كشف الكاتب الصحفي والشاعر محمد العسيري، عن مفاجآت جديدة ربما لم يعرفها كثيرون عن الإعلامي محمد ناصر المذيع بقناة «الشرق» التي يرأسها الدكتور أيمن نور والتي تبث من تركيا. وقال «العسيري» في مقاله المنشور ب«البوابة نيوز»، :« فى أوائل التسعينيات كنت أسكن فى شارع خلف أكاديمية الفنون.. وكان الموسيقار الشاب وجيه عزيز يسكن في شقة قريبة منى.. وكان معظم النجوم الجدد من طلبة الأكاديمية يعيشون هناك.. المخرج على رجب.. النجم صبرى فواز.. كمال أبورية.. وعشرات غيرهم.. وكان من الطبيعى أن أتعرف على «وجيه عزيز».. الذى لفتت ألحانه نظر وسمع الكثيرين ومنهم محمد منير فقرر التعاون معه». وتابع:«وفى شقة وجيه التقيته لأول مرة.. شاعر معجون شقاوة وتمرد.. كلمات أغنياته جديدة تمامًا.. كان ريفيًا مثلنا.. هو ليس مجرد شاعر وصديق لوجيه، لكنه بلدياته أيضًا وكان معهما المخرج الشاب عادل أديب.. كانوا يعدون لعمل مسرحى تقدمه فرقة أطفال تابعة لجمعية أهلية بالمنيا.. كانت الفكرة مبهرة.. والكلمات جديدة ومستفزة والأطفال مدهشين وكأنهم فريق سيمفونى من باريس». وأوضح أنه «: كان كل ما سمعته لمحمد ناصر قبل هذه الليلة لا يتعدى خمس أغنيات أشهرها «مش نظرة وابتسامة» لسيمون.. لكن ما سمعته من وجيه وقد كان يعده لألبوم خاص به ولا يجد له منتجًا وقرر أن ينتجه من جيبه الشخصى بالتعاون مع الموزع هشام نزيه - صاحب موسيقى مسلسل الوصايا السبع - أكثر جرأة». واستطرد "العسيري" كلامه عن "ناصر" : ثم قرر عادل أديب تقديم تجربته الأولى فى عالم السينما مع أحمد زكي.. الذى قرر أن يضم للفيلم إحدى أغنيات ناصر ووجيه: «وإن ما قدرتش تضحك.. ما تدمعش.. ولا تبكيش.. وإن ما فضلش معاك غير قلبك.. اوعى تخاف.. مش هتموت.. لأ.. هتعيش». وقال :" ومثلما أبهرنى ما يكتبه ناصر.. تجاوب الناس مع أغنية الفيلم.. ولا يزال من يسمعها يشعر بنفس الإحساس.. وتوالت الأغنيات.. «بقالنا كتير ما سلمناش على بعض.. نفس الإحساس عندك.. إلخ»، ولم أستغرب أن ناصر نفسه هو أحد الموهوبين الذين قدمتهم سلمى الشماع فى تجربة قناة المنوعات.. وكانت قد حققت نجاحًا مبهرًا وقت ظهورها.. وكان هو أحد عناصر نجاحها". وأشار الكاتب الصحفي والشاعر إلى أنه ": فى تلك الفترة لاحظت أنه «يمثل» ما يكتبه.. وأن لديه قدرات خاصة أثناء إلقاء ما يكتبه من أشعار تكمل صورة الشاعر المتمرد.. لكنه غير مأزوم على الإطلاق.. ولم تكن ملابسه تشبه أولئك الصعاليك الذين كنا نتعثر فيهم فى مقاهى وسط البلد.. بل كان يصر على أناقته بشكل ملحوظ.. ثم فاجأنى بأنه أصبح مذيعًا.. يكتب ويقدم برنامجًا اسمه «إنت أكيد فى مصر» حقق نجاحًا معقولاً.. وموازيًا لنجاح أغنياته مع وجيه الذى كان قد تعاون مع آخرين مثل مجدى نجيب وكوثر مصطفى ومحمد حسني. وأصبح «ناصر» مذيعًا.. حتى جاءت حلقة استضاف فيها زميلنا «أشرف عبدالشافى» ليعلن فجأة توقف برنامجه!". وتابع": ورغم كل مساحة التفاؤل والتحدى التى تتقاطر من كلمات أغنيات محمد ناصر.. كان هناك شيء خفى فى شخصيته لكننى كنت أظنه «اضطراب الشاعر».. فلا يوجد شاعر على وجه الأرض يثبت على حال.. ولا يوجد شاعر على الأرض تعجبه الأحوال التى قد يرضى بها كل الناس ويعتبرونها مكسبًا!! القناعة كنز لا يفنى إلا فى عرف الشعراء!! فهى مش كنز من أصله". وأضاف الشاعر ":من هذه الزاوية فقط يمكننى فهم ذلك التحول الغريب الذى ذهب بشاعر رقيق.. حالم.. مع التنوير.. وضد الجهل والعنف والإرهاب قطعا إلى أن يكون واحدًا من مدافع الإرهاب فى الخارج.. مرة فى قناة الشرق.. وأخرى فى مكملين.. أو العكس.. يختفى الشاعر.. وتظهر الهستيريا.. يختفى الممثل الرقيق.. ليظهر ممثل آخر.. يرتدى أقنعة لم تخطر فى بال أى مخرج مسرح من الذين أخرجوا مسرحياته". وأشار إلى أن ": محمد ناصر مقتنع تماما - كما يبدو فى برامجه - بما يفعل.. ويظن أنه تحول لمناضل.. مثل جيفارا.. ومثل كل الشعراء القدامى.. هجر الغناء.. ليغنى - نشازًا - عن روح «المحب».. الذى كان يحلم أن يبنى بيتا - مع أطفال الصعيد - وأن يصنع من الأمل أجنحة. شاعر كان يتعبه أننا «بقالنا كتير ما كلمناش بعض.. ما شفناش بعض.. ما سلمناش على بعض» يقف فى نفس الخندق الذى يسلم فيه الناس على بعضهم بالقنابل.. كيف حدث ذلك؟!". ربما ذهب البعض فى وقت ما إلى حد المناداة بعقاب أهل ناصر فى بنى سويف.. وربما لا يعرف الذين ذهبوا لحرق منزله هناك ماذا كتب من قبل.. للشوارع.. والشجر.. والبنت اللى بتدارى خجلها فى «الفيونكة». وربما لا يعرفون كيف حدث له ذلك التحول، وربما لا يستطيع أحمد عكاشة ورفاقه من رجال الطب النفسى تفسير ذلك.. لكننى أعرف أن الشعراء لا يموتون مرة واحدة.. يموتون على مراحل.. وأن ما حدث لمحمد ناصر - الذى كنت أزعم أننى عرفته - مجرد موت مؤقت.. وأعتقد أن الشاعر الحقيقى الذى يسكنه سيعود حتمًا ليغنى من كلماته: و«إن سألوك الناس عن ضي.. جوه عيونك.. ما بيلمعش.. قولّهم العيب مش فيا.. العيب فى الضى».. زغللت التحولات الجسام التى مرت بها مصر.. وعالمنا العربى.. معظم العيون.. وقطعًا عيون ذلك الفتى كانت من بينها". يذكر أن محكمة جنح الدقي أصدرت حكما أول أمس، بحبس المذيع محمد ناصر مقدم برنامج "مصر النهاردة" على قناة الشرق ، والتي تبث من تركيا، عامين وكفالة 5000 جنيه لاتهامه بالتحريض ضد ضباط الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة.