عن الطعام بالتناوب مع بعض الأحزاب ومنها "الكرامة، والدستور، العيش والحرية".