كل صباح يوم جديد يعنى بالنسبة لها حياة جديدة، فبمجرد أن ترى نور الشمس بعينيها تحمد الله أنها مازالت على قيد الحياة وأنها لم تلق المصير الذى تتوقعه كل يوم. صورة بشعة لم تغب للحظات عن عينى روايح عبد الستار التى تقيم فى حارة العضيم فى المساكن الشعبية، خلف قسم إمبابة، وهى صورة رجال الإنقاذ وهم ينتشلون جثتها من تحت أنقاض منزلها المنهار. فى منزل آيل للسقوط صدر له قرار إزالة، تعيش روايح هى وأولادها فى انتظار الموت، فهم على يقين أن المنزل سينهار فى غفلة منهم، وسيكون مصيرهم نفس مصير سابقيهم الذين انهارت منازلهم فى المنطقة. كل ما تتمناه «روايح» من الدنيا هو منزل آمن تعيش فيه بعيدا عن شبح الموت الذى يطاردها كل يوم. وقالت: «أعيش فى شقة فى الدور الأرضى فى ذلك المنزل المهدد بالانهيار، وهو يتكون من طابقين يعانيان من التشقق والرطوبة، فجدرانه (بايشة) ولو وضعت يدى بين التشققات تتساقط الرمال والمونة، وكثيراً ما تقع أجزاء من الطوب». شقة «روايح» عبارة عن حمام ومطبخ وصالة صغيرة، وليس بها أى شبابيك أو منفذ هواء لذلك فإن نور المنزل مضاء ليلا ونهارا وهو ما دعاها إلى وصف شقتها ب«التربة»، خاصة أن سقف البيت وهو عبارة عن عروق خشب أصابه التقوس. «روايح» التى تبلغ من العمر 54 عاماً مطلقة ولديها خمسة أولاد، وبالتالى فهى غير قادرة على استئجار أو شراء شقة، سواء هى أو جيرانها الذين يسكنون فى الدور العلوى، وهى تخجل ممن يزورها ويرى بيتها على هذه الهيئة، وتخشى أيضا أن ينهار المنزل فوق رؤوسهم، وقالت: «فى أى وقت البيت هيقع ومش ناقص غير أننا نموت، أنا باصحى من النوم الصبح ألاقى نفسى عايشة أنا وجيرانى بتشاهد، ورغم أننا قدمنا شكوى فى الإدارة العامة لخدمة المواطنين فى محافظة الجيزة، وكان الرد بالمتابعة مع مجلس مدينة الجيزة (لا تتوافر حالياً وحدات سكنية بالمدينة)، وأضافت: «طول عمر المسؤولين بيتحركوا لما الكارثة تقع.. هى عادتنا ولا هنشتريها».