«إن أعداء السودان يسعون إلى تقسيمه وسلخ جنوبه عن شماله، لكن مساعيهم ستخيب»، كان هذا هو تعليق مندوب الخرطوم الدائم بالأممالمتحدة، السفير عبدالحليم عبدالمحمود، على الجلسة الخاصة لمجلس الأمن التى ناقشت، مساء أمس الأول، الأوضاع فى السودان، مستبقة الاستفتاء المزمع إجراؤه فى يناير 2011 لتحديد مصيره بين الانفصال والوحدة. ففى تعجيل للمواجهة السياسية بين قادة الشمال والجنوب، شارك مسؤولون كبار من جنوب السودان فى جلسة مهمة عقدتها المنظمة الدولية حول الأوضاع فى السودان، ذكرت وسائل إعلام إنها تهدف للحصول على «ضمانات» من الدول الأعضاء «بالاعتراف بالدولة الجديدة والمساعدة فى إجراء الاستفتاء فى موعده». وبحسب مصادر صحفية، قاد الأمين العام للحركة الشعبية، باقان أموم، وفد حركته إلى نيويورك، حيث استمع المشاركون فى الجلسة لآراء المستشارين والمسؤولين الدوليين، الذين شددوا على أهمية دور الأممالمتحدة حتى بعد عملية الاستفتاء. ودعت الولاياتالمتحدة وبريطانيا حكومة الخرطوم إلى تقبل نتيجة الاستفتاء - مهما كانت - بينما قال دبلوماسى عربى ل«المصرى اليوم» أثناء تعليق الجلسة إنها كانت أشبه ب «بروفة فى الكلمات والمواقف» بين أعضاء المجلس، استعداداً لجلسة أخرى مرتقبة بعد الإعلان الرسمى عن إقامة دولة وليدة فى جنوب السودان فى يناير المقبل. وخلال الجلسة، قال المندوب البريطانى وهو يضغط على كل حرف فى كلماته: «ينبغى أن نكون واضحين أن استفتاء الجنوب سيجرى فى الوقت المحدد، ولا بد من الثقة فى نتيجته سواء كانت الوحدة أو الانفصال، وأيا كانت النتيجة، فلابد من أن تؤدى إلى علاقات سلمية وودية بين الشمال والجنوب». أما نظيرته الأمريكية، سوزان رايس، فقد أكدت بوضوح أن بلادها ومعها المجتمع الدولى «سيواصلون الضغط على السودانيين لترسيم كامل للحدود بين الشمال والجنوب وأبيى، وإجراء مشاورات شعبية لشعب جنوب كردفان والنيل الأزرق للتعبير عن وجهات نظرهم بشأن اتفاق السلام الشامل وعلاقات دولهم مع الخرطوم». وفى الوقت الذى كان فيه المندوبان يتحدثان داخل القاعة عن مستقبل السودان بعد إجراء الاستفتاء، وضرورة احترام النتائج، كان ممثل الخرطوم الدائم لدى الأممالمتحدة يقف وحيداً خارج قاعة المجلس تحاصره أسئلة الصحفيين حول تصاعد أعداد الضحايا المدنيين فى دارفور، وتزايد حدة القتال بين حركة العدل والمساواة والقوات الحكومية فى شرق السودان، وحول مشاكل ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب خاصة فى منطقة إبيى الغنية بالبترول. وبالتوازى، كان مندوبو منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولى مثل «أوكسفام» و«هيومان رايتس ووتش» وغيرهما، يعكفون فى الأروقة على توزيع أحدث البيانات عن أعداد القتلى والمشردين فى مناطق السودان المشتعلة فى الشرق والجنوب فى الشهر الماضى فقط. وفى وقت تطرقت فيه الجلسة إلى الانتخابات الرئاسية التى شابتها «العديد من المخالفات الخطيرة»، أخذ مندوب الخرطوم كعادته فى كل جلسات مجلس الأمن، يوزع اتهاماته على غالبية المتحدثين داخل القاعة، ووصفهم ب«أعداء السلام فى السودان». ودافع بشدة عن الرئيس عمر البشير، خاصة بعد تجديد واشنطن مطالبتها أمس على لسان رايس بتقديم اثنين من المسؤولين السودانيين لمحاكمتهما أمام الجنائية الدولية فى «لاهاى» بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة فى دارفور.