فى الوقت الذى تتزايد فيه مطالبات دول العالم بإجراء تحقيق دولى فى الهجوم الإسرائيلى على «أسطول الحرية»، كشفت صحيفة «ديلى تلجراف» البريطانية أمس أن إسرائيل مستعدة لقبول تخفيف الحصار الذى تفرضه على قطاع غزة، إذا قبلت الأسرة الدولية بلجنة داخلية للتحقيق فى الهجوم على الأسطول الذى كان محملاً بمساعدات إلى القطاع. وأوضحت «ديلى تلجراف» أن بريطانيا قدمت الأسبوع الماضى وثيقة تطلب فيها تخفيف الحصار، ونقلت الصحيفة عن مصدر غربى طلب عدم كشف هويته وقريب من المفاوضات مع إسرائيل أن «اتفاق مقايضة مطروح حاليا». وقالت «ديلى تلجراف» إنه طُلب من إسرائيل تسهيل الدخول إلى قطاع غزة من المعابر، والسماح للأمم المتحدة بإرسال مواد لبناء 60 ألف منزل دمرت خلال الهجوم الإسرائيلى على غزة فى نهاية 2008 وبداية 2009. وأضافت الصحيفة نقلا عن مسؤول إسرائيلى طلب عدم كشف هويته أن «إسرائيل يمكن أن تكون مرنة بشأن المواد المرسلة إلى المدنيين»، موضحة فى الوقت نفسه أن المسؤولين الإسرائيليين ينكرون وجود أى علاقة بين رغبتهم فى التعاون ومسألة التحقيق فى الهجوم. وكشفت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أمس عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو انتهى بالفعل من صياغة القرار الخاص بالدعوة لتشكيل لجنة التحقيق، التى تتألف من قضاة إسرائيليين. وقال مسؤول إسرائيلى كبير إنه من غير المتوقع أن تقوم هذه اللجنة باستجواب أعضاء الكوماندوز الإسرائيلى الذى نفذ الهجوم، وفى المقابل يمكن أن يرد نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلى ورئيس هيئة أركان الجيش على أسئلة المحققين، وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه سيتم تعيين رجلى قانون أجنبيين بصفة مراقبين فى اللجنة. وتأمل إسرائيل فى التوصل إلى تسوية يمكن أن ترضى واشنطن وتقنعها بعرقلة أى محاولة إدانة للدولة العبرية فى مجلس الأمن الدولى بمبادرة من تركيا على حد قول إذاعة الجيش الإسرائيلى فضلاً عن تجنب إجراء تحقيق دولى منفصل على شاكلة لجنة تقصى الحقائق التى حققت فى حرب غزة 2008/2009 تحت رئاسة القاضى الجنوب أفريقى السابق ريتشارد جولدستون، والتى رفضت إسرائيل نتائجها بزعم أن التحقيق كان منحازا. من ناحيتها، ضمت الولاياتالمتحدة - إحدى الدول النادرة التى لم تدن إسرائيل عقب هجومها على «أسطول الحرية» والأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون صوتيهما إلى الدعوات لإجراء تحقيق دولى فى الوقائع. وتصعيدا لمواقفها، علقت تركيا مباحثات حول مد خط أنابيب الغاز الطبيعى الروسى إلى إسرائيل فى إطار مشروع «التيار الأزرق»، وذكرت شبكة «إن. تى. فى» الإخبارية التركية، أمس، أن اتفاقا بين تركيا وأذربيجان كان من المفترض أن يؤدى إلى نقل الغاز إلى إسرائيل عبر الأراضى التركية. غير أن رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين أعلن عدم إمكانية مد خط الأنابيب لإسرائيل عبر تركيا «لأسباب مادية»، دون الإشارة إلى الأزمة السياسية بين البلدين، لكنه أكد أن المشروع سيمتد إلى كل من سوريا ولبنان. وأوضحت الشبكة أن أذربيجان تخطط لتوصيل الغاز الطبيعى إلى إسرائيل ولكن ليس من المعلوم حتى الآن عن أى طريق.واستبعد خبراء تراجع تركيا عن قرارها بعدم مد الأنبوب إلى إسرائيل إلا فى حالة تنفيذ إسرائيل مطالب تركيا. جاء ذلك فيما أعرب وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس، أمس، عن قلقه إزاء تدهور العلاقات بين تركيا وإسرائيل وتداعيات ذلك على الاستقرار بالمنطقة، وعبر عن أمله فى تحسن العلاقات بمرور الوقت، محملاً فى الوقت نفسه الاتحاد الأوروبى المسؤولية جزئيا عن التغيير فى السياسة الخارجية التركية، لرفضه مساعى تركيا للانضمام إليه، مما ساهم فى إبعادها عن الغرب. وقبيل ساعات من إجراء الرئيسين الأمريكى باراك أوباما والفلسطينى محمود عباس «أبومازن» محادثات فى البيت الأبيض أمس، قال مسؤول أمريكى رفيع المستوى - رفض الكشف عن هويته - إن الزعيمين سيبحثان محادثات السلام غير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين- التى استؤنفت قبل شهر فيما يشكل نجاحا محدودا فى هذا الملف للراعى الأمريكى- وذلك بهدف الانتقال إلى مفاوضات مباشرة، فضلا عن مناقشة الوضع الإنسانى فى غزة. وفى غضون ذلك، بدأت منظمة اللجنة الأمريكية الإسرائيلية «إيباك» حملة موسعة فى عدد من الولاياتالأمريكية لحشد تأييد الأوساط الأمريكية للضغط على أعضاء الكونجرس الأمريكى للوقوف بجانب إسرائيل فى مواجهة الهجوم العالمى عليها. واعتبر بيان «إيباك» أن أسطول الحرية كانت يحاول «فك الحصار الاسرائيلى على القطاع الذى تحكمه حماس». وأن القوافل «كانت تحت رعاية المنظمة التركية للمساعدات الإنسانية وهى منظمة معروفة بصلاتها بحماس والجماعات الإرهابية الإسلامية». وفى الهند، تظاهر المئات من المسلمين فى مدينة مومباى، وحملوا لافتات تهاجم إسرائيل وتعتبرها دولة ضد الإنسانية، كما حملوا لافتات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وضربوا صوره بالأحذية وقيدوه بالسلاسل احتجاجاً على حصار غزة.