المستشار أحمد بنداري: قرار الإعادة في 19 دائرة كان قبل توجيه الرئيس والإعلان عن القرار جاء وفق جدول زمني    أخبار كفر الشيخ اليوم.. مبادرة الخير بدسوق تنظم حفلًا ترفيهيًا للطلاب الصم وضعاف السمع بمناسبة يوم التحدي    التنمية المحلية ل ستوديو إكسترا: توجيهات رئاسية بتحقيق العدالة التنموية في الصعيد    ليفركوزن يثأر من دورتموند بهدف مازة ويتأهل لربع نهائى كأس ألمانيا    يوفنتوس يتخطى أودينيزى بثنائية ويتأهل إلى ربع نهائى كأس إيطاليا    بورنموث ضد إيفرتون.. جريليش يمنح التوفيز فوزًا ثمينًا في البريميرليج    القضاء الأمريكي يوجه تهمة القتل للمشتبه فيه بهجوم البيت الأبيض    وزير الإنتاج الحربي يلتقي نائبيّ رئيسيّ "تاليس" الفرنسية و"بونجسان" الكورية الجنوبية    برشلونة يخطف فوزا هاما من أتليتكو مدريد ويتغلب عليه 3 - 1    يوفنتوس يتأهل لربع نهائي كأس إيطاليا بثنائية أمام أودينيزي    الخميس.. قرعة بطولة إفريقيا لسيدات السلة في مقر الأهلي    وزير الرياضة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    وزارة الرياضة يطالب تقريرا من السباحة حول وفاة يوسف محمد    بالأسماء.. ضحايا حريق سوق التجار بالمنصورة وسط جهود السيطرة على النيران    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    محافظ الدقهلية ومدير الأمن يتابعان جهود السيطرة على حريق سوق الخواجات بالمنصورة    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    مصرع وإصابة 8 أشخاص باختناق فى حريق مخزن ملابس بسوق الخواجات في المنصورة    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    زينة: علمت بنجاح ورد وشيكولاتة من السوشيال ميديا.. وأُصبت بشرخ خلال التصوير    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    رئيس بولندا يعارض فكرة توسك بدفع وارسو تعويضات لضحايا الحرب بدلا من ألمانيا    استمرار تعثر خطة الصين لبناء سفارة عملاقة في لندن    بحضور البطل الأوليمبي كرم جابر..وكيل الشباب بالدقهلية يشهد تدريبات المصارعة بالمشروع القومي للموهبة    بينهم أطفال وسيدات.. 9 مصابين في حادث تصادم مروع بمركز إطسا بالفيوم    رئيس شعبة الدواجن بالجيزة يحذر من الفراخ السردة: اعدموها فورا    أخبار مصر اليوم: إعلان مواعيد جولة الإعادة بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب.. تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني بالفيزا في المترو.. ورئيس الوزراء: لا تهاون مع البناء العشوائي في جزيرة الوراق    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    فيروز تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. والسبب غريب    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    بنك التعمير والإسكان يوقع مذكرة تفاهم مع مدرسة فرانكفورت    أجواء حماسية والمنافسة تشتعل يين المرشحين في انتخابات النواب بقنا    «القومى للمرأة» ينظم الاجتماع التنسيقي لشركاء الدعم النفسي لبحث التعاون    متسابقة بكاستنج تبكى من الاندماج فى المشهد واللجنة تصفق لها    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    وصفات طبيعية للتخفيف من آلام المفاصل في الشتاء    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    بث مباشر الآن.. متابعة لحظة بلحظة لمباراة السعودية وعُمان في افتتاح مواجهات كأس العرب 2025    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أن تَرى ولا تُرى: عن علاقة القاهرة مع غزة

فى القاهرة لا توجد فكرة أكثر جذبا الآن من فكرة السكن فى «كمبوند» أى داخل تجمعات سكنية محاطة بأسوار شاهقة، وفلسفة هذه الظاهرة تقوم على أن أصحابها ينشدون الراحة والأمان باعتبار أن هذه الأسوار توفر لهم الحماية من مجتمع أصبح يعانى قدرا غير قليل من التشوه فى تركيبته الاجتماعية، وأصبحت العشوائيات أبرز ملامحه.
