«لا تندم على ما فات ولا تبكِ على ما فات.. فهذا يوم جديد».. تلك كلمات حكمة تركية بدأ بها الدكتور على بولاج، الكاتب الصحفى فى جريدة «الزمان»، أشهر الصحف اليومية التركية حديثه مع «المصرى اليوم»، رداً على تساؤل حول رؤيته لأسباب الاهتمام التركى بالمنطقة العربية بوجه عام، ومصر على وجه الخصوص، مبرراً هذا الاهتمام بقوله: «مضت عصور طويلة علينا فى تركيا ونحن فى عزلة عن بقية الدول العربية، واليوم بتنا ندرك جيداً مدى أهمية توثيق العلاقات مع دول الشرق الأوسط بوجه عام، ومع مصر تحديداً». وأضاف بولاج خلال مشاركته فى مؤتمر «مصر وتركيا وتحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط» الذى عقد فى جامعة عين شمس، وحضره عدد كبير من السياسيين الأتراك والمصريين: «ندرك حاجتنا إلى مصر وحاجتها لنا، لنقيم علاقة تجانس لا علاقة تنافس، كما يردد البعض، فلا يمكن الاستغناء عن الدور التركى أو المصرى فى منطقة تموج بالمتغيرات. تركيا تعرض نفسها من جديد على العالم العربى برؤية عصرية تتناسب ومكانتها السياسية والجغرافية والتاريخية». قد يرى البعض فى تلك الكلمات بعضاً من دبلوماسية تركية امتازت بها سياسة تلك الدولة فى السنوات العشر الأخيرة بهدف توطيد العلاقات مع دول المنطقة، إلا أن الحقيقة تؤكد وجود خطوات واثقة لا تكتفى بالدبلوماسية فى تحقيق هذا الهدف، منها على سبيل المثال مدرسة «صلاح الدين الدولية» التى افتتحت فى منطقة التجمع الخامس بالقاهرة فى مايو 2009 ضمن سلسلة مدارس يمولها رجال أعمال أتراك بتوجيهات من الداعية التركى الشهير «محمد فتح الله كولن»، وتهدف، كما يقول المسؤولون عنها، إلى توصيل مفهوم الإسلام المعتدل إلى العالم. ومن المعروف عن «كولن» أنه أحد الناشطين الإسلاميين فى تركيا منذ ستينيات القرن الماضى، ويعيش فى الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ عام 2000 على خلفية خلاف فى وجهات النظر بينه وبين الفكر الأتاتوركى فى تركيا. وتؤكد مصاريف المدرسة التى تبلغ 6500 دولار سنوياً، ما يعادل 35.750 جنيهاً، أنها لا تستهدف كل طبقات المجتمع المصرى بل تخاطب الطبقة القادرة على تحمل تلك النفقات، إلا أنها تحرص كما يقول مديرها التركى «شوكت شيمشيك»، على منح الطلاب القيم النبيلة والروح السمحة للإسلام بالإضافة إلى تعليمهم اللغات التركية والإنجليزية والعربية. «مدرسة صلاح الدين ليست الوحيدة، فلدينا ما يقرب من 1000 مدرسة تركية منتشرة على مستوى العالم.. الولاياتالمتحدة وحدها بها 200 مدرسة».. هكذا بدأ «دوجان إيرتوجرول» الصحفى بجريدة ستار التركية حديثه، وأضاف: «تحاول تركيا أن تؤسس علاقات جيدة مع كل دول العالم وتنشر ثقافتها وفكرها وهذا ليس عيباً، نحن نسعى لتأسيس علاقات قوية مع الجميع، والتعليم إحدى وسائلنا لتحقيق ذلك». أثناء المؤتمر وزع بعض الأتراك المشاركين استمارة استبيان تضم عدداً من الأسئلة التى يدور أغلبها حول رؤية الحاضرين لتركيا، وتوصيفهم لواقعها، وشعورهم نحوها، ورؤيتهم للشخصية التركية وما تتمتع به من صفات. يذكر أن الحكومة التركية كانت قد قررت منذ أيام بدء تدريس اللغة العربية فى جميع مدارسها فى العام الدراسى المقبل، بعد أن كانت لا تدرس إلا فى المعاهد الدينية فقط، وهى الخطوة التى بررتها الدكتورة هدى رشوان، رئيس الجمعية العربية - التركية للحوار والثقافة، بقولها: «من يزُر تركيا يدرك تقديس الأتراك الذين يدين غالبيتهم بالإسلام للغة العربية.. القلة القليلة فقط المنتمون للفكر الأتاتوركى العلمانى هم من يرفضون العربية.