خاطبت نيابة جنوبالجيزة، أمس، مركز علاج الإدمان بمجلس الوزراء لتسليمه 19 من ضحايا المركز الوهمى لعلاج الإدمان فى أكتوبر، وذلك لتلقى العلاج تطبيقاً لمواد فى القانون لم تفعل من قبل، وأصدر المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، قراراً إنسانياً بعلاجهم وأمرت النيابة بعرض الضحايا على مصلحة الطب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى عليهم وتحديد الإصابات الموجودة بهم، وكيفية حدوثها وتاريخها، وأمرت النيابة بضبط وإحضار 3 متهمين هاربين بينهم صاحب المركز، واستمعت النيابة لأقوال متهم، ضبطه رجال المباحث أثناء إنقاذ الضحايا، وتقرر تجديد حبس 4 متهمين 15 يوما على ذمة التحقيقات وعرضهم على الطب الشرعى لبيان تعاطيهم مخدرات من عدمه. جرت التحقيقات بإشراف المستشار حمادة الصاوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوبالجيزة، وباشر التحقيق فريق من النيابة ضم أسامة سيف الدين، رئيس نيابة الحوادث، ومحمود عبود وهشام حاتم وأبوبكر حجاب ومصطفى خالد وموسى سعيد ومحمد عبدالفتاح، وكلاء النيابة. وأمرت النيابة باستدعاء أهالى المجنى عليهم لسؤالهم حول كيفية التعامل مع المتهمين والأموال التى يدفعونها للمتهمين مقابل علاج أبنائهم. كشفت أقوال الضحايا فى التحقيقات عن عدة مفاجآت، تبين أنهم كانوا يقفون ووجوههم للحائط عند حضور صاحب المركز، وأنه كان يصدر أوامر للعاملين بتعذيب البعض وتوثيق البعض الآخر ومنع الطعام عن آخرين، وتبين أن الضحايا كانوا يقفون ووجوههم للحائط بشكل تلقائى عندما يسمعون صوت المتهم الرئيسى الذى أطلق عليه الضحايا فى التحقيقات لقب «مأمور السجن» و«مدير المعتقل». وأضاف الضحايا فى التحقيقات أن المتهمين كانوا يقدمون لهم وجبات صغيرة، وكان من نصيب كل اثنين من الضحايا طبق صغير من الفول و3 قطع من الطعمية - أى واحدة ونصف لكل واحد - وقال أحد الضحايا فى التحقيقات: «والله يا باشا كنا بنضرب الطعمياية فى الحيطة ترد» - تأكيدا أنها لا تصلح.. وتبين أن وجبة الغداء عبارة عن طبق واحد من الأرز لكل ضحية دون خضار أو لحوم أو سلطات وأن المتهمين كانوا يقدمون لهم «وجبة لحمة» مرة واحدة أسبوعيا. وشرح الضحايا فى التحقيقات أن أسرهم كانت تدفع 150 جنيهاً يوميا مقابل العلاج وأن هذا المبلغ يحصل فى البداية، وأضافوا أن أسرهم كانت تدفع 10 جنيهات وعلبة سجائر سواء محلية أو مستوردة لتصل لأبنائهم، ولفتوا إلى أن المتهمين كانوا يعطونهم 3 سجائر فقط وأحيانا كانوا يمنعون عنهم السجائر. وعن التعذيب قال الضحايا فى التحقيقات إن المتهمين كانوا يستخدمون «عصى كهربائية» لتعذيبهم وكانوا يوثقونهم بالحبال لمدة ساعات فضلاً عن إغلاق الباب الرئيسى والنوافذ بأسياخ حديدية، وأضاف الضحايا أن شابا حاول تحطيم قفل الباب وأن المتهمين شاهدوه فاعتدوا عليه بالشوم والركلات حتى سقط مغشيا عليه، وأنهم صرخوا فى وجوه الضحايا وقالوا: «ده عبرة لكل من يحاول يهرب من المكان». والتقت «المصرى اليوم» أحد المتهمين فى القضية وقال: «أنا عمرى 15 سنة وفى الصف الثانى الإعدادى ورحت المركز علشان أتعالج وبعد شهرين رجعت البيت ولقيت صاحب المركز جه لأبويا وطلب منه إنى أرجع لإنى محتاج علاج.. وبعدين رجعت وطلب منى أشتغل معاهم فى المكان وكان بيخلينى أضرب فى الضحايا وهم موثقون بالحبال وكانوا بيصعبوا علىّ لأنى أنا كنت بضرب وأنا بتعالج هناك وكانوا كمان يخلونى أساعدهم فى ربط المجنى عليهم بالحبال.. والمتهمين كانوا بيربطوا الواحد من إيديه ورجليه ويحطوه قدام الحمام على وشه وهناك لازم كل اللى يدخل الحمام يدوس على (المربوط) ولو معملش كده يتربط مكانه». وقال ضحية - تحتفظ «المصرى اليوم باسمه» - إنه من الإسكندرية ويمتلك سيارة فارهة ومحلاً إن أصحاب المركز حضروا إلى والده فى الإسكندرية وأوهموه بأنهم يمتلكون مركزاً «5 نجوم» لعلاج المدمنين وأن العلاج يشترط عدم زيارة الأهالى لمدة 3 شهور، وأضاف أنه حضر إلى المكان وفوجئ بعمليات التعذيب له ولبعض الضحايا، وأن المتهمين كانوا يقفون بجوار الضحايا عندما يتحدثون هاتفياً لأسرهم وكانوا يمسكون عصى كهربائية حتى لا «يخرج أحدهم عن النص». وقال ضحية آخر تحتفظ المصرى اليوم باسمه إنه كان يشعر أنه فى فيلم سينمائى عن التعذيب وأن المتهمين تفننوا فى الاعتداء عليه وعلى باقى الضحايا، وأن المياه التى كانوا يشربونها بها رائحة صرف صحى، وأنهم كانوا يربطونه والضحايا لمدة 3 ساعات متتالية بربط الأيدى بالأرجل «من خلاف»، وأضاف الشاب أنه حضر إلى المركز منذ شهرين وحاول الهرب أكثر من مرة وأنه كان فى سجن وتراجع عن الهرب عندما لقن المتهمون شاباً علقة ساخنة بعد محاولته فتح قفل الباب الرئيسى والهروب.