■ حرب ضروس نشبت منذ مدة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لكن هذه المرة يملك زمام الأمور فيها السلطة الفلسطينية، فالحملة الشعبية التى يقودها عشرات الآلاف من الشبان الفلسطينيين المتطوعين لتعزيز مفهوم مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية زادت من التوتر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وفتحت الأبواب لحرب اقتصادية محتملة بين الطرفين.. فمنذ أن أعلن وزير الاقتصاد الفلسطينى الدكتور حسن أبولبدة أن السلطة الفلسطينية ستبدأ تطبيق منع العمال الفلسطينيين من العمل فى المستوطنات فى فترة أقصاها نهاية العام الجارى، والعمل يجرى على قدم وساق لتطبيق هذا القرار، وقامت السلطة بزيادة التشدد فى الإجراءات وفرضت غرامة مالية على كل تاجر فلسطينى يتعاطى مع منتجات المستوطنات تصل إلى 15 ألف دولار، بالإضافة إلى سجنه فترة تتراوح بين سنتين و5 سنوات. وقد جاءت حملة مقاطعة منتجات المستوطنات كمحاولة جادة للانسجام مع الموقف السياسى الفلسطينى الأخير، والممارسة على الأرض، واستجابة مباشرة للقرار السياسى والأممى بأن المستوطنات غير شرعية، وكل ما فيها من نشاطات غير شرعية. لقد وجد هذا القرار استجابة شعبية واسعة النطاق، ووقع آلاف الفلسطينيين على وثيقة الكرامة التى تؤكد الرغبة فى التخلص من المستوطنات وبضائعها وتبعاتها، ودعمت السلطة الفلسطينية الحملة الشعبية حيث يراقب رجال الجمارك على مدار الساعة معظم الشاحنات التى تدخل المدن الفلسطينية، وخلال أسابيع مضت أحرق هؤلاء أطناناً من بضائع المستوطنات، غير أن المواطن العادى غير ملزم بهذه الاتفاقية ومن حقه مقاطعة جميع البضائع الإسرائيلية دون تمييز. لقد نشأت هذه الاستراتيجية فى البداية على مستوى الشارع، ولكنها سرعان ما لقيت تأييداً وزخماً على مستوى القيادة الفلسطينية، وشارك كبار القادة الفلسطينيين فى المظاهرات المنددة بالمستوطنات فى محاولة لعزل إسرائيل دولياً على غرار نموذج جنوب أفريقيا فى مواجهة التفرقة العنصرية. وبلا شك فإن هذه الحملة قد تأتى بنتائج إيجابية خاصة أن الإسرائيليين يرون أن قيمة منتجات المستوطنات التى تباع فى الأسواق الفلسطينية وإن كانت قليلة غير أن اتساع نطاق الحملة قد يشمل البضائع الإسرائيلية. وأدت المقاطعة إلى جانب فرض حظر على العمالة الفلسطينية فى المستوطنات بالمسؤولين الإسرائيليين إلى التساؤل عن الدوافع، وطرح ذلك على نظرائهم الفلسطينيين، معتبرين أن عمل الفلسطينيين لديهم يوفر لهم فرص عمل ويقلل من حجم البطالة. غير أن القانون الفلسطينى عام 2005 اعتبر التجارة فى منتجات المستوطنات غير قانونى، لكن بدأ السعى إلى تطبيقه العام الحالى فقط. إن هذه المقاطعة بجميع توجهاتها فيما لو صمدت واستمرت فإنها ستكون بمثابة حرب اقتصادية حقيقية بدأها الفلسطينيون على جبهة المستوطنات مما ينذر بشكل محتمل بإمكانية فتح حروب أخرى، ويأتى على رأسها محاربة الاستيطان الذى يشكل خطراً ليس فقط على الشعب الفلسطينى وقضيته وإنما على مستقبل السلام فى المنطقة برمتها!!