كما أن ساكنى وراغبى السكن فى هذه التجمعات يبغون من بين ما يبغون إخفاء جانب من حياة الرفاهية والبذخ التى يعيشونها خلف هذه الأسوار، التى صُمِّمت خصيصا ليس لعزلهم عن المجتمع ولكن لعزل المجتمع عنهم.
فى القاهرة أيضا داخل وخارج هذه الأسوار لا تخطئ العين عندما ترى سيدات وضعن بإرادتهن الكاملة ستارا على وجوههن، وهو المعروف باسم النقاب، وهو الشىء نفسه مثله مثل «الكمبوند»، لا يعزلهن عن المجتمع بل يعزل المجتمع عنهن.
فالمرأة المنتقبة ترى المجتمع بكل تأكيد من خلف النقاب، بينما المجتمع لا يراها. لذلك ولأسباب أخرى عديدة واجهت الحكومة المصرية انتقادات واسعة، وما زالت، عندما اكتشف أمر الجدار الفولاذى الذى بدأت بناءه على الحدود مع غزة قبل مدة. رغم أن الهدف من ورائه ليس عزل غزة بل عزلنا نحن عن غزة.
وفى الماضى بُنِى حائط برلين لإبقاء الناس بالداخل، وفى إسرائيل يقولون إن الجدار الذى بنوه كان من أجل إبقاء الناس فى الخارج.
والواقع أن ما تبنيه الحكومة المصرية ليس سوى نصف جدار مدفون تحت الأرض، من الممكن أن يصبح جدارا كاملا إذا عجز نصف الجدار عن تحقيق الهدف من بنائه، ويعلو الجدار فوق الأرض. لأن الخبرة المصرية تؤكد أن انتهاك الحدود من قبل حماس أو من قبل المحبطين والمقهورين من شعب غزة يحدث من تحت عبر الأنفاق، ومن فوق عبر الأسلاك الشائكة.
القاهرة عندما قررت بناء الجدار كان ذلك بمنطق بسيط ساذج، وفى ضوء المثل الشعبى القائل «الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح»، مثلها فى ذلك مثل نخبتها التى تهرب من مجتمعها لتعيش خلف أسوار بدلا من مواجهة المشكلات والعمل على حلها. وكذلك المنتقبة العاجزة عن الاندماج فى المجتمع.
والقاهرة والنخبة والمنتقبة اختاروا أسهل الحلول. ويبدو أن القاهرة أصبح «نَفَسُها قصيراً» من كثرة التلوث، فهى اختارت التخلص من الصداع الإسرائيلى والإلحاح الأمريكى، من جانب ومن غباء حماس السياسى من جانب آخر، وذلك بسد الأنفاق. رغم أن الأنفاق مشكلة إسرائيلية أكبر منها مشكلة مصرية، وبذلك تورطت القاهرة فى ما تجنبته سنوات طويلة، ورفضته بشدة وهو أن تكون طرفا فى حصار غزة أو أن تكون شرطيا عليها.
والآن بعد أن أقدمت على بناء الجدار الفولاذى صار عليها أن تحمى منشآتها على الحدود. وأصبحت طرفا بشكل أو بآخر فى حصار غزة، وكان يمكنها أن تفعل ذلك لو أن هناك فى المقابل حكومة إسرائيلية جادة صادقة فى وعودها تجاه السلام، لكن إسرائيل أوسخ طرف فى هذه العملية برمتها، وإذا كانت حماس خدعت القاهرة مرة فإن إسرائيل تخدعها يوميا، ولا تخجل من ذلك، ولا يهمها أحد، ولا تعمل حسابا لا لكبير ولا صغير.
وهى ليست أكثر من زعيم عصابة أو فتوة يقف على ناصية حارة لا يحترم قانوناً ولا اتفاقاً ولا أى عهد قطعه على نفسه، ولا يعرف سوى لغة القوة والفتونة. والمصيبة أن القاهرة تصدقه مع كل طلعة شمس، رغم أنه يخدعها مع كل غروب، ويكذب عليها وعلى روحه ويلحس كلامه، ومن يتعامل مع الحكومة الإسرائيلية لابد أن يكون مجنوناً حتى تحتمل أعصابه تصرفاتهم الحمقاء.
