في محاولة إسرائيلية لامتصاص الغضب الدولي المتصاعد بسبب اعتدائها الأخير علي قافلة الحرية التي كانت تعمل علي كسر الحصار الإسرائيلي المفروض علي غزة بإيصال مساعدات إلي القطاع عبر البحر ساومت إسرائيل المجتمع الدولي بإعلان استعدادها لقبول تخفيف حصار غزة إذا قبلت الأسرة الدولية بلجنة داخلية للتحقيق في الهجوم علي القافلة. ونقلت صحيفة «ديلي تلجراف» البريطانية عن مصدر غربي طلب عدم الكشف عن هويته وقريب من المفاوضات مع إسرائيل أن هناك «اتفاق مقايضة مطروح حالياً». وقالت ديلي تلجراف: إنه طلب من إسرائيل من أطراف أوروبية تسهيل الدخول إلي قطاع غزة من المعابر. وأكد توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية للشرق الأوسط أن هناك مساعي واتصالات جارية بين المجتمع الدولي والحكومة الإسرائيلية لإقناعها بإدخال المواد والبضائع التي يحتاجها قطاع غزة والتي لا تمس بأمنها، مشدداً علي أن الأمور صعبة بسبب استيلاء حماس علي قطاع غزة. ومن جانبه أكد الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب أن هناك مشكلة أمنية حقيقية بالنسبة لمصر فيما يتعلق بمعبر رفح، وأنه لا يجب أبداً إطلاق اللائمة علي مصر بشأن الربط بين معبر رفح والحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة. وقال الفقي خلال مداخلة في اللقاء المصري الفرنسي الثاني، الذي انعقد أمس بمشاركة خبراء ومفكرين وسياسيين من مصر وفرنسا إنه يري أنه لا مانع أبداً من أن يكون المعبر تحت الرقابة الدولية، حيث إن الجانب الآخر من المعبر، ليس تحت سيطرة السلطة الرسمية، موضحاً أنه يمكن للأوروبيين والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن يتقدموا بمبادرة ولعب دور مهم في هذا المجال. وذكرت مصادر فلسطينية أن السلطات الإسرائيلية ستسمح اعتباراً من الأسبوع المقبل بإدخال مواد غذائية جديدة إلي غزة كانت منعتها قبل ذلك. وأبدي وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني تحفظاً تجاه المقترح الفرنسي الخاص بإشراف الاتحاد الأوروبي علي مراقبة السفن المتجهة إلي قطاع غزة في إطار المساعي المبذولة لرفع الحصار، وقال فراتيني في تصريحات صحفية إنه يشترط اتفاق جميع الأطراف المعنية قبل قيام الاتحاد الأوروبي بهذه المهمة، وذكّر وزير الخارجية الإيطالي بفشل التجربة السابقة التي قام خلالها الاتحاد الأوروبي بمراقبة معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة والتي انتهت لأن حركة حماس لم تسمح ببقائها. وضمت الولاياتالمتحدة والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون صوتيهما إلي الدعوات الخاصة بإجراء تحقيق دولي في الهجوم علي قافلة الحرية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي: «نعترف بأن مشاركة دولية» في التحقيق علي الهجوم ستكون مهمة للانتهاء من هذه المأساة وستعطي الأمل والثقة الضروريين لإنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عبرت بعد الهجوم عن تأييدها إجراء تحقيق إسرائيلي ولكن الرغبة الأمريكية بمشاركة أجنبية في التحقيق لم تعد موضع شك مما يمكن أن يؤدي إلي توتر أمريكي إسرائيلي جديد. وفي محاولة لامتصاص المطالبات الدولية الغاضبة للتحقيق في واقعة قافلة الحرية، كشفت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انتهي بالفعل من صياغة القرار الخاص بالدعوة لتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الغارة الإسرائيلية علي أسطول الحرية وتتألف من قضاة إسرائيليين. وكشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن يوسف تشحنوفر هو المرشح الرئيسي لرئاسة لجنة التحقيق، موضحة أن تشحنوفر 77 عاماً هو من قام برئاسة لجنة التحقيق في محاولة الاغتيال الفاشلة لمسئول حماس خالد مشعل بالأردن في الفترة الأولي من تولي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لمنصبه. وتوالت موجة من الانتقادات شنها سياسيون وعسكريون في أعقاب التصريحات التي أدلي بها نائب رئيس الحكومة الإسرائيلي موشيه يعلون بأن هناك أخطاء وقعت في التخطيط وفي تنفيذ مهمة الاستيلاء علي السفينة مرمرة، وأن يعلون نفسه هو الذي كان قائما بأعمال رئيس الوزراء أثناء تنفيذ العملية، وأكد أحد قادة الجيش أن المسئولية ملقاة عليه. وعلي الرغم من الانتقادات الشديدة الموجهة إلي إسرائيل في أعقاب أحداث قافلة الحرية، أوضح استطلاع للرأي في الولاياتالمتحدة أن نسبة 49% من الأمريكيين يعتقدون أن المشاركين في تلك الحملة هم المسئولون عن سقوط ضحايا وعن أحداث العنف التي وقعت علي متن السفينة. علي صعيد آخر أجري الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والفلسطيني محمود عباس أمس محادثات تتناول مفاوضات السلام غير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين برعاية الولاياتالمتحدة. كما صرح مسئول إسرائيلي كبير أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي سيلتقيان قبل نهاية يونيو الجاري.