فى الأزمات، يتحول الإعلام الإسرائيلى بأكمله إلى آلة فى يد السلطة العسكرية الإسرائيلية، لا فرق فى ذلك بين يسار ويمين، الكل يخضع فى النهاية إلى نفس العقيدة الصهيونية، ويأتمر بأمر نفس القائد العسكرى، هكذا كان المشهد الإعلامى فى إسرائيل فى حرب الأيام الستة، بحسب التسمية الإسرائيلية للنكسة، حيث خيمت أجواء الحرب على الصحافة الإسرائيلية حتى قبل اندلاعها، ففى عدد «يديعوت أحرونوت» الصادر قبل يوم واحد من الحرب، فى 4 يونيو 1967، كان المانشيت الرئيسى، «جونسون: ثقوا فى وعود الولاياتالمتحدة». اندلعت الحرب فى الخامس من يونيو، وكان المانشيت الرئيسى لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فى هذا اليوم هو «معارك برية وجوية اندلعت جنوب البلاد»، وفى اليسار نشر خبر احتل عنوانه صدر الصفحة الأولى وجاء فيه «ناصر يوفد مساعده إلى جونسون»، وسقطت القدس فى ثانى أيام الحرب، 6 يونيو 1967، لتخرج الصحف الإسرائيلية يومها مبتهجة بما وصفته ب«تحرير القدس العتيقة»، وهى الجملة التى كانت المانشيت الرئيسى لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية فى هذا اليوم، وعن نتائج العمليات التى تمت فى القدس القديمة كتبت الصحيفة تحت هذا المانشيت «أكثر من 500 مواطن مقدسى أصيبوا فى الهجوم»، ونشر خبر فى أعلى يمين الصفحة الأولى كان عنوانه «أبوعجيلة احتلت»، كما نشرت صورة كبيرة فى نصف الصفحة الأولى السفلى ل«الحائط الغربى» وكتب فوقها «الحائط الغربى لنا مرة أخرى». و«الحائط الغربى» هو التسمية اليهودية والإسرائيلية لحائط البراق، وهو الحائط الذى يحد الحرم القدسى من ناحية الغرب، وعودة إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ففى ثالث أيام الحرب، 7 يونيو 1967، احتل خبر سقوط رام الله وانسحاب الجيش المصرى صدر الصفحة الأولى، حيث جاء المانشيت ليعلن «رام الله احتلت والمدرعات المصرية تنسحب»، وكتب تحته عنوان يقول «مصر فقدت أمس 200 دبابة، وانتصارات لجيش الدفاع الإسرائيلى فى الأردن»، ثالث أيام الحرب شهد طبعة ثانية لجريدة «يديعوت أحرونوت»، كان المانشيت الرئيسى فيها «جنودنا بجوار الحائط الغربى»، وكتب تحته عنوان آخر يقول «الحاخام الرئيسى لجيش الدفاع الإسرائيلى وصل للمكان مع لفائف التوراة»، وتحته عنوان آخر يقول «المنتصرون بكوا كما الأطفال»، ونشرت صورتان إحداهما لاجتماع لبعض القادة الصهاينة. «وقف إطلاق النار فى الجبهة الأردنية» كان المانشيت الرئيسى لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فى رابع أيام الحرب، 8 يونيو، وكتب تحته عنوان «القاهرة تجند دولا عربية أخرى لاستمرار الحرب.. والشقيرى فى دمشق»، وكان المانشيت الرئيسى ل«يديعوت أحرونوت» فى خامس أيام الحرب، 9 يونيو، «سوريا أيضاً تتفق على وقف إطلاق النار»، وكتب تحته عنوان يقول «ممثل مصر فى الأممالمتحدة استقبل مكالمة تليفونية من القاهرة، أعلن بعدها أن مصر موافقة على وقف إطلاق النار.. ثم انهار فى البكاء»، ونشر خبر فى صدر الصفحة الأولى كان عنوانه «قائد لواء الجنوب لرئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: يمكن الآن الإعلان أن قواتنا على شواطئ القناة»، وبعد الحرب بيومين، فى 12 يونيو، خرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بمانشيت يقول «الشعب يتحد مع تذكر قتلاه»، ونشرت صورة لأسرى مصريين نائمين على الأرض بملابسهم الداخلية ويقف من خلفهم جندى وضابط إسرائيليان، وفى أسفل الصفحة نشر خبر يقول عنوانه «الزعماء العرب يتناقشون فى اجتماع قمة طارئ»، كما نشر خبر فى أعلى يمين الصفحة الأولى ل«يديعوت أحرونوت» كان عنوانه «خريطة للمدينة العتيقة» ملحق يديعوت أحرونوت. وفى 15 يونيو، بعد 5 أيام من الحرب، كان المانشيت الرئيسى ل«يديعوت أحرونوت» يقول «الاتحاد السوفيتى يدعو إسرائيل للاهتمام بمواطنى الضفة وإعادة اللاجئين»، ونشر خبر يحصر خسائر الجبهة الأردنية فى الحرب كان عنوانه «دمرت تسعة ألوية أردنية»، وفى صدر الصفحة نشرت صورة كبيرة لعدد من الجنود الصهاينة فى سيناء يقرأون كما كتب فوقها صحيفة «يديعوت أحرونوت».