نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    هل ينفتح ترامب بشكل أكثر ذكاءً في تعامله مع "ممداني" العمدة المسلم المنتخب لمدينة نيويورك؟    وزير خارجية السودان السابق ل"البوابة نيوز": لا سلام دون هزيمة الدعم السريع ونزع سلاح الميليشيات.. الذهب والأرض الخصبة «ثروات» أشعلت نار الصراع|حوار    متحدث أممي: نازحو الفاشر تعرضوا لفظائع وحشية.. ومناطق بالسودان تشهد مجاعة    سمير جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة ودموية وكان من الممكن تفاديها    ترامب يلتقي عمدة نيويورك.. ويؤكد: سنساعده على تحقيق حلم الجميع    الكرتي وشريف إكرامي في قائمة بيراميدز أمام ريفرز يونايتد    حادث زفاف مأساوي في بنها.. العروس تفقد حياتها والعريس وشقيقها في العناية المركزة    مصطفى حجاج ينفي الخلافات مع هاني محروس: هو شريك النجاح وأستاذي وقدوتي    الإعلان عن مبادرة سينماد لعرض أفلام المهرجانات العربية في ختام مهرجان القاهرة السينمائي ال46    اعتماد منشأتي كفر السوالمية والعاشرة يرفع إجمالي الوحدات الصحية المعتمدة بالمنوفية إلى 8    هالاند يقترب من كسر رقم شيرار قبل مواجهة مانشستر سيتي ونيوكاسل    كونسيساو يشيد بأداء الاتحاد السعودي بعد الفوز على الرياض    تحرك جديد في أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 نوفمبر خلال ختام التعاملات    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اختطاف طالب بالسويس    رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة يدعو الحكومة لمراجعة رسوم الإغراق على البليت لضمان التنافسية وتشغيل المصانع المتعطلة    الأهلى يهزم الطيران في الجولة الخامسة عشر بدورى محترفي اليد    عرض أزياء إسلام سعد يجمع نجوم الفن ومى عز الدين تخطف الأنظار فى أول ظهور بعد الزواج    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يقيم ندوة الاحتفاء بإصدار يوثق مسيرة جيل من المخرجين    صوته نازل من السما.. برنامج دولة التلاوة يحتفي بالشيخ محمد رفعت    اضرب بكل قوة.. مصطفى بكري يوجه رسالة حاسمة للرئيس السيسي    أهلي جدة المنقوص يتقدم على القادسية في الشوط الأول    تعرف على تشكيل نيس ومارسيليا بالدوري الفرنسي    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    سقوط عصابة تقودها فتاة استدرجت شابًا عبر تطبيق تعارف وسرقته تحت تهديد السلاح بالدقي    الشوط الأول .. الجيش الملكي يتقدم علي أسيك بهدف فى نهائى أفريقيا للسيدات    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي بتوقيع الموسيقار هاني فرحات    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    «المال في مواجهة الطموح».. هل يحسم «طوفان اللافتات» مقاعد البرلمان؟    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    السيدة انتصار السيسى تستقبل قرينة رئيس كوريا بالمتحف الكبير    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    بالصور.. استعدادات حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال46    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    إصابة 3 شباب في حادث مروري بنجع حمادي    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع الحرب النفسية بين مصر وإسرائيل بعد يونيو

أجمع العالم كله على أن أكبر مفاجأة فى حرب أكتوبر العاشر من رمضان هى الروح المعنوية للجندى المصرى، لم يصدق أحد أن هذا الجندى الذى عبر القناة وراح يقتحم حصون خط بارليف فى شجاعة نادرة، هو نفسه الجندى الذى شاهده العالم وهو ينسحب من سيناء قبل سنوات قليلة، فى ظروف إنسانية قاسية، كل الحسابات العسكرية كانت تقدر أن الجندى الذى هزم فى سيناء لا يمكن أن يخوض أى حرب هجومية قادمة أبداً، وأن ذلك يحتاج إلى أجيال، وعلى هذا التقدير بنيت خطة إسرائيل العسكرية وزادت ثقتها فى نفسها وفى قواتها وجيشها.
إن هذا التحول المعنوى الخطير لم يدرس حتى الآن دراسة وافية، لقد أثرت عوامل كثيرة على التطور المعنوى للجيش المصرى حتى يظهر بتلك الصورة الرائعة فى حرب أكتوبر.
