6 صحف تحدثت عنه فوقف طباعتها.. الإلحاد يجمح فكر السعداوى.. السيسى يمنع "رفعت" لعيون الطفل المدلل حواديت العباسين ولغز القبض على "دياب".. منع وزير الخارجية الأسبق بسبب تيران وصنافير "طوفان السيدة" يغرق "حمزاوي".. وسياسي: منع المقالات تداعيات وجود حاكم عسكرى لدولة مدنية
يجلسون على مكاتبهم ويمسكون بأقلامهم وهم يرتشفون فنجان القهوة المعهود، ليرن جرس التليفون بمكالمة من مسئول وبلهجة حادة وصارمة "احذف هذا المقال"، كلمة ربما لم تكلف صاحبها دقائق ليقولها، بينما تحمل فى طياتها الكثير، فأحدهم فقد بها آخر متنفس له والبعض فقد المنبر الوحيد الذى يترجم به أفكاره ويدافع عنها، وآخرون كانوا يعتقدون أن زمن المقالات الممنوعة قد ولى ولكن خاب ظنهم. فما بين انتقاد الرئيس والاتهام بالترويج للإلحاد وقعوا كتاب زمن السيسى فى دائرة مغلقة بأسوار حديدية موثقة، وأصفاد حديدية على استعداد أن تكبل كل من خرج عن النص. "أتكون طفلة ملحدة؟" آخر المقالات التى لم يكتب لها القدر أن تطبع، حيث فوجئت الكاتبة الصحفية نوال السعداوى، بعدم نشر مقالها "أتكون طفلة ملحدة؟"، الذى كان مقرراً نشره فى العدد اليومى من جريدة الأهرام، فى عدد 25 مايو، والتى رفضت الخنوع لسلطة المنع والوقوف صامتة، وإنما أعادت نشر المقال على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، وأوضحت أن جريدة الأهرام تنشر مقالاً نصف شهرى لها، وذلك منذ سقوط مبارك فى 2011، وأن هذه هى المرة الأولى التى يمنع فيها نشر مقال لها.
وتعرض المقال الممنوع لنقد الأفكار الدينية والخطاب الديني، كما أشارت فيه للفهم الفلسفى للدين، وناقشت مسألة الإلحاد وطبيعته، حيث بررت دوافع أكثر من 4 مليارات إنسان فى عدم اعتناق دين بعينه.
ومن أبرز ما جاء بالمقال: "واتهمنى المدرس فى طفولتى بالإلحاد لأن إيمانى يختلف عن إيمانه، وكان يؤمن أن الأولاد أفضل من البنات، ويرى الله على شكل حروف مطبوعة فى الكتاب، ثم يطلب منى حفظها عن ظهر قلب دون فهم"، وبدت السعداوى متحدية لقرار المنع بعد أن قالت إن "أفضل خدمة من الممكن تقديمها للأفكار الجيدة هى منعها، كل ممنوع مرغوب، الحادثة أظهرت طغيان الجهود الشبابية فى المواقع الإلكترونية على صحيفة كالأهرام، وخلال اليومين الماضيين أبلغنى الشباب أن عدد قراءات المقال تخطى 300 ألف قراءة". وترصد "المصريون" أبرز المقالات الممنوعة من النشر في عهد السيسي: كيف تصبح طفلاً للرئيس أول المقالات التى عانت ويلات المنع وتصدرت بداية فترة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكانت من نصيب صحيفة "الصباح"، حيث منعت مؤسسة الأهرام، طباعة العدد الأسبوعى لها، بسبب تضمنه مقالًا عن محمد بدران، رئيس حزب مستقبل وطن، وأحد الوجوه التى يكثر ظهورها برفقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونشرت الجريدة المقال، على موقعها الإلكتروني، والذى كتبه أحمد رفعت وجاء بعنوان: "كيف تصبح طفلاً للرئيس فى تسع خطوات"، ونشر فى الصفحة الرابعة عشر، وغيرته إدارة الجريدة ووضعت آخر مكانه حتى يسمح بطباعة العدد.
وانتقد رفعت فى مقاله ما قاله بدران فى ندوته بنفس الجريدة، والتى أشار فيها إلى أن حزب "مستقبل وطن" ليس حزب رئيس الجمهورية، وأنه قال للرئيس السيسى إن الحزب من الممكن أن يعارضه، إذا حاد عن تنفيذ خارطة الطريق، ليرد عليه رفعت بمقال يهاجمه فيه ويعتبره الفتى المدلل لرئيس الجمهورية، ويشير إلى أن مستقبل وطن خارج من بطن النظام، وهو ما تسبب فى منع طباعة الصحيفة. حواديت العباسيين واتخذ الكاتب جمال الجمل، من "المصرى اليوم" منبرًا للتعبير عن رأيه بحرية ونشر أفكاره دون عائق، ولم يرد يوما أن تتحمل الجريدة أو أى من العاملين بها أى ضرر من جراء مقالاته، لكن يبدو أن الأمر كان خارجًا عن السيطرة هذه المرة، حيث أصدر الجمل بيانًا كشف فيه عن إيقاف مقاله بالمصرى اليوم، مشيرا إلى أنه بذلك فقد آخر منبر يؤذن منه للحرية والمستقبل.
وأشار فى بيانه إلى سبب منع المقال أنه كان يتمنى أن يدفع بنفسه ثمن مقالات "حواديت العباسيين"، دون إضرار بأحد أو بالصحيفة التى أعتز بها، لذلك توجس من طريقة القبض على مؤسس "المصرى اليوم" المهندس صلاح دياب، وتمنى ألا يكون للأمر علاقة بمحتوى الصحيفة وحرية كتابها.
وأضاف الجمل، فى بيانه الذى نشره على صفحته على "فيسبوك" أن المصرى اليوم– طبقا لبيانه - أكثر المنابر استقلالاً وحرية، وهى القاطرة التى تستطيع أن تقود الصحافة المستقلة وسط هذه الغابة الخطرة، وأؤمن أن الحفاظ عليها يتطلب تضحيات، آملا ألا تنتقص من جرأتها على انتزاع القدر الممكن من حرية الرأي، وفرص التعبير، حسب الظروف المتاحة.
ومن أبرز ما جاء فى المقال، "فلتسقط الرقابة".. فصادروا السماء - الآن حوصرت تماما، وفقدت آخر منبر أؤذن منه للحرية والمستقبل. كنت أتمنى أن أدفع بنفسى ثمن مقالات "حواديت العباسيين"، دون إضرار بأحد لكن الرسائل كانت واضحة، وأقول أننى كنت أنتظرها، فأنا أكتب بلا حسابات للأسقف المنخفضة، فى بلد صار كل شئ فيه منخفضا، بلد نغرس فى أوحاله الورد فيرمينا بالشوك، نغنى فيه للأمل وبالأمل فيغرقنا فى اليأس والبؤس، ننصره فيخذلنا. إنما لابأس، سأواصل الغناء، وأوزع الأمل فى الطرقات، وأقاوم القبح والفساد، وأشارك الصالحين حياتهم وأمنياتهم، فعلى الأقل حققت نصف ما أحلم به: عصفور طريد أفضل من احتراق العش بما فيه من عصافير. تيران وصنافير.. مصريتان مقال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الممنوع من النشر فى إحدى الصحف القومية والتى فضل عدم ذكرها، احتراما للالتزام الأخلاقي، فقام السفير بنشره على حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، ربما كان السبب يكمن فى تطرقه للحديث عن منطقة محرمة بأمر الرئيس.
ومن أبرز ما جاء فى المقال "فى فمى ماء كثير.. ولكن الأمانة تقتضى أن أتكلم... عندما رأيت ما يشبه رقرقة الدموع فى النظرة الحزينة لرئيس عمليات الجيش المصرى السابق اللواء عبد المنعم سعيد، وهو يؤكد بألم أن: "تيران وصنافير.. مصريتان". ومن أبرز ما جاء به: "أرجو أن يمتنع المتنطعون والبصاصون لأن المقال لن يتهم أحداً، ولكنه سوف يتهم منهجاً وسياسات أرانى مختلفاً معها ورغم أن لدى ما يثبت بشكل قاطع ملكية الشعب المصرى لهاتين الجزيرتين، إلا أننى أزعم لنفسى امتيازاً خاصاً عليهما، لأننى قاتلت لاستعادتهما ضمن باقى أراضينا المحتلة عام 1973، وأعتبر دمائى ودماء رجالى التى نزفت على تلك الرمال المقدسة بمثابة التوقيع على عقد الامتياز الخاص لنا". حسام السكري هو الآخر لم يصمت فيما يخص تيران وصنافير، حيث نشر الكاتب الصحفى حسام السكري، مقالاً له تم منعه من النشر فى صحيفة الشروق، مقدمًا الاعتذار لقرائه بسبب رفض نشره لظروف خارجة عن الإرادة.
وإلى نص المقال: "فاشية زمان.. دمرت أوطانًا بعد أعوام أتمنى أن تكون قليلة، سيقرأ الناس فى كتب التاريخ أن قوما وقفوا فى مصر ليقولوا: - إن مصر ملك لشعبها وإن التفريط فى أرضها وثرواتها، وتداول مصائر أهلها فى مجالس مغلقة جريمة تستوجب المحاكمة. إن مهمة الجيش المقدسة والوحيدة هى الدفاع عن الوطن، وتأمين شعبه، وليس من مهامه الاستحواذ على الأراضى وتأجيرها أو بيعها، أو الاتجار فى الرملة السودة، إن ميزانية القوات المسلحة ينبغى أن تناقش علنا، وأنشطتها لابد أن تخضع للقانون والتفتيش من هيئات الرقابة".
"طوفان السيدة" يغرق حمزاوي إحدى المعارك التى كان فيها "فيسبوك" شاهدا، حيث نشبت معركة كلامية بين رئيس تحرير جريدة الشروق عماد الدين حسين، والدكتور عمرو حمزاوي، أحد كتاب المقال بالجريدة، وبدأت المعركة حينما ذكر حمزاوى أن "الشروق" منعت مقاله "طوفان السيدة"، فضلا عن مقال "برلمانهم هم"، وأبلغته بقرار المستشار القانونى بمنع النشر.
وقال حمزاوي، فى تعليق له على موقع التواصل الاجتماعي" تويتر"، إنه أرسل مقالين للجريدة الأول كان قد نشره فى جريدة القدس عن تأثير ما يفعله تنظيم "داعش" على الجاليات العربية بعد نصيحة من القراء بسبب الجدل حول المقال، والثانى بعنوان "برلمانهم هم"، ولكن الجريدة لم تنشر المقالين واعتذرت عن عدم نشر الثانى لأسباب قانونية.
وأضاف حمزاوي، فى تدوينة على حسابه على "فيس بوك"، أن الجريدة حذفت بعض العبارات من مقالات سابقة، مما دفعه للبحث عن بدائل للتعبير عن المصطلحات، مشيرًا إلى أن عملية البحث عن البدائل ومساحات الألم والخوف من الرقابة أفقدته الرغبة فى الكتابة.
ورد عماد الدين حسين، أن قرار منع مقاله سببه نشره سابقًا فى صحيفة القدس العربى قبل إرساله، بينما تم رفض المقال الثانى لحذف ما به من عبارات تخالف القانون، مؤكدًا أن الجريدة لا تتدخل فى آراء كتابها. عبد الملك السيسي.. عبد الفتاح الحوثي مقال الكاتب وائل قنديل ب"العربى الجديد" والذى اتخذه للتعبير عن انتقاد رحلة الرئيس للإمارات ورفضه ما تحصل عليه مصر من دعم الدول جعلها تبدو كمن يعيش أبناءه بفضل الدعم.
عبر قنديل خلال مقاله عن أن "السيسي" و"الحوثي" لا فرق بينهما حتى إن قلت عبد الملك السيسى وعبد الفتاح الحوثي، لن يكون بعيدًا عن الحقيقة.
ومن أبرز ما جاء فى مقاله: قد ذهب قائد مصر إلى رعاته الإقليميين، و ما هى إلا ساعات حتى صدرت الصحف فى مصر تغطيتها لرحلة حج الجنرال السيسى إلى الأمارات، الراعى الأول، ماديا وروحيا، لم يخطئ السيسى العنوان إذن وهو يتخبط، بعد أن حول بلدا رائدا إلى "ضيعة" تقتات على ما يلقى له من فتات، والتوقيت مختار بعناية، ويعود الجنرال من "رحلة الجوع" الخارجية ليخرج إلى "رحلة الخوف" الداخلية، مختبئا وسط قبيلته الأمنية محتفلا بشرطة ما قبل الخامس والعشرين من يناير. لماذا لا يتوقف السيسى عن دور المفكر الإسلامي؟ مقال رئيس تحرير جريدة "المصريون" جمال سلطان، والذى أبلغته مطابع جريدة الأهرام أن "جهة سيادية" قررت وقف طباعة الصحيفة اعتراضًا على مقال بعنوان "لماذا لا يتوقف السيسى عن دور المفكر الإسلامي؟"، والمرجو إزالته من صدر الصفحة الثالثة، وحذف الإشارة له فى الصفحة الأولى أيضًا، ولفت رئيس التحرير وقتها إلى أن مقاله مجرد نقد صحفى لبعض نشاطات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ربما كان النقد قاسيًا وشديدًا، ولكنه فى حدود القانون وبدون أى إساءات أو خروج على مقتضيات العقلانية السياسية وأخلاقياتها التى نحرص على الالتزام بها من غير رقيب.
