أشعلت الحرب فى أفغانستان أزمة جديدة فى الولاياتالمتحدة تمثلت فى التصريحات النارية للجنرال ستانلى ماكريستال، قائد القوات الدولية والأمريكية هناك، وانتقاداته لكبار المسؤولين فى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما بسبب استراتيجية إدارة الحرب، وهى الأزمة التى ستحدد مصير ماكريستال، وما إذا كان ستتم الإطاحة بعد لقائه أوباما خلال ساعات، كما طفت خلافات، بين واشنطن ولندن حول استراتيجية الحرب، بينما أفادت لجنة فرعية فى الكونجرس الأمريكى، فى تقرير أن قسما من الأموال المخصصة لنقل مواد غذائية وذخائر إلى القوات الأمريكية فى أفغانستان تم تحويله إلى طالبان عبر أمراء الحرب. ويمثل «ماكريستال» الذى تم استدعاؤه من أفغانستان أمام أوباما، الذى أبدى غضبه من تصريحات جنراله، فى البيت الأبيض خلال جلسة، وصفتها بعض الصحف الأمريكية بأنها «اجتماع أزمة» لتحديد مصير الجنرال الأمريكى، وقال البيت الأبيض إن كل الخيارات متاحة، وإن أوباما قد يقيله بعد أن فقد الثقة فيه، رغم أن البعض تكهن بأن ماكريستال قد يقدم استقالته ليتيح الفرصة للرئيس الأمريكى بأن يحدد مصيره، حيث أعد خطاب استقالته بالفعل، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، بينما تضع الأزمة أوباما أمام محك حقيقى، فإما أن يقيل ماكريستال ويضر بالمهمة الأفغانية، أو يبقيه ويبدو فى صورة القائد الأعلى للقوات المسلحة ضعيف الإرادة، تماما كما يريد خصومه الجمهوريون الذين قد يستغلون الأزمة لفتح النار على سياسته الفاشلة فى أفغانستان. وعلى الرغم من أن «ماكريستال» كان قدم اعتذارا سريعا عن مقاله الذى نشرته مجلة «رولينج ستون» مؤكدا أنه يكن احتراما لأوباما ولفريقه الأمنى، مؤكدا أن ما قاله فى المجلة «خطأ يعكس ضعفا فى التقدير وما كان يجب أن يحدث»، إلا أن أوباما قال «أعتقد أن من الواضح أن المقال يظهر سوء تقدير، لكننى أريد أن أتأكد من أن أتحدث إليه مباشرة قبل أن أتخذ أى قرار نهائى»، وبحسب المقال، فإن ماكريستال لم ينتقد أوباما، لكنه لفت إلى أنه يعتقد بأن الرئيس «يبدو غير مرتاح ومرتعباً فى غرفة مكتظة بكبار المسؤولين العسكريين»، وتقول المقالة إن ماكريستال شخصية نجحت فى استفزاز جميع المشرفين على الحرب الأفغانية. وكان ماكريستال تهكم فى مقاله بالمجلة من نائب الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن ومن اسم عائلته، وقال «هل هو بايدن أو بايت مى؟» (بايت مى) أى (عضنى)، كما سخر من المبعوث الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك، وقال بعد أن نظر إلى هاتفه الجوّال «إنها رسالة إلكترونية أخرى من هولبروك، لا أرغب حتى فى فتحها»، وأضاف أنه شعر بأنه تعرض «للخيانة» من السفير الأمريكى فى كابول، ووصفه بأنه «شخص يسعى إلى حماية نفسه»، ووصف أحد مساعدى ماكريستال الجنرال جيمس جونز، مستشار الأمنى للبيت الأبيض، المتقاعد بأنه مهرج عالق منذ عام 1985، كما وصف مساعد آخر أحد المسؤولين الأمريكيين الكبار ب«الحيوان الجريح». وجاءت تصريحات ماكريستال فى وقت حرج تواجهه واشنطن وحلف شمال الأطلنطى «ناتو» فى أفغانستان، كما تعكس الخلافات بين أوباما ونائبه حول استراتيجية الحرب، بينما تتزايد قوة القاعدة ومسلحى طالبان، كما تمثل ضربة قوية لجهود أوباما وتأكيده أن الحرب فى أفغانستان هى أولويته الأولى، وبعد قراراته بتعزيز القوات الأمريكية هناك بينما تتراجع شعبية الحرب التى دخلت عامها التاسع لدى الأمريكيين. وعبر عن تلك الورطة وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس بقوله إن ماكريستال «ارتكب خطأ جسيما بينما نخوض حربا ضد القاعدة وحلفائها والمتطرفين الذين يهددون بشكل مباشر الولاياتالمتحدة وحلفاءها فى العالم» فيما أعلن وزير الدفاع الأسترالى جون فوكنر أن بلاده قد تسحب جنودها من أفغانستان فى غضون 3 إلى 5 سنوات بسبب خسائرها». وبينما أبدى قائد «الناتو» دعمه لماكريستال، وهو الدعم الذى أكده الرئيس الأفغانى حامد كرزاى، مطالبا بعدم إقالته، ينادى العديد من المشرعين بإقالة ماكريستال، من بينهم السيناتور بايرون دورجان، والسيناتور كارل ليفين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، وديفيد أوبى، العضو البارز فى مجلس النواب الأمريكى، رئيس لجنة تمويل الحرب. على صعيد متصل، تجرى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تحقيقاً حول تقرير الكونجرس بخصوص ما إذا كانت أموال دافعى الضرائب الأمريكيين، التى تشكل جزءاً من عقد بمليارى دولار، تستخدم فى دفع أجور للمسلحين الأفغان وربما من بينهم مسلحو طالبان أو تنظيم القاعدة مقابل عدم مهاجمة المتعاقدين الذين يؤمنون وصول المواد الغذائية للقوات الأمريكية وهى مهمة الشركات المتعاقدة مع الجيش الأمريكى، التى تدفع تلك الأموال بدورها لشركات حماية أفغانية محلية، التى بدورها تقدم الأموال للمسلحين الأفغان من أجل عدم مهاجمة المتعاقدين، بحسب ما ذكر مسؤول عسكرى أمريكى، بما يعنى أن الولاياتالمتحدة تمول عدوها الأول فى أفغانستان، مما يطيل أمد الحرب ويعكس هيمنة المسلحين على الساحة الأمنية فى البلاد كما يؤكد وهن الاستراتيجية الأمريكية هناك بعد 9سنوات من الغزو الأمريكى.