صحيح أن «حماس» مشكلة بالنسبة للقاهرة، لكن المشكلة الأساسية فى وجود الاحتلال، لأن حماس هى العَرَض وليس المرض، وهذا ما لا تريد القاهرة الانتباه إليه، لكنها قررت العكس واختارت أسهل الحلول وهو بناء نصف جدار، لا تريد أن تسميه باسمه الحقيقى وتطلق عليه إنشاءات، فإذا كانت تخجل من تصرفها أو من الحل الذى رأته مناسبا فلماذا أقدمت عليه! القاهرة موقفها ضعيف لأنها لا تثق فى سلامة موقفها.
لا أشك أن القاهرة تعجلت فى ذلك عندما قررت بناء الجدار الفولاذى لأن الحياة فيها ألوان كثيرة بين الأبيض والأسود، وخيارات متعددة كان يمكن من خلالها أن تتعامل مع حماس، ومع قطاع غزة المنكوب بإسرائيل وحصارها الجائر أولا، وبحماس وشبقها وشهوتها للسلطة ثانيا.
وإذا كانت القاهرة قد اعتادت القول إنها لا تستطيع أن تترك معبر رفح مفتوحا بشكل دائم لأنها ليست طرفا فى اتفاق المعابر، الذى تم توقيعه عام 2005، فالسلطة الفلسطينية طرف رئيسى فيه مع إسرائيل والاتحاد الأوروبى، لكنها تفعل ما عليها وما يحتمه الواجب، فهى لا تتأخر عن فتحه إمام المرضى والدارسين- فإن هذه الحجة تسقط الآن، وعليها إما أن تبقى معبر رفح مفتوحا تمر منه جميع الاحتياجات الإنسانية للقطاع أو توقف بناء الجدار، أما الغلق من فوق ومن تحت فأمر يضع مصداقية القاهرة على المحك.
لكن إذا ما تركت أحد الطريقين مفتوحا فإنها تقطع على حماس الطريق وتفسد الاتهامات التى تكيلها للحكومة المصرية ليل نهار، وتتوقف عن المطالبة باستمرار الأنفاق تحت الأرض، وتظهر حماس مكشوفة لنا فوق الأرض. كل ما يحتاجه القطاع يمر من فوق، ولا شىء يمر من تحت أو فى الخفاء. القاهرة يجب ألا تتورط فى معاقبة شعب غزة على خطايا حماس. وإذا كانت حماس تحتاج لمرور السلاح أو خلافه، فإنه يمكنها أن تشتريه من إسرائيل.
ولا أظن أن السلاح فى يد حماس له فائدة لأن المقاومة سقطت عملياً من برنامجها لتحافظ على وجودها على كرسى الحكومة، ومن ثم هى تحتاج للسلاح فى الداخل وليس فى الخارج. فمن الوارد أن تحتاجه فى الضفة الغربية مرة ثانية لتقوم بعملية مثل تلك التى قامت بها فى غزة 2007، لكنها وبكل تأكيد لا يمكن أن تحتاجه أبدا لاستخدامه ضد إسرائيل على الأقل فى الأفق المنظور. فقد طلقت حماس النضال «بالتلاتة» إلا فى الفضائيات والمؤتمرات لا أكثر ولا أقل.
وحماس لا تفعل شيئاً أكثر من انتقاد فتح، وأرجو أن تنتقد نفسها أولاً، وهى ترى أن الزعامة فى العمامة الإيرانية، ولو أنها تعاملت مع القاهرة بنصف الاحترام الذى تتعامل به مع طهران لكان أنفع لها فطهران لا تفعل شيئاً سوى أنها تدفع لحماس حفنة دولارات ولو أرادت حماس أن تعاملها القاهرة بالمثل لدفعت القاهرة ما تدفعه طهران وأكثر، وتغلق المعبر من فوق والأنفاق من تحت، وينتهى الأمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.