لا يمكن أن نتعرف على حجم المعجزة المعنوية التى حدثت للجندى المصرى إلا بعد العودة إلى حرب (67) لنعرف حجم الدمار النفسى الذى حدث للجيش المصرى، فقد كانت حرب (67) مريرة فى أحداثها ونتائجها، وكان أخطر هذه النتائج هو الانهيار التام فى الروح المعنوية للجيش المصرى، لهذا لم يكن هناك أى أمل فى إعادة بناء الجيش المصرى مادياً دون إعادة بناء الروح المعنوية التى انهارت نتيجة الهزيمة القاسية، والأخطر من ذلك تلك الصدمات النفسية التى أصيب بها الشعب المصرى كله.
كان الجيش المصرى ضحية جبل هائل من الأخطاء السياسية العسكرية، وكان من أهم هذه الأخطاء عملية الشحن المعنوى الهائلة قبل حرب (67). وكان هذا الشحن المعنوى يعتمد على تضخيم ذاتنا وقدراتنا بصورة أكبر من حقيقتها، وفى المقابل الاستهانة بالعدو وقدراته وإمكانياته، لهذا اعتقد الشعب المصرى من خلال الإعلام أن الحرب مجرد نزهة ستنتهى بعد ساعات، لذا عندما حدثت الهزيمة كان الانهيار سريعاً وهائلاً، أما فى الجيش فقد حدث نوع من «الذعر» نتيجة المفاجأة التامة فى ميدان القتال، فلم يكن الجيش فى حالة استعداد حقيقى للقتال.
لقد حكى لى أحد الطيارين الأبطال أنه بعد حرب يونيو ذهب لزيارة والده لكن الأب رفض استقبال ابنه الطيار البطل لأنه جلب العار لمصر، كان الأب مثل كل الشعب متأثراً بالحرب النفسية والشائعات التى وجهت إلى أفراد الجيش المصرى كله. وكان الجيش المصرى هدفاً للحرب النفسية، من جبهتين.
الجبهة الداخلية فى مصر: فوجئ الجيش المصرى العائد من سيناء بعد مأساة عسكرية وإنسانية لم يتعرض لها جيش من قبل فى التاريخ، بالسخرية، والإهانة والتجريح والقصص والشائعات الكاذبة، تقول سناء البيسى فى مقالتها (19 مايو 2007 بالأهرام) عن المشير عامر قائد الجيش (هرم خوفو، هرم خفرع، هرم منقرع، هرم من هرب)،
فى ذلك الوقت كان هناك جهاز داخل التنظيم السياسى الوحيد فى مصر وهو الاتحاد الاشتراكى يطلق عليه جهاز الشائعة، هذا الجهاز كان جهازاً متخصصاً فى إصدار الشائعات ضد بعض الشخصيات لتلطيخها وتشويه سمعتها، كذلك امتصاص أى مظاهر للغضب وتبرير الهزائم والأخطاء بقصص تلهى الشعب عن الحقيقة.
لقد تم إخفاء كل الحقائق عن الشعب حتى الآن، وتم استبدال الحقائق بأكاذيب لم يجد الصحفيون غيرها ليرددوها وتحمل الجيش المصرى ما لم يتحمله جيش فى العالم من ظلم سواء فى ميدان المعركة أو بعدها، وكان هو الأسوأ والأخطر.
كان من أخطر الشائعات المدمرة التى فوجئ بها رجال القوات المسلحة بعد الحرب شائعة الحفل الساهر فى إحدى القواعد الجوية ليلة الحرب، وأن هذا الحفل كان من أحد أسباب هزيمة القوات الجوية المصرية، والحقيقة أنه حفل شؤون معنوية، بمعنى أن كل من شارك فيه من النجوم تم اختيارهم لهذه المناسبة بواسطة الشؤون المعنوية «الشؤون العامة وقتها» كان منهم على سبيل المثال المطرب محمد رشدى وعبداللطيف التلبانى وشكوكو.. إلخ،
كذلك فإن الحفل يقام مبكراً وينتهى مبكراً فى توقيتات محددة، الأهم أن الذى يحضره الضباط والجنود الذين فى وقت الراحة أما من هم فى الخدمة فهم يؤدونها، والطيارون بالذات الذين كانوا فى حالات الاستعداد الأولى الأهم من ذلك أن هذه القاعدة كانت من القواعد الرئيسية التى تعرضت لهجوم مكثف ضمن العديد من القواعد الجوية، ورغم تدمير الممرات فإن بعض الطيارين المصريين الأبطال الذين اتهموا كذباً بسهرهم سهرة حمراء بين أحضان النساء والخمر،
قد قاموا بطلعات خارج كل حسابات الشجاعة لأنها مستحيلة فى ظروف هجوم جوى معادٍ مكثف وفى ظروف تدمير الممرات، يعنى من المستحيل الإقلاع عملياً وأيضاً حسب قوانين الحرب، ورغم ذلك قام بعض الطيارين المصريين بطلعات ليس لها مثيل فى التاريخ العسكرى فى العالم حيث انطلقوا من الممرات الفرعية التى لا تصلح للإقلاع بل أحدهم قام بقياس المسافة بين طائرته وأول حفرة فى الممر.
وقرر الإقلاع، لمواجهة الطائرات الإسرائيلية مهما كان الخطر، وبالفعل انطلق بطائرته فى مسافة قصيرة جداً، واشتبك مع الطائرات الإسرائيلية المهاجمة للقاعدة بل استطاع أن يصيب إحدى هذه الطائرات التى سقطت بالقرب من الزقازيق فعلاً هذا الطيار اسمه «نبيل شكرى» ومثله خرج «محمود سامى فؤاد» الذى استشهد فوق سماء القاهرة، وغيره «حسن القصرى» الذى استشهد فوق سيناء و«عبدالمنعم الشناوى» و«ممدوح الملط» الذى انطلق بطائرته من حافة الممر من قاعدة وادى المليز. وأصيب أثناء الإقلاع وقفز بالمظلة أثناء الهجوم الجوى الإسرائيلى.
وأقرر للتاريخ وأنا شريك وشاهد: لم يهرب جندى واحد من جيش مصر من موقعه كما نقل وروج الإعلام المصرى للأسف، هناك أمر بالانسحاب صدر مساء يوم 5 يونيو وكان تنفيذ الانسحاب بعد تحطم القوات الجوية المصرية يعنى مأساة، فقد تم تدمير الأسلحة والمعدات على طرق سيناء بالطيران الإسرائيلى واضطر الرجال أن ينسحبوا سيرا على الأقدام مئات الكيلومترات ومعظمهم جرحى ومصابون.
ورغم ذلك كانت هناك معارك بطولية تفوق كل الخيال على أرض سيناء. معركة اللواء 14 مدرع بقيادة «عبدالمنعم واصل» الذى أوقف تقدم القوات الإسرائيلية وسط سيناء وأنزل بهم خسائر فادحة وانسحب انسحابا تكتيكيا حتى القناة وقد أصيب «واصل» فى صدره وواصل قيادة وحدته.
أما معركة الفرقة الرابعة تحت قيادة «صدقى الغول» فتحتاج إلى كتاب كامل لأن كل جندى وضابط فيها كان بطلاً أسطورياً. أيضاً بطولات خارقة على الحد الأمامى انتهت بالاستشهاد. لقد قادت إسرائيل حملة الإعلام الدولى ضد الجيش والشعب وتمثل ذلك فى أخطر كتاب ظهر فى ذلك الوقت وهو كتاب «وتحطمت الطائرات عند الفجر»،
هذا الكتاب الذى روى قصصاً مختلقة وكاذبة عن سلاح الطيران المصرى، وفى الوقت نفسه الذى كان فيه الجيش يتعرض لهذه الحملة الظالمة داخل وطنه كانت عناصر الجيش التى تحاول بناء أول خط دفاعى على شاطئ القناة تتعرض لحرب نفسية من نوع جديد تماماً، وكانت وسائلها مكبرات الصوت والإذاعة الإسرائيلية.
وكان أخطرها تلك الآية القرآنية التى كتبتها قوات إسرائيل وعلقتها فى لوحات كبيرة على شاطئ القناة وأذاعتها من إذاعاتها.. إنها الآية.. بسم الله الرحمن الرحيم: «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله» صدق الله العظيم.
كانت إسرائيل تعنى بهذه الآية الكريمة أنها انتصرت علينا بإرادة من الله «سبحانه وتعالى».
لهذا فإن إدارة التوجيه المعنوى «الشؤون المعنوية» كانت فى مواجهة مع أخطر مهمة فى أصعب مرحلة تعرض لها جيش فى التاريخ لأن هذه الحرب تدور دون سلاح مادى، فهى تدور فى أعماق الإنسان ووجدانه وفكره. لقد قاد هذه المواجهة مجموعة من المخلصين تحت قيادة المقدم رشدى حسان ثم اللواء جمال الدين محفوظ رحمهما الله.
مؤرخ عسكرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.