حمّل خبراء فى الشؤون الأفريقية، حكومات عهد الرئيس مبارك، مسؤولية الأزمة مع دول منابع النيل، مؤكدين أن لقاءات الرئيس مع عدد من المسؤولين الأفارقة مؤخرا، تعد محاولة لإعادة الدور المصرى بهذه الدول. واعتبر الخبراء، المشاركون فى المؤتمر السنوى لمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة أمس، أن الحديث عن «التغلغل الصهيونى» فى هذه المنطقة تسأل عنه حكومات مبارك «التى اهتمت بما لها من حقوق وفقا للاتفاقيات، وتناست ما عليها من واجبات مدونة فى نفس الاتفاقيات». وتساءل الحضور عن سبب الغضب من أثيوبيا على الرغم من أن الحكومات المصرية هى سبب الأزمة الحالية، لأنها لم تعمل على تنفيذ الاتفاقيات التى تؤكد مساعدة مصر لمشروعات التنمية فى هذه البلدان، مقابل الانتفاع بفائض المياه العائد من تلك المشروعات. وقال الدكتور سيد فليفل، عميد معهد الدراسات الأفريقية السابق بجامعة القاهرة، إن موقف مصر حاليا لا يحتاج إلى اختراعات جديدة فى دول الحوض، وإنما تنفيذ المشروعات القديمة، مشيرا إلى أن الاتفاقيات الموقعة بين مصر والكونغو وإثيوبيا فى التسعينيات لا يمكن التراجع عنها، خاصة أنها موقعة من قبل الذين يطالبون بإلغاء الاتفاقيات القديمة الآن. وأكد فليفل أن الحكومة المصرية عليها العمل على ثلاثة محاور رئيسية، وهى: برنامج عاجل للاعتماد على التبادل التجارى مع دول حوض النيل فى جميع السلع الغذائية وغيرها، وأن تنصب التجارة الخارجية المصرية على حوض النيل، وأن تعمل مصر على إقامة تجمع إقليمى يضم دول الحوض بدلا من تركها لأمريكا وإسرائيل. وذكر الدكتور حسين خالد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، أن الإحصائيات والتقارير الصادرة عن الهيئات الدولية تشير إلى أن إفريقيا لا تستخدم سوى 1.6% فقط من المياه المتاحة، فيما تستفيد قارة آسيا بنسبة 14% من المياه عندها، وأن النسبة المستغلة من مياه النيل لا تزيد عن 5% فقط حاليا، مضيفا: معنى ذلك أن أمامنا فرصة كبيرة لزيادة المتاح من المياه سواء فى حوض النيل أو فى أفريقيا ككل. وأضاف: الاستخدام الأمثل لمياه الأنهار ونموها يمكن أن يرفع مساحة الأراضى القابلة للزراعة أضعافا إذا تم فتح الباب أمام المشاركات الدولية والإقليمية سواء على مستوى الدول أو على مستوى القطاع الخاص، وذلك فى أشكال مرنة تتجاوز العقبات القانونية والسياسية القائمة، مشيرا إلى أن دول حوض النيل قطعت شوطا كبيراً فى السنوات الماضية بشأن مبادرة حوض النيل، ولا ينبغى أن تؤثر الاختلافات بين دول المنبع والمصب على إرادة الاستمرار والتفاوض لتحقيق الهدف النهائى لمبادرة حوض النيل. وقال الدكتور زكى البحيرى أستاذ التاريخ الحديث بجامعة المنصورة: «نتحدث الآن عن التغلغل الصهيونى فى دول حوض النيل وعدم التزام هذه الدول بالاتفاقيات ولم نتحدث عن الدور المصرى الذى لابد أن نقوم به»، مشيرا إلى أن حكومات الرئيس مبارك تركت مكانها الطبيعى فى دول حوض النيل، وهو ما أعطى الفرصة لإسرائيل والصين وأمريكا لعقد اتفاقيات مع هذه الدول. وأوضح أن إسرائيل لم تعقد اتفاقيات فقط وإنما «سممت» فكر المسؤولين بهذه الدول، عن طريق أن مصر هى سبب جميع مشكلاتهم وهو ما أحدث ما نراه الآن من تشكيل جبهة ضد القاهرة ومصالحها، مشيرا إلى أن اللقاءات التى عقدها الرئيس مبارك مع عدد من مسؤولى دول الحوض مؤخرا تؤكد أن مصر تحاول الرجوع إلى مكانها فى هذه الدول. وطالب البحيرى بضرورة العمل على التعاون التعليمى والثقافى مع دول الحوض، والعمل معا اقتصاديا خاصة أن هذه البلدان تعانى من الفقر الشديد نتيجة الحروب الأهلية التى قضت على التنمية هناك.