التعليم العالي: جامعة المنيا تستهدف التحول إلى مركز جذب للطلاب الوافدين    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    تراجع أسعار الذهب اليوم الإثنين، عيار 21 يصل لهذا المستوى    منال عوض تبحث مع البنك الدولي نتائج برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    إصابات بين الفلسطينيين جراء قصف الاحتلال على بلدة عبسان الكبيرة بخانيونس    ترامب يؤكد ضرورة إنهاء بوتين للحرب فى أوكرانيا    الدوري المصري، الجولة ال 12 "وش السعد" على المقاولون وفاركو    تقرير: أهلي جدة بدون محرز وكيسي أمام الباطن في كأس الملك    "سأرحل عن الفريق".. الكشف عن كلمات فينيسيوس بعد استبداله في الكلاسيكو    "لا أعلم سبب اللغط".. الكومي ينشر عقوبات السوبر المرسلة ل الزمالك وبينها إيقاف نبيل عماد    ضبط سائق ربع نقل يسير بحمولة زائدة في البحيرة    مصرع شخص في حادث تصادم بقنا    خروج 24 مصابا وتحويل حالتين لمستشفى الغردقة بحادث طريق الزعفرانة رأس غارب    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    ننشر صور حادث السيارة للفنان على رؤوف صاحب أغنية "أنا بشحت بالجيتار"    استعدادات تاريخية في قلب القاهرة لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير    آخر استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    محافظ القاهرة يوجه بتخصيص جزء من الإذاعة المدرسية للتعريف بالمتحف المصرى    الرعاية الصحية: تكلفة تطوير مستشفى دار صحة المرأة والطفل بالسويس 870 مليون جنيه    حدث بالفعل .. ترامب يقدم نصائح طبية للأمهات والحوامل فى منشور الرابعة فجرا    بعد غد.. وزيرا دفاع اليابان والولايات المتحدة يجتمعان في طوكيو    قانون اللاجئين الجديد ينظم أوضاع نحو 9 ملايين لاجئ في مصر.. تعرف على التفاصيل    أسعار الخضراوات والفاكهة بأسواق كفر الشيخ.. الفلفل ب20 جنيها    العظمي 27..تعرف على حالة الطقس اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الكبرى في الصين 3.2% خلال أول 9 شهور    وزير الزراعة يعلن فتح السوق الفنزويلية أمام صادرات مصر من الرمان    رضا عبد العال: توروب غير مقنع مع الأهلي حتى الآن.. والسوبر المصري الاختبار الحقيقي    نورا ناجي: رواية حامل مفتاح المدينة تمزج بين الواقعية السحرية والخيال    جامعة حلوان تطلق تطبيقا لتعزيز الخدمات الرقمية للطلاب    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    الرقابة الصحية: إطلاق أول معايير وطنية لمكاتب الصحة والحجر الصحى    بطولة محمد سلام.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» قبل عرضه الأربعاء    اتحاد المبدعين العرب: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم وريادة مصر الحديثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    قوات الدعم السريع السودانية تعلن سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر    ميليسا يتحول إلى إعصار من الفئة الرابعة ويهدد بفيضانات كارثية في جامايكا وهايتي    فنزويلا: اعتقال مرتزقة مرتبطين بالاستخبارات الأمريكية فى ترينيداد وتوباغو    «الداخلية» تضبط «دجال» بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    التوقيت الشتوي،.. نظام يساعد الأطباء على تحسين جودة الخدمة الطبية وتوازن الحياة العملية    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    الداخلية تضبط شخصين روجا شائعات وأكاذيب تحريضية بواقعة المنيا    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى حضرة السلطان حسن

شىء ما يعتمل فى روحى منذ زارتنى جدتى الحاجة نفيسة. صورتها التى بزغت من أعماقى المعتمة تلقى بضوء خفيف على الدروب التى أسيرها، وعيناى تنفتحان على صور جديدة وإن كانت دوما هناك. بدأت أتلفت حولى فأرى ما لم أكن أراه بحكم الاعتياد. غريب كيف تعتاد العيون رؤية الأشياء فتتوقف عن الرؤية تماما. وغريب أيضا أن يدفعنى حلم أن أواجه غضبى.
فى طريقى إلى مسجد السلطان حسن تذكرت تلك الفترة من حياتى حين بدأت أبحث عن ذاتى وسط الركام، فكنت أذهب إلى شارع المعز لدين الله وأقضى وقتا بين جدران المساجد القديمة. فى صحبة توهتى وارتباكى واحتشاد عقلى بالأسئلة، أجلس فى الساحة الرخامية لمسجد السلطان ابن قلاوون وأصغى إلى همس الجدران القديمة وأسئلتى، مدفوعة بذلك الشغف القديم، وصلت إلى ميدان صلاح الدين.
يطالبنى المكان بالخشوع قبل أن أخطو من بوابته الضخمة، وقفت طويلا عند البوابة الحديدية العملاقة التى تنفتح على الممر ذى الهواء الرطب بين السلطان حسن والرفاعى. أغمضت عينىّ واستنشقت هواء قديما يحمل عبق المحبة التى قامت على أعمدتها العملاقة جدران ذلك الأثر المملوكى الشامخ.
أليست هى المحبة التى جعلت السلطان الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ينشئ داخل الجامع مدرسة لتدريس المذاهب الأربعة؟! ولم يكتف السلطان حسن بتعيين المدرسين والمشرفين، بل إنه ألحق بالمدرسة سكنا للطلبة المغتربين.
صعد بى الدرج المؤدى لباب المسجد وقادنى إلى الباب العملاق المزخرف بالنقوش النحاسية ومنه إلى واجهة الفسيفساء ثم إلى صحن المسجد. فى الداخل انقطعت فجأة أصوات الحياة العادية كأننى عبرت حاجز الزمن، لم أسمع إلا الصمت الكثيف ولم أر أمامى إلا الميضأة المحمولة على أعمدة الرخام وفوقى السماء المفتوحة على الأسرار، جلست على الأرض على حافة «إيوان القبلة» وتنفست عميقا، أغمضت عينىّ ورأيت أطياف طالبى العلم، أفواج منهم يصعدون إلى غرف الدرس وراء أبواب المدارس الفقهية الأربع. لا يمكن أن تكون مساعى هؤلاء الطلبة وهفو أرواحهم إلى نور العلم قد ذهبت هباء، إنها هنا تتردد بخفوت فى انتظار من يصغى السمع.
فى الضريح ذى القبة العالية لم أبذل جهدا كى أنسى العالم خارج المكان الفسيح حيث يتسلل الضوء على شكل أسهم نحيلة ناعمة. رأيت عن يمينى رجلا أجنبيا يجلس متربعا مغمض العينين فى حالة من التأمل العميق. ذهبت بهدوء إلى ركن بعيد وجلست على الأرض. رغم ضخامته شعرت بالمكان يحتضننى، كأنه يربت رأسى المثقل ويغسل عن روحى أدران المرارة والغضب.
خرجت من المسجد وقد شعرت بروحى أكثر خفة والسؤال يهيم أمام عينى: هل القاهرة هى التى تقهرنا، أم نحن الذين قهرناها بثقل أنانيتنا؟! كم تحملت تلك المدينة، وأى قدر من الصمود هذا الذى تحاول فى صمتها أن تعلمه إيانا بينما تتشبث بجمالها وبطبقات التاريخ المتراكمة واحدة فوق الأخرى فى ثناياها!
هل يريد هذا الجمال والشموخ أن يذكرنا بالجمال القابع فينا تحت ركام الأيام القاسية؟ تركت السلطان حسن وأنا فى صحبة تلك الأسئلة. وكنت قد أدركت أننى لست غاضبة.. لكننى حزينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.