استقبل الرئيس حسنى مبارك صباح امس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة وزير الخارجية التركى أحمد داوود اوغلو والوفد المرافق له ، حيث جرى بحث عدد من القضايا الاقليمية ذات الاهتمام المشترك ، وكذلك سبل تعزيز العلاقات الثنائية . وقال أحمد ابو الغيط وزير الخارجية ،الذى حضر المقابلة ،خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع نظيره التركى ان اوغلو قدم للرئيس مبارك تقريرا وشرحا حول الجهود التركية لمواجهة تطورات الموقف المتأزم بين العراق وسوريا ، كما تطرق اللقاء الى مجمل قضايا الوضع الاقليمي ، ومنها الموقف على الساحة اللبنانية وتعثر عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ، وكيفية معالجة هذا الوضع .. اضافة الى استعراض تطورات "جهود السلام" فى ضوء ما يمكن ان يصدر عن الادارة الامريكية الحالية ، فيما يتعلق بدفع وحشد الجهود لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلي . وأضاف ان الوزير التركى استمع من الرئيس مبارك لتحليل حول نتائج زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة ، ومحادثاته مع الرئيس الامريكى باراك اوباما ورموز الادارة الامريكية .. ورؤيته للجهود الامريكية من اجل دفع عملية السلام . العلاقات الثنائية وأضاف ابو الغيط أنه تم خلال اللقاء كذلك مناقشة العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا ، ورغبة كلا البلدين فى دفع هذه العلاقات الى افاق أرحب ، وبخاصة فى ضوء وجود منطقة تجارة حرة ، ومناطق صناعية تركية بمصر .. ورغبة الجانبين فى زيادة حجم التبادل التجارى بين الجانبين الي 5 مليارات دولار. واشار الى ان الوزير التركى ابلغ الرئيس مبارك بهذا الشأن بأن تم الاتفاق على عقد اجتماع موسع فى نوفمبر المقبل لمجلس رجال الاعمال الاتراك فى مصر ، لبحث اعطاء المزيد من قوة الدفع للتعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى بين مصر وتركيا . ووصف ابو الغيط مجمل العلاقات المصرية التركية بأنها ممتازة ، وتتسم بالكثير من المودة والدفء .. وان مصر من جانبها تعمل على تعزيز وتطوير تلك العلاقات ، كما ان مصر منفتحة بالكامل على اى جهد تركي ، سواء فى مساعدة العراق وسوريا على تسوية اية مشاكل بينهما ، كما تسعى مصر دائما لدعم جهود تركيا للإنفتاح على القارة الافريقية ، مشيرا الى ان الوزير التركى ابلغ الرئيس مبارك اعتزام بلاده فتح 10 سفارات جديدة فى افريقيا ، بالاضافة الي 12 سفارة قائمة ، وهم يرغبون فى الاستماع الى وجهة النظر المصرية فى التعامل مع القارة الافريقية باعتبار أن مصر لديها اكبر تمثيل دبلوماسى عربى وافريقي ، وربما دولى على مستوى القارة ، حيث ان لها 50 بعثة فى دول القارة الافريقية . واشار ابو الغيط الى انه سيجرى المزيد من المشاورات مع الوزير التركى والوفد المرافق له ، وبخاصة حول جهود تفعيل مشروعات الاتحاد من اجل المتوسط ، لاسيما فى ضوء اعتزام تركيا استضافة اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد من اجل المتوسط فى نوفمبر المقبل ، كما سيتم الاستماع الى وجهة نظر تركيا وجهودها للإنضمام الى الاتحاد الاوروبي ، وكذلك وجهة نظر تركيا تجاه المشكلة القبرصية والتعامل معها . روابط عميقة ومن جانبه اعرب الوزير التركى عن سعادته البالغة للفرصة التى اتاحها الرئيس مبارك بالالتقاء به ، وتناول عدد من القضايا الهامة محل الاهتمام المشترك لتركيا ومصر التى وصفها بأنها بلده الثاني ، مشددا على عمق الروابط بين البلدين تاريخيا وثقافيا .. واعرب عن تقديره البالغ لما يتمتع به الرئيس مبارك من حكمة وخبرة واسعة بشئون المنطقة ، وأشادر بالدور المصرى الريادى فى الشرق الاوسط .. ووصف علاقات بلاده بمصر بأنها ممتازة ، وان الزيارات بين قيادات البلدين تتم على اعلى مستوى وبشكل مستمر ، بما يتيح تعزيز التشاور الهام بين مصر وتركيا . وأشاد اوغلو كذلك بما شهدته العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وتركيا فى الآونة الاخيرة ، مؤكدا رغبة الجانبين فى تعزيز هذا