وقال سلطان فى مقاله إنه: "لا يصح أن ينشغل الرئيس بالحديث المستمر يوميًا أو أسبوعيًا عن تصحيح الفكر الدينى وتجديد الخطاب الدينى وصحيح الدين وفهم القرآن وفهم السنة ويعطى التوجيهات والمواعظ لعلماء الأزهر فى ذلك، فهذا ليس دوره؛ لأنه رجل دولة وليس رجل دين، كما أنه غير مؤهل علميًا للخوض فى مثل هذه الأمور". لا للبشير مقال للدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار، والذى أكد فيه أنه تم حجب المقال من النشر فى جريدة "الأهرام"، ومن أبرز ما جاء بالمقال قال حرب": "دعوت الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا المقال لعدم المشاركة فى حفل تنصيب الرئيس السودانى عمر البشير؛ لأن الرئيس السيسى جاء بانتخابات شرعية، ولا يجب أن يشارك فى حفل تنصيب ديكتاتور مثل البشير".
وأضاف: "أكدت فى المقال على أنى مسلم بأهمية العلاقات المصرية السودانية، لكنى اعترض فقط على أن يشارك رئيس مصر فى حفل تنصيب رئيس ارتكب جرائم ضد الإنسانية، ومطلوب للعدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية".
وكتب وقتها: "بعد أن أرسلت المقال فوجئت باتصال من رئيس تحرير الجريدة، وطالبنى بكتابة مقال آخر، بحجة أن مقالى لا يتفق مع توجيهات الرئيس السيسى الخاصة بدعم العلاقات المصرية السودانية ." تيران وصنافير وقواعد تأسيس الأوطان منعت صحيفة "الأهرام" نشر مقال رئيس مجلس إدارتها، أحمد السيد النجار، للأسبوع الثانى على التوالي، ونشرت اعتذارًا عن عدم نشر مقاله وكتبت "يعتذر الأستاذ أحمد السيد النجار عن عدم كتابة مقاله الأسبوعي"، وكان هذا عقب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية . لكن "النجار" فاجأ الجميع بنشر مقاله الممنوع فى جريدته، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، تحت عنوان: "تيران وصنافير وقواعد تأسيس الأوطان والدول"، طرح فيه موقفه من أزمة جزيرتى تيران وصنافير. وفى مقاله، شدد "النجار" على أن "الوطن لا يُعار فى الوغى ويُستعاد وقت السلم"، مضيفا أنه سواء فى التاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث، والخرائط المتاحة من تلك العصور، فإن الجزيرتين والبحر الأحمر وخليج العقبة كانت تحت سيادة مصر أيا كانت الدولة التى تحكمها. سياسي: منع المقالات مخالفة صريحة للدستور قال عمرو هاشم ربيع، الباحث السياسي، إن منع مقالات بعض الكتاب يعد مخالفة صريحة للدستور، مشيرا إلى عدم وجود رقابة على تنفيذ مواد الدستور ومحاسبة المخالف. وأشار ربيع، فى تصريحات ل"المصريون"، إلى أن المنع عادة يأتى فى صالح الكاتب لأن منع نشر المقال يزيد من شهرته وشهرة كاتبه، مؤكدًا أن أهم أسباب حظر نشر بعض المقالات ترجع لأن الحاكم من أصول عسكرية ومن الصعب الربط بين حاكم بخلفية عسكرية والحياة المدنية الأمر الذى يفقد المجتمع الديمقراطية. وأضاف ربيع، أنه لم يكن هذا هو السبب الوحيد وإنما كره بعض الشعب لحكم جماعة الإخوان المسلمين جعلهم يظنون أن الحكم العسكرى هو الحل ما أوقع البلد ضحية الديمقراطية التى لم يعتد المسئولون بعد على توفيرها ما أدى لسقوط البلاد على مستوى حقوق الإنسان وحرية التعبير.