اقتحام "النقابة" تجاوز من وزارة الداخلية.. وزيارتها لأعضائها داخل السجون عودة للوراء نشهد غيابًا للرؤية.. والنتيجة تدهور الأحوال الاقتصادية نعيش فى مرحلة انتقالية قد تستمر طويلاً محاولات توجيه الرأى العام خروج عن المهنية اللُحمة الوطنية يتم تكسيرها بالهجوم على الشباب الحياة السياسية جُرفت منذ ثورة 23يوليو أطالب النظام بزيادة سقف الحرية.. والمعركة ليست سهلة
صحفية من طراز خاص، لها فبلاط صاحبة الجلالة، والعمل النقابى باع طويل، تستطيع من خلال قسمات وجهها الثمانينى أن ترى تلك السنوات الطويلة لصحفية عاشت عصورًا مختلفة، ربما لم يعلم عنها شباب الصحفيين الكثير، بدءًا من عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مرورًا بأنور السادات إلى المخلوع حسنى مبارك. عند محاورتها، تشعر أنك أمام شخصية دقيقة فى اختيار كلماتها، تحرص على إيصال رسالتها للمتلقى بصبر تُحسد عليه، فنجدها أحيانًا تغرد خارج السرب، وإن كانت تراه ليس خروجًا عن المألوف بالمعنى المعهود، إنما خلاصة تجربة وخبرة تزيد على نصف القرن، شهدت خلالها أحداث كبيرة جعلت منها شخصية هادئة تتعامل مع المواقف دون توتر، ويظهر ذلك جليًا فى موقفها من الأزمة الأخيرة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية. إنها الكاتبة أمينة شفيق، الصحفية بجريدة الأهرام، وعضو مجلس نقابة الصحفيين سابقًا، تحدثنا فى هذا الحوار عن رؤيتها لسبل الخروج من الأزمة الراهنة بين"النقابة" و"الداخلية" بعد اقتحام الأخيرة مبنى "الصحفيين"، وأسباب تعمد إلقاء القبض على العاملين بالمهنة أثناء تغطيتهم لبعض الأحداث التى شهدها الشارع المصرى؟ وتقييمها لسقف الحريات بالبلاد، وموقفها من مطالب الصحفيين فى اجتماع 4مايو، ورأيها فى اجتماع الأهرام والذى وصف من قبل البعض بأنه محاولة لشق صف الجماعة الصحفية، ولماذا تعتقد بأن البلاد تمر بمرحلة انتقالية قد تستمر سنوات طويلة؟، وكيف يمكن للشباب فى الفترة القادمة أن يساهموا فى بناء الوطن؟، وأسباب العلاقة المتوترة بينهم وبين النظام الحاكم؟، ولماذا تعتبر أن الحياة السياسية تشهد ركودًا وتوقف منذ ثورة 23يوليو 1952؟. فى البداية.. كيف ترين تطور الأحداث بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية؟ هو صراع يتزامن مع تطلعاتنا لبناء دولة مدنية ديمقراطية، وهذه الدولة التى ننشدها لها مكونات أساسية مثل النقابات والاتحادات والجمعيات والمؤسسات التى تعكس رؤى الشعب، لذا لابد أن تكون مستقلة القرار، وفى أى دولة ديمقراطية يكون عمل النقابات مستقلاَ، ولا تتدخل الدولة فيه بأى شكل من الأشكال، ونحن فى مصر لدينا صراع بين هذه المكونات منذ زمن بعيد، مع الفارق مع الدول الديمقراطية، لكن دائمًا ما كنا نسأل ما إذا كان القرار فرديًا أم جماعيًا، وإذا كان للشعب رأى، كيف يمكن تنظيم هذه المسألة حتى يكون القرار جماعيًا مبنى على أسس ديمقراطية. ونحن كصحفيين دائمًا ما نطالب بما نريده من خلال النقابة، التى ننتمى