التعاون فى الفترة المقبلة ، فى ضوء الامكانيات الهائلة للتعاون بين البلدين ، وبخاصة فى مجال التصنيع. وردا على سؤال للوزير التركى حول ما اذا كان الدافع وراء تنامى الدور التركى فى الشرق الاوسط يرتبط بسعى تركيا للإنضمام الى الاتحاد الاوروبي.. قال احمد داوود اوغلو ان تركيا جزء أصيل من هذه المنطقة .. ويربطها تاريخ مشترك مع دول المنطقة .. فضلا عن وجود التاريخ من الروابط مع شعوب المنطقة .. وبالتالى فإن سعينا للمساهمة فى تعزيز جهود تحقيق السلام هو امر طبيعي ، لاسيما وأن هذا السلام انما يصب فى نهاية المطاف فى مصلحة تركيا وكافة دول المنطقة .. معربا عن اعتقاده بأن السلام فى هذه المنطقة لا يمكن ان يتحقق الا بأيدى أبناء المنطقة أنفسهم ، سواء على مستوى الشعوب او القيادات السياسية .. وبالتالى فإن اى حديث عن دور تركى متزايد فى المنطقة لا يرتبط بأى قضايا اخري ، سواء تعلق الامر بالحصول على عضوية الاتحاد الاوروبى او غيرها ، رغم ان الانضمام الى الاتحاد الاوروبى يعد هدفا استراتيجيا لتركيا لا تزال تركيا تعمل على تحقيقه. الوساطة بين العراق وسوريا وردا على سؤال حول الدور الذى تلعبه تركيا فى الوساطة بين العراق وسوريا حاليا ، قال اوغلو "انا لست وسيطا بين العراق وسوريا ، لأننى لا أرى جانبين لأتوسط بينهما " ، واضاف ان سوريا والعراق ليسا طرفين متعاديين ، وانما هما اشقاء ، ونحن جميعا نقف على نفس الجانب .. كما ان بينهما علاقات دبلوماسية قائمة ، وان دورنا هو مساعدة الشقيقين على تجاوز الموقف الراهن .. خاصة وان اية مشكلة انما تؤثر على الاخرين بحكم الجوار بين دولنا .. ولا يمكننا ان نقف مكتوفى الايدى ازاء اى خلاف بين اثنين من اشقائنا ، وسياستنا هى ضرورة ان نعمل على احتواء مثل هذه المواقف . واضاف انه لمس توجها ايجابيا للغاية فى كل من العراق وسوريا ، مشيرا الى انه اطلع فى كلا البلدين على ما لديهما من معلومات بخصوص الموقف الأخير ، وانه نقل وجهات النظر بين الجانبين .. واوضح ان تركيا ستواصل دورها فى هذه المسألة ، وستبذل كل ما فى وسعها من اجل احتواء الموقف وبناء جسور الثقة على نحو يساعد على سرعة انهاء الموقف .. خاصة فى ظل العلاقات القوية والحوار الاستراتيجى بين تركيا مع كل من سوريا والعراق . من جانبه عقب وزير الخارجية أحمد ابو الغيط مؤكدا ان مصر ترحب بأى جهد تركي ، لأننا نرى ان تركيا جزء من هذا الاقليم ، وهو ما يعنى ان اى جهد تبذله تركيا للمساعدة فى التوصل الى الاستقرار والسلام والتنمية ، هو جهد محل ترحيب من جانبنا ، مشيرا الى ان موقف مصر واضح منذ ظهور الاهتمام التركى الشديد بمسألة العدوان الاسرائيلى الاخير علي غزة ، وأن الموقف المصرى كان يسير فى نفس الاتجاه ، وقد تم تبادل الزيارات والمشاورات على مستويات عدة لسعى مصرى تركى مشترك من اجل وقف ذلك العدوان .. معربا عن امله فى ان يستمر هذا التعاون المصرى التركى عالى المستوي . وفيما يتعلق بالوضع بين العراق وسوريا قال ابو الغيط ان مصر ترحب بجهد تركيا فى هذا الصدد لأنها جزء من الاقليم ، ولها جوار وحدود مشتركة مع كل من العراق وسوريا ، وبالتالى فإن الاهتمام التركى يعد اهتماما طبيعيا ومنطقيا .. ونأمل ان ينتهى هذا الوضع سريعا الى تسوية بين الطرفين ، ولا تؤدى الى التصعيد.. كما نأمل ان ننجح خلال اجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية فى الثامن من سبتمبر الجاري فى مساعدة الطرفين السورى والعراقى فى تحقيق تسوية تغلق هذه النافذة التى يمكن ان يأتينا منها الكثير من عدم الاستقرار . وردا على سؤال حول التعاون المصرى التركى من اجل تنشيط مسيرة الاتحاد من اجل المتوسط الذى تتولى مصر رئاسته المشتركة مع فرنسا ، قال ابو الغيط ان موضوع تفعيل دور الاتحاد من اجل المتوسط سيكون محل مناقشات مستفيضة خلال مباحثاته فى وقت لاحق من يوم أمس " الاربعاء" .. مشيرا الى انه سيتم بحث التنسيق المصرى التركى فى هذا الخصوص ، خاصة اننا نتوقع ان تدعو تركيا لإستضافة اجتماع لوزراء خارجية الإتحاد فى نوفمبر المقبل ، اذا ما تم التوصل الى اتفاