«حكايتى تختلف كثيرا عن أى حكاية داخل «سجن القناطر»، لم أكن يوما من المسجلين خطر، ولم أدخل قسم الشرطة إلا لاستخراج بطاقتى الشخصية، كانت هى المرة الأولى والأخيرة التى ألقى القبض علىَّ فيها.. تركت سيدة شنطة بها مخدرات داخل محل أمتلكه.. واعتبرتنى المباحث صاحبته، وصدر ضدى حكم بالسجن المؤبد 25 عاما بتهمة الاتجار بالمخدرات، قضيت منها 18 عاما خلف القضبان، دون أن اقترف ذنبا أحاسب عليه «بهذه الكلمات بدأت أقدم سجينة ب«سجن القناطر» حكايتها ل«المصرى اليوم». لم تخجل كغيرها من السجينات، ولم تخف وجهها من كاميرات التصوير، دون ذكر اسمها. قالت: «أنا أقدم سجينة بسجن» القناطر الخيرية؛ دخلته منذ 18 عاما قضيتها دون ذنب أحاسب عليه– على حد قولها- قبل دخولى السجن كنت أعيش حياة مرفهة، أقرب لحياة أولاد الذوات اللى بنسمع عنهم ونشوفهم فى الأفلام والمسلسلات، تزوجت وكانت حياتى سعيدة للغاية، أنجبت فتاتين وولد وأصبحنا أسرة سعيدة، لا ينقصنا شىء، جمعت مبلغا من المال ساعدنى فيه زوجى وفتحت محل كوافير كبيراً، كانت زبائنى من الطبقات الراقية، ولأننى متخصصة فى هذا المجال أصبحت النساء تأتى إلىَّ من كل مكان. ذات يوم جاءت للمحل إحدى الزبائن– والكلام مازال على لسانها- وجلست كعادتها تنتظر دورها، وفى يدها حقيبة سوداء وضعتها على الكرسى بالمحل، اعتقدت أنها ستأخذها عند خروجها من المحل، وبعد تصفيف شعرها خرجت وتركت الحقيبة داخل المحل، ولأننى أنشغلت بالعمل لم أنظر إليها لحظة خروجها بدون الحقيبة، دقائق معدودة بعد خروجها، وداهم رجال مكافحة المخدرات المكان عثروا على الحقيبة وبفتحها تبين أنها تحوى كمية من الحشيش، القى ألقبض على باعتبار أننى صاحبة المحل وأن المضبوطات ملكى، بدأت الإجراءات تسير فى طريقها وانتهت التحقيقات بإدانتى ووجهت لى النيابة تهمة الاتجار بالمخدرات. وتمت إحالتى إلى الجنايات التى أصدرت حكمها علىّ بالسجن المؤبد». توقفت السجينة كثيرا عن الحديث وشجعتها إحدى النزيلات التى تعرف قصتها جيدا على استكمال كلامها، قالت: «شبّ أولادى وأصبحت ابنتى الكبرى بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية وهى تفخر بى لأنها تدرك أننى لست مذنبة، أصدقاؤها بالجامعة يعرفون الحكاية ويصرون على صداقتها» . وأضافت السجينة: «أعمل بمطبخ السجن منذ دخولى ولم أرتكب أى مخالفة، ولم تعاقبنى إدارة السجن منذ 18 عاما، لأن الجميع يعرف حكايتى، وأننى أعمل بالسجن من أجل تربية أولادى، حتى إننى أرسل إليهم راتبا شهريا يعينهم على تلبية متطلبات الحياة ومصاريف الدراسة». وعن كيفية قضائها اليوم داخل السجن قالت: «أقضى يومى بالسجن كأى مواطن خارجه وربما أفضل، أستيقظ فى السادسة صباحا أصلى، ثم أتناول وجبة الإفطار، ثم ندخل المكتبة للقراءة والاطلاع، ثم نستقبل الزيارة ونستكمل اليوم حتى الخلود للنوم، المسؤولون عن السجن وفروا لى جميع الإمكانيات والسبل التى تعيننى على قضاء مدة العقوبة دون الشعور أننى سجينة، ولم يتبق من مدة العقوبة سوى عامين أتمنى أن أعود للحياة خارج السجن من جديد وأن يتقبلنى المجتمع».