إليها، وهذا الصراع ليس وليد اليوم، فسبق ودخلنا معارك مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتم نقل مجموعة من زملاء المهنة إلى جرائد أخرى منهم عبد الرحمن الشرقاوى وعبد الرحمن الخميسى، وكذلك محمد أنور السادات، حين حاول تحويل النقابة إلى ناد للإعلاميين ما قمنا به هو التصدى له، وفى عصر مبارك دخلنا فى معارك حين أصدر قرار بتغليظ العقوبة على قضايا النشر ووقفنا له حتى أخذنا جزءًا كبيرًا مما أردناه، وبسبب نشاط هذه النقابة كان الصراع القائم. قرار اقتحام النقابة.. هل هو فردى أم سياسى؟ لا أعرف كيف تم القرار، لكن إذا كان قرارًا فرديًا فهو تحول إلى سياسى، لأن اقتحام نقابة الصحفيين أو أى نقابة هو "سياسة"، ونحن كصحفيين اعتدنا على دفع الفاتورة، لأنها نقابة رأى، وأذكر فى سبعينيات القرن الماضى تم اعتقال جماعى لعدد من الصحفيين، وقام عبد المنعم الصاوى حين كان نقيبًا بأخذ إذن بالزيارات من نيابة أمن الدولة وحصل عليها، والآن المجلس يقدم طلبات لزيارة لشباب الصحفيين والنتيجة رفض الجهات المسئولة، مما يعد تراجعا، ليُطرح التساؤل "لماذا نعود للوراء؟". كيف يمكن الخروج من الوضع الراهن فى ظل تمسك الصحفيين بمطالبهم وفى صدارتها إقالة وزير الداخلية وتجاهل النظام على الصعيد الآخر لتلك المطالب؟ اقتحام النقابة، يعنى أن هناك تجاوزًا من جانب وزارة الداخلية، ويتم حله بطريقة بسيطة، عن طريق إصدار بيانات تؤكد أننا سنحترم بعضنا البعض، بدلًا من تعقيد الأمور، والمضى فى طريق "من سيغلب الآخر"، والديمقراطية نفسها لا تقول ذلك، وليس بالعناد تحل الأزمات والمشكلات، لذا التفاهم والوصول لصيغة ترضى الطرفين هو الحل الأفضل. علينا أن نتفق ونصدر بيانًا مشتركًا يؤكد الاحترام المتبادل، والمجلس قادر على أن يوازن أموره، وأى مطالب يمكن التفاوض عليها، ولاسيما إذا أصدرت الداخلية بيانًا تقول فيه إنها ستحترم القانون والنقابات، وعلى الجميع أن يدرك أننا فى دولة ولا يجوز أسلوب "لى الذراع". وأنا إذا كنت فى مرحلة عمرية شابة كنت سأفكر كما يفكر الشباب الآن، ولكن خبرة السنوات الطويلة التى اكتسبتها من خلال عملى جعلتنى أزن الأمور بشكل مختلف، لذا أرى أن مطلب إقالة الوزير ليس الحل ولا هو المقصد، إنما الأهم هو أن نتفق على أن نحترم بعضنا البعض، حتى يسود هذا المبدأ. تعليقك على اجتماع جريدة "الأهرام" فى ظل اتهام البعض له بأنه يُراد به شق صف الجماعة الصحفية؟ كنت أحد الحاضرين فى هذا الاجتماع، لأنى ببساطة أحد أعضاء هذه المؤسسة، وعندما تدعونى لاجتماع لابد أن ألبى النداء، على اعتبار أنه "اجتماع أهرامى"، لكن وجدته ليس خاصًا بالعاملين فى مؤسسة الأهرام، وفوجئت بشخصيات لا تنتمى للمؤسسة حاضرة، وأبديت تعجبى من ذلك، وهذا لا يعنى أنى ضد الرأى الآخر، بل على العكس أنا مع أن يكون للصحفى رأى مستقل، ولكن لابد أن يكون ذلك الرأى داخل النقابة، لأنى لا أحب أن تنتقل المشكلات النقابية إلى المؤسسات الصحفية، وأنا شخصيًا ضد شق الصف، وإذا كان من حضروا فى الاجتماع طلبوا من المجلس عقد اجتماعهم داخل النقابة والمجلس رفض كنت سأكون أول من سيقف بجانبهم، لكن ما حدث عكس ذلك، ولم يطلبوا من الأساس، لذا لابد أن نعمل جميعًا من أجل الحفاظ على النقابة ووحدتها؛ لأنه فى حال أضيرت النقابة سيتضرر شباب الصحفيين وليس جيلنا لذا لابد أن نحافظ لهم عليها. المجموعة التى حضرت هذا الاجتماع.. هل لديها أجندة مختلفة؟ كبار الصحفيين يريدون فرض رأيهم على كل الصحفيين بما فيهم أنا وغيرى، وعليهم أن يتنازلوا عن عروشهم ويأتوا إلى نقابتنا حتى يختلطوا بشباب الصحفيين من أجل معرفة المزاج العام حتى لو اختلفوا معهم؛ لأنه من المفترض بنا جميعًا أن نحترم أى رأى مخالف، ومعارضون تعامل معه بمبدأ النقاش؛ لأننا أمام جيل جديد يحتاج إلى أن نجلس معه، وإذا كان كبار الكتاب، وأصحاب الأعمدة الرنانة يطالبون الدولة بفتح الحوار مع الشباب، أليس أولى بهم أن يفتحوه مع شباب الصحفيين وزملاء النقابة قبل أن يطالبوا الدولة بذلك؟، من أجل التعرف على أرائهم وتوجهاتهم وضميرهم الجمعى وليشرحوا لهم أرائهم ويناقشونها معهم، ويدركوا أن الصحفيين تغيروا ولم يعودوا كالسابق، فنحن عشنا فى حقبة كنا نعمل جميعًا لدى الدولة، ونضمن مرتباتنا وإجارتنا ومعاشتنا، أما الآن فالوضع مختلف وليتهم يتفقوا على بعض الضمانات، وأنا تربيت فى مؤسسة الأهرام وأعمل بها منذ 42عامًا، وكنت مستقرة بها، أما الآن فالشباب يعملون فى مؤسسات ويتركونها ويعملون فى غيرها وهكذا، فى ظل مناخ عام مختلف. الدعوة لجمعية عمومية عاجلة.. ما رأيك بها؟ أنا ضدها، لأن لابد أن يكون هناك اتفاق على المطالب من البداية، وأن يكون هناك تمثيل كبير لأعضاء الجمعية بما لا يقل عن 4000 عضو؛ لأن القرارات المصيرية لابد أن يكون هناك عدد كبير يمثلها ويعبر عنها. بم تفسرين تعمد إلقاء القبض على الصحفيين أثناء تغطيتهم لبعض الأحداث على الرغم من إظهار هويتهم؟ هذا الأمر ليس وليد اللحظة، فمنذ عملنا بالصحافة والأمور تمضى على هذا الشكل، وما اختلف أن العصر تغير وأصبح الناس على دراية بكل شىء أكثر، وكثيرًا ما كنا نقوم باسترجاع كاميرات من أقسام الشرطة، ويسألوننا عن أسباب وجودنا فى منطقة معينة، فضلا عن زملاء يتم اعتقالهم ونبحث عنهم فى كل الأقسام بعد أن يتم إنكار القبض عليهم، فدائما لعبة "القط والفأر" كانت حاضرة ومستمرة والسؤال "هل يتصور البعض أن الداخلية طبيب علاج طبيعى؟"، والمنوط بالنقابة أن تقول لكل تصرفاته "نعم"، بالطبع لا، لذا هناك توتر دائم فى العلاقة بينهما وسيستمر. وأذكر أن رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندى فى ثمانينيات القرن الماضى،عندما سألها فرانسيس بوشاه عن أكثر شىء يزعجها فى الحكم قالت النقابات والإعلام، وعندما قابلت فرانسيس روى لى ما سمعه منها فقلت له أنا عضوة بمجلس النقابة وصحفية فقال لى "إذن الحكومة لديكم لابد أن تكون منزعجة"، وهذا يدل على أن الأمور بطبيعتها هكذا فى كل دول العالم، ففكرة الرأى الآخر المعارض تكون مزعجة لجميع الحكومات سواء فى الشرق أو الغرب. لكن مقارنة أنفسنا بدول العالم فى هذه المرحلة تجعلنى أتساءل.. هل نحن لدينا وسائل الضغط اللازمة لحث الحكومات على الاستجابة لمطالب النقابات؟ نحن لابد أن نتعلم الدروس، ومن قال إن هذه الدول أخذت حقوقها دون دفع فاتورة ذلك، فأوروبا والعالم الغربى والديمقراطيات الكبيرة أخذت حقوقها بثمن، ونحن فى النقابة لابد أن نضغط ونعمل على تخفيف هذا الثمن، ومن يريدون الرأسمالية عليهم أن يدفعوا الثمن. كيف ترين سقف الحريات الآن بعد مرور ثورتين؟ هى مختلفة، بمعنى أنه فى الماضى كنا نصدر مجلة فتكون الرقابة متوسطة، ولكن عند إصدار جريدة تكون أكثر وهكذا، وبالتالى هى درجات، أما الآن فنحن نحيا ما يسمى الصراع الديمقراطى، بمعنى هناك متسع للكلام، لأن الحريات لها مستويات فهناك حرية للكلام والتنظيم والحركة، فنحن لدينا حرية فى الكلام لكن لم نصل إلى حرية التنظيم والحركة. وما أطالب به هو أن تعيى الدولة أننا فى حاجة إلى لُحمة وطنية، فإذا كانت اللحمة الوطنية يتم تكسيرها بالهجوم على الشباب فأنا ضد هذا، وعلينا أن نؤمن بفكرة المشاركة المجتمعية، والنقابة كمثال نجحت فى أن تحول بعض الأمور الخاصة بالحريات إلى تشريعات، وإذا أقدمت كل نقابة على عمل ذلك سنجد فارق كبير فى الحياة السياسية بالبلاد، ونحن لا نتوقع أن يمر هذا القانون الخاص بنا مرور الكرام لأن الحكومة بطبيعة الحال لن تكون راضية عن ذلك لكننا سنستمر فى نضالنا حتى نحصل على ما نريده، والصراع دائمًا موجود ولكن السؤال "كيف ندير هذا الصراع بذكاء؟". ما رأيك بمنظمات المجتمع المدنى ومحاولات تشويها من آن لآخر؟ هم دائمًا ما يطالبون الأنظمة بتداول السلطة، ويظلون على رأس مؤسساتهم سنوات طويلة دون تغيير، وهذا أمر غير ديمقراطى، فهم مطالبين بذلك حتى يكون رأيهم جماعيًا يعبر عن مجموعة تتداول السلطة وليس رأى أفراد، ليكون هناك التزام يما يتم المطالبة به. ونحن نريد الشفافية فى كل منظمات المجتمع المدنى والنقابات والاتحادات، لأن التراث داخل الدولة المصرية هى أن تخزن لخصومها الأخطاء حتى تنقض عليهم فى النهاية؛ لذا على الجميع أن يفوت عليها الفرصة من خلال الشفافية والالتزام بمبادئ الديمقراطية. الأحزاب السياسية.. هل قادرة على تحريك الحياة السياسية والنهوض بها أم أنها جزء من الأزمة؟ حدث تجريف للحياة السياسية بالبلاد منذ عام 1952، وأنا أقول ذلك على الرغم من أنى يسارية، حيث تم ترسيخ مبدأ "وظفنى وكل شىء بعدها يأتى أو لا يأتى"، ومع ذلك عندما يخرج هذا الشعب أثق بأن يكون خروجه قويًا كما رأينا. ولكن ما تم ملاحظته هو أن المشاركة الحزبية قليلة وذلك بسبب فكرة الاضطهاد التى قد يتعرض لها أعضاء الأحزاب فى وظائفهم، وأذكر أن عاملاً كان عضوًا بحزب التجمع وتم منعه من الترقى فى وظيفته وغيرها من هذه الأمور، ما جعل الشعب يخشى الأحزاب والعمل السياسى على الرغم من أنها وتد التقدم، وأثق أنه سيأتى جيل سيشكل الأحزاب ويقوم بنهضة سياسية. ما رأيك بالأحكام الصادرة على شباب الثورة المتظاهرين فى جمعة الأرض؟ أنا لا أحب التعليق على الأحكام القضائية، لكن ما يشغلنى هو سرعة صدورها، فى الوقت الذى نرى فيه محاكمات تستمر لسنوات طويلة دون إصدار أحكام. العلاقة بين النظام الحاكم والشباب.. إلى أين تمضى؟ الهجوم على الشباب والتعامل الراهن معه ليس الحل، وعلى النظام أن يفتح مساحة الحرية حتى نستطيع بناء الحياة السياسية لصالح مصر وشعبها فى المقام الأول، وندرك بأننا لن نحصل عليها بسهولة، لذا علينا أن نكون مستعدين لزرع الشجرة والنضال من أجل الحصول على الحرية، لأن ثمرة الحرية لا تعطيها الحكومات للشعوب بسهولة كما يتصور البعض. هل من المتوقع أن تقود النقابة الشارع المصرى الفترة القادمة؟ النقابة بها 10 آلاف صحفي، ومصر بها 90 مليونًا، لذا علينا أن نعلم بأن الشعب المصرى هو صاحب القرار وعلينا ألا نستهين به، ومن خلال متابعتى للأحداث وتواصل الناس معى فى الشارع أجد آراء بها نضج عال ووعى، وبالتالى أنا أثق فى هذا الشعب وفى قدرته على تقييم الأوضاع دون وصاية من أى كيان، فهو يعرف الكثير عن أوضاع وطنه. الرأى العام.. بصراحة هل متعاطف مع أزمة النقابة؟ أنا لا أرى ذلك التعاطف، على الرغم من أن هناك غيرى يرون ذلك التعاطف، وذلك ليس لأنهم ضد النقابة أو الصحفيين، إنما لشعورهم بالتعب من تدهور أحوالهم الاقتصادية، فهم لا يتعاملون مع قضيتنا كما نتعامل معها نحن. اتهام البعض للنقابة بممارسة العمل السياسى.. كيف يمكن الرد عليه؟ هذا ليس صحيحًا، وكون أن هناك تيارات يسارية وناصرية فهذا ليس أمرًا جديدًا على النقابة، وعلى مدار عمرها كان بها هذه التيارات، وحتى إن كان هناك هتافات ما فهذا لا يعنى أنها مارست العمل السياسى. والصحفى منتمى إلى نقابته، ويفصل بين العمل الحزبى والنقابة، وأنا عندما كنت عضوًا بمجلس النقابة كنت فى حزب التجمع، ودائمًا ما كنت أخلع عباءتى الحزبية على باب النقابة، وأتعامل مع جميع الأعضاء على قدم المساواة، وليس عيبًا أن يكون للصحفى خلفية سياسية لكن العبرة بألا يتدخل انتمائه السياسى فى العمل النقابى. ما رأيك بأداء الإعلام الخاص وبالتحديد القنوات الفضائية وبعض الجرائد أثناء الأحداث الأخيرة التى شهدتها البلاد؟ هذه هى الرأسمالية التى يريدها البعض، وعليهم أن يتذوقوا طعمها ويتحملوا نتائجها، فنحن أمام إعلامى رأسمالى يحتاج أن يتعلم كيف يكون مهنيًا، فهو إعلام يمتلكه مجموعة من رجال الأعمال، والسؤال "هل هناك صحفى يمتلك أى مؤسسة إعلامية؟". نحن أمام "حرية الصحافة المقيدة بحرية صاحب الجريدة" وبالتالى قياساً على ذلك نستطيع أن نلخص المشهد العام فى الإعلام، ولا يمكن لى أن أطالب حزب التجمع بتنفيذ الرأسمالية، وكذلك لا يمكن أن أذهب لحزب الوفد وأطالبه بتنفيذ الاشتراكية، وأصحاب الجرائد والقنوات من الممكن أن يعطى مساحة لكن فى النهاية هناك حدود يرسمها. اتجاه بعض الصحفيين إلى تقديم البرامج فى القنوات التليفزيونية.. كانوا إضافة أم لا؟ أرى أنهم انتقصوا من قيمتهم الصحفية، وكنت مع أن يكتفوا بأقلامهم الصحفية؛ لأن الكلمة المكتوبة لها سحر لا يعرفه إلا من عمل بهذه المهنة وأعتبرها مرجعًا، ونحن نعلم جيدًا أن كل صاحب محطة يختار شخصيات معينة يتحصن بهم ويستخدمهم، وما يتم أحيانا من توجيه الرأى العام هو خروج عن الإعلام؛ لأنه لابد أن يلتزم بعرض كل الآراء حتى تتوافر المعلومة، ونحن نحيا مرحلة انتقالية نجد فيها الكثير من التخبط. قلت إننا نعيش فى مرحلة انتقالية.. إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ للأسف ستستمر فترة طويلة؛ لأننا دولة مركزية نهرية قديمة، وليس المطلوب منا فى هذه المرحلة تفكيك هذه الدولة، إنما المطلوب احترام الشعب والتنوع الاجتماعى، فلا يمكن أن يكون السائد هو أن الفقير والضعيف يتحمل دائمًا الفاتورة. كيف ترين تحيزات النظام الحاكم من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية؟ الرؤية السياسية حاليًا غائبة وغير واضحة للشعب المصرى، وهناك مقارنة تحلو للبعض بين الوضع الراهن وستينيات القرن الماضى، والفارق بينهما كبير، فى ظل النمو الهائل للكيانات الرأسمالية، والسؤال الآن كيف يمكن بناء نظام اجتماعى يضمن للفقير حقه، فذلك يحتاج إلى مشاركة فى صناعة القرار، والدولة عليها أن تأخذ رأى الشعب فى المشروعات التى تقوم بها وتطبق مبدأ الشفافية، لأن الشارع المصرى يسأل "البلد رايحة على فين"، بعد ارتفاع الأسعار وغيره من أشياء والتى تعتبر نتيجة طبيعية لغياب الرؤية، وحتى التضحيات التى يطالب بها البعض كيف ستتم فى ظل غموض الجهات التى تذهب إليها هذه الأموال. ما رأيك بنظرية المؤامرة التى يتحدث عنها البعض؟ هناك سياسات لبعض الدول تتعارض مع سياستنا، ويجوز أن نسميها مؤامرة، ومما لاشك فيه أن الولاياتالمتحدة جزء منها وبعض دول أوروبا، والسؤال "هل سأترك غيرى يهزمنى أم سأقفل الثغرات عندى؟"، فكل دولة لها هدفها فى السياسية الخارجية ولابد أن نكون على دراية بها حتى نتحصن ضدها، ونحن نعرف كتاب شيمون بيريز الشرق الأوسط الجديد، والذى يريدون فيه شرق أوسط مختلف، فإسرائيل تريد تكوين دولة يهودية تسعى إلى أن يكون حولها دول إثنية حتى تقيم دولتها العنصرية. كيف ترين ثورة 25 يناير.. ولماذا لم تحكم حتى الآن؟ أذكر تعليق صديق فرنسى لى حين قال: "لماذا أطلقتم عليها مصطلح ثورة؟" فقلت له لأنها ثورة فرد: "نحن لا نسمى الثورة الفرنسية بأنها ثورة إلا بعد مرور 40 عامًا عليها"، وبالتالى الحديث عن أنها تحكم مرتبط بالمصطلح من الأساس. قضية حقوق الإنسان أحد الملفات الثقيلة التى يواجهها النظام الحاكم.. كيف تقيمينها؟ مصر بها قضية حقوق إنسان، وهذا أمر نعترف به، والسؤال: "هل نحن صامتون عليها أم لا؟"، وللأسف نحن لدينا هذه القضية منذ سنوات بعيدة، والفترة الوحيدة التى كانت بها البلاد بدون هذه القضية هى الفترة التى كان يحكم فيها الوفد منذ 1923 إلى 1952، حيث كان يفرج عن المعتقلين ويعمل على تحسين أوضاعهم.