محافظ المنوفية يطلع على حلول خفض الكثافات الطلابية برياض الأطفال    «حماة الوطن»: نشارك بمبدأ التنوع لا التنازع والمشاركة لا المغالبة ضمن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ    محافظ المنوفية يوافق على النزول بدرجات القبول ببعض المدارس الفنية بمختلف تخصصاتها    وزير العمل: نستهدف تدريب 600 شخصًا في مجالات الخدمات البترولية    المشاط: مصر لديها تجربة رائدة في تمويل التنمية وحشد الشراكات الدولية    البورصة المصرية تستهل تعاملات الإثنين بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات    وزير قطاع الأعمال العام يتابع تنفيذ مشروعات التطوير العقاري والمقاولات وإدارة الأصول    سانا: قافلة مساعدات جديدة تتوجه إلى السويداء    «إهانة كبرى».. روسيا تنتقد الاتفاق التجاري الأمريكي الأوروبي    دمياط تحتضن منافسات المصارعة الشاطئية على رمال رأس البر    المصري يؤدي مرانًا صباحيًا بعد الفوز على الترجي    7 مصريين بسباق التجديف الشاطئي في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    الفيفا يناقش مع بيراميدز التحضير لمواجهة أوكلاند سيتي ب كأس الإنتركونتيننتال    استعدادًا ل المونديال.. منتخب اليد يواجه السعودية اليوم وديًا    5 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار غير المشروع في العملات الأجنبية    الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة والقاهرة في الظل 40 درجة    «مباحث التموين» تضبط 6 قضايا في حملة بالقاهرة    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية والناجحين    على مدار اليوم.. مواعيد انطلاق القطارات من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري الاثنين 28 يوليو    وكيل "تعليم الجيزة" يتفقد امتحانات الدور الثاني.. ويُحيل مسؤولين للتحقيق بسبب التقصير    بسمة بوسيل تنفي عودتها لتامر حسني: «لو حصل هنعلن بنفسنا»    حفظ شكوى نقابة المهن الموسيقية ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    بسبب أغنية مشاعر | بسمة بوسيل تفجّر مفاجأة وزوجة رحيم تردّ    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبدالحميد في دورته ال 41    نورا ناجي: رضوى عاشور كاتبتي المفضلة والحصول على جائزة تحمل اسمها مكافئة منها    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    «الصحة» تنصح المواطنين بالإكثار من السوائل لتجنب مخاطر ارتفاع حرارة الطقس    «الصحة» تصدر بيانًا بشأن وفاة «نورزاد هاشم» داخل مستشفى خاص    «الرعاية الصحية» تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية على الاعتماد الدولي (WSO)    المجلس التنفيذي لمحافظة مطروح يعقد اجتماعه الرابع للعام 2025 برئاسة اللواء خالد شعيب    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    خروج جثمان زياد الرحباني من المستشفى وسط حشد كبير من الجمهور (صور وفيديو)    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة إعادة تدوير رواكد الأخشاب إلى مقاعد دراسية    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    النصر ورونالدو.. بوابة جواو فيليكس نحو كأس العالم    العراق: سقوط طائرة مسيّرة مفخخة بمحافظة أربيل دون تسجيل إصابات    تمرين ينظم نسبة السكر في الدم لدى مصابي السكري.. احرص عليه    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    مظاهرتان مؤيدة ومناهضة للهجرة أمام فندق طالبي لجوء فى بريطانيا والشرطة تتدخل    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    ضبط 249 قضية مخدرات وتنفيذ 62443 حكما قضائيا متنوعا خلال 24 ساعة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    الصحة العالمية : مصر أول بلد بالعالم يحقق المستوى الذهبي للتخلص من فيروس C    بث مباشر| شاحنات المساعدات تتحرك من مصر باتجاه قطاع غزة    طلاب الأزهر يؤدون امتحانات الدور الثاني في مواد الفرنساوي والجغرافيا والتاريخ    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 28-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 28 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمات الواقع وصياغة الدستور
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 07 - 2012

فى الوقت الذى تقوم فيه الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، والمطعون على تشكيلها، بمواصلة عملها عبر لجانها المختلفة بسرعة كبيرة للانتهاء من مسودة الدستور قبل انتهاء شهر رمضان، تتوالى على البلاد أزمات ومشكلات كثيرة، يبدو واضحاً أنها جميعاً ترتبط بمشروع الدستور، الذى تقوم الجمعية بصياغته.
فالأحداث التى عرفتها السويس وبعض المحافظات الأخرى بشأن ما نسب من اعتداءات من بعض الشباب الإسلامى على مواطنين ومواطنات بسبب ما رأوا أنه خروج عن صحيح السلوك الإسلامى والقيم التى يجب أن يتحلى بها المسلمون - ترتبط تمام الارتباط بالخلاف الحاد الدائر داخل الجمعية التأسيسية حول صياغة المادة الثانية من الدستور السابق والمتعلقة بموضع الشريعة الإسلامية أو مبادئها أو أحكامها من النظام التشريعى فى البلاد. فهذا الخلاف حول الصياغات ليس مجرد خلاف بين النخب المثقفة والسياسية التى تضمها الجمعية وتعبر عن القوى والمؤسسات السياسية فى البلاد، بل هو أعمق من ذلك ويمتد إلى ممارسات وأفكار فى عمق المجتمع المصرى يجب أن تستوعبها الصياغة الدستورية لموضع الشريعة بما يضمن من ناحية الالتزام بها ومن ناحية أخرى تعبيرها عن نقطة التوازن بين الرؤى المختلفة بحيث تشيع فى المجتمع حالة من السلام والاستقرار الضرورية لبنائه وتقدمه.
ولا يختلف حال الأزمة المحتدمة بين الصحافة القومية ومجلس الشورى المصمم بأغلبيته الإسلامية من إخوان وسلفيين على تغيير قياداتها، وفقاً لما يراه من معايير - عن أزمة المادة الثانية فى علاقتها بصياغة الدستور الجديد. فمجلس الشورى هو الغرفة الثانية للسلطة التشريعية، والصحافة بحسب الدستور السابق هى السلطة الرابعة فى الدولة، ولها من الاستقلالية فى مواجهة السلطات الأخرى ما يكفل لها القيام بعملها على الوجه الذى يجعلها فى خدمة المجتمع وحرياته الأساسية فى الرأى والتعبير. وتطرح هذه الأزمة الواقعية على جمعية صياغة الدستور قضيتين على الأقل يجب وضعهما بعناية ووضوح فيه: الأولى تتعلق بوضع الصحافة والإعلام عموماً فى النظام السياسى الجديد للبلاد ومساحة الحريات الضرورية لهما والواجبات التى يجب أن يلتزما بها، وبداخلها الحال الذى ستكون عليه مؤسسات الصحافة القومية واتحاد الإذاعة والتليفزيون فى الدستور الجديد سواء من حيث الملكية أو الإدارة، باعتبارهما ملكاً للشعب المصرى. وتوجب هذه القضية على أعضاء الجمعية التأسيسية أن يضعوا فى الدستور الجديد صياغات واضحة توفر للصحافة القومية والإذاعة والتليفزيون ملكية وإدارة مستقلين تماماً عن أى قوى أو أحزاب سياسية أو سلطات أخرى فى الدولة، وذلك بديلاً عن الوضع الحالى الذى يجعل الأولى تابعة لمجلس الشورى والثانية تابعة لوزارة الإعلام.
وتتمثل القضية الثانية التى تثيرها أزمة الصحافة القومية ومجلس الشورى فى العلاقة بين سلطات الدولة المختلفة، وهو ما يجب على جمعية وضع الدستور التأنى فيه ووضع الصياغات التى تكفل الاستقلالية التامة لكل منها عن الأخرى، وفى نفس الوقت انسياب العلاقات فيما بينها بصورة تضمن قيامها جميعاً بأداء أدوارها على الوجه الأكمل. فحتى اللحظة لا يبدو واضحاً من أعمال الجمعية التأسيسية إلى أى نظام سياسى تميل، وهل هو برلمانى أم رئاسى أم مختلط، وبأى درجة من الصلاحيات لكل من سلطات الدولة تجاه الأخرى وبخاصة رئيس الجمهورية والحكومة فى مواجهة البرلمان والقضاء والصحافة. وتفرض أزمة الصحافة ومجلس الشورى، ومعها الضغوط الكثيفة التى تمارسها فئات اجتماعية ووظيفية كثيرة على رئيس الجمهورية للتدخل لحل مشاكلها وأزماتها، درجة أعلى ضرورية من اهتمام جمعية صياغة الدستور بوضع نمط واضح ومحدد لصلاحيات كل من سلطات الدولة ووظائفها.
وتأتى أزمات مثل الصدام الأخير بين المحامين ورجال الشرطة والاعتصامات العمالية والإدارية ومطالبات بعض الفئات بالتعيين فى وظائف الدولة أمام القصور الجمهورية لكى تثير قضية حدود صلاحيات رئيس الجمهورية ووظائفه فى النظام السياسى الجديد كما يقره الدستور الدائم. فهذه النوعية من الضغوط والتجمعات أمام مقار رئيس الجمهورية تعكس وضعاً تعود عليه المصريون طوال الأعوام الستين الماضية، وكان فيه للرئيس جميع السلطات والصلاحيات التى تفوق كل ما لدى سلطات الدولة الأخرى بل تجبّها. وهنا يظهر السؤال الصعب أمام جمعية صياغة الدستور، هل ستنحاز فيه إلى ما تعود عليه المصريون أم أنها ستضع ملامح نظام سياسى جديد تتراجع فيه صلاحيات الرئيس التنفيذية لصالح الحكومة والمحليات بحيث تكون هى المسؤولة عن حل المشكلات والأزمات اليومية التفصيلية ولا تضع أعباءً إضافية على رئيس الجمهورية الذى يتفرغ لوضع السياسات الكبرى والإشراف على تطبيقها.
وغير بعيد عن هذه الأزمات الأخيرة وعلاقتها بوضع الدستور الدائم للبلاد، يمثل الأداء الذى بدا سلبياً لكل من مجلسى الشعب والشورى قبل دخولهما إلى معركة دستورية وجودهما - قضية أخرى مهمة يجب مراعاتها فى نصوص الدستور الجديد. فجزء غير قليل من الانطباع بسوء أداء المجلسين عند عموم المصريين أتى من توقعات لدورهما ليس لها أساس دستورى أو قانونى، حيث أمل المصريون أن يقوم المجلسان بإدارة وحل جميع المشكلات والأزمات المجتمعية التى يعانون منها بغض النظر عن طبيعة الأدوار التشريعية والرقابية المنوط بهما القيام بها. فقد حوسب المجلسان من هذه الزاوية باعتبارهما يمثلان كل السلطات فى وقت واحد وأبرزها التنفيذية وليس باعتبارهما مجلسين تشريعيين لهما دورهما المحدد. ومن هنا فمن الواجب على جمعية صياغة الدستور أن تضع فيه من النصوص ما يحدد بدقة أدوار البرلمان ومعها أدوار السلطة التنفيذية من رئاسة الجمهورية والحكومة والسلطات المحلية من إدارة حكومية ومجالس شعبية منتخبة، حتى لا تتفرق المسؤوليات وتضيع حقوق المواطنين بين مختلف السلطات والهيئات بما يجعل من محاسبتها على أدوارها الحقيقية أمراً صعباً.
إن جوهر كل المشكلات والأزمات التى تشهدها البلاد حالياً هو التخبط فى هذه المرحلة الانتقالية الصعبة بين نظام سياسى مستبد وغير ديمقراطى ومركز لكل السلطات تقريباً فى يد السلطة التنفيذية، وعلى قمتها رئيس الجمهورية، وبين نظام سياسى جديد لم يتم وضعه بعد يكون متوازناً وديمقراطياً وشفافاً. ومن هنا فإن المهمة الأصعب والأهم على الإطلاق فى الوقت الحالى هى الصياغة الدقيقة لهذا النظام الجديد فى دستور البلاد الدائم والذى سيكون الأساس الوحيد له. ومن هنا أيضاً فإن عمل جمعية الدستور الحالية - إذا لم يحكم ببطلانها - أو القادمة فى حالة تشكيلها هو المهمة الأولى بالرعاية والاهتمام من جميع القوى السياسية والشعبية والاجتماعية، وعليها جميعاً أن تضعها فى المكان الذى تستحق بأن تبذل كل جهودها لاقتراح تصورات وصياغات تكفل فى النهاية التوافق على ملامح نظام سياسى متوازن وديمقراطى وشفاف تتحدد فيه صلاحيات ووظائف جميع السلطات فى البلاد وعلاقتها الدستورية والقانونية بعضها ببعض.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.