ثارت فى العديد من وسائل الإعلام الغربية مناقشة محتدمة حول العلاقة بين يهود الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل كدولة، فبعد أن كان اللوبى الصهيونى فى أمريكا يعد الداعم الأول والرئيسى لإسرائيل، بدأ الحديث حول خلافات بين يهود واشنطن «الليبراليين» ويهود إسرائيل «المتشددين». فيهود الولاياتالمتحدة كانوا أكثر المجموعات الاثنية اندماجا فى الولاياتالمتحدة وفقا لمجلة «فورين بوليسى»، فهناك مجموعات مثل الأيرلنديين والإيطاليين لم يندمجوا بصورة تامة لحنينهم الدائم لوطنهم الأصلى فى وطن بناه المهاجرون (أمريكا)، ويرجعون السبب فى ذلك إلى أنهم عانوا الاضطهاد كثيرا مما جعلهم أسهل فى تقبل فكرة الاندماج السريع مع مجتمع جديد يتسامح معهم. إلا أن فكرة الوطن الأم لليهود مع إنشاء إسرائيل عام 1948 بدأت تراود اليهود فى مختلف أنحاء العالم، لكنها لم تثر يهود الولاياتالمتحدة الذين تساءل غالبيتهم عن سبب هجرتهم لمكان لا يعرفونه ولم يزوروه من قبل ويعانى من ضعف واضح، حتى أنهم لم يتوجهوا إليه بعد حرب 67 التى خرجت إسرائيل منها أقوى كثيرا من قبل، وإن بدأوا فى التفكير فى دعم وطنهم الأم حتى وإن لم يهاجروا إليه. وتشير «فورين بوليسى» إلى أن 90% من يهود أمريكا (بخلاف الأرثوذكس، وهى الطائفة الأكثر تشددا بين اليهود) يرغبون فى تقليل الارتباط مع إسرائيل، حتى أن هناك محاولات مستمرة للحد من هذا التوجه من خلال برامج لزيارة الطلاب اليهود الأمريكيين لإسرائيل سنويا. وهناك المزيد من الأدلة المتصاعدة على تراجع المجتمع اليهودى الأمريكى عن الارتباط بإسرائيل، يأتى فى مقدمتها رغبة الكثير من اليهود الأمريكيين فى الزواج بغير اليهود، فيما يعد مؤشرا للتراجع عن دعم الأفكار اليهودية السائدة فى إسرائيل، خاصة فى ظل ما تثبته الدراسات من أن المتزوجين من يهود أكثر التزاما بأمن إسرائيل من المتزوجين بغير اليهود، كما أن غالبية اليهود الشباب لا يشاركون فى غالبية المبادرات الخاصة بدعم إسرائيل. وتشير «فورين بوليسى» إلى أنه على الرغم من نمو غالبية الجمعيات الموالية لإسرائيل فى الولاياتالمتحدة وعلى رأسها «إيباك»، التى تضاعف دخلها 5 مرات عما كان عليه عام 2000 كما تنامت عضويتها أيضا، إلا أن غالبية المنضمين والمتبرعين لا يهتمون بإسرائيل إطلاقا بل يبنون تنظيما يهوديا قويا داخل الولاياتالمتحدة دون اهتمام بدور أكبر من ذلك. وعلى الرغم من جميع المؤشرات التى تشير لتزايد الفجوة بين يهود الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فإن الكثيرين يؤكدون فى المقابل أن الأمر لا يتعدى كونه اختلافاً بين مجموعة من المفكرين اليهود فى الولاياتالمتحدة والسياسات التى يتبعها اليمين الإسرائيلى، مشيرين إلى أن الدعم المادى الذى تقدمه تلك المنظمات لإسرائيل لا يزال قائما، إلا أن المؤكد أن اتجاهات يهود الولاياتالمتحدة تتأثر كثيرا بالسياسات الإسرائيلية، وهو ما قد لا يتضح فى الوقت الحاضر إلا أنه سيكون له تأثير حتمى فى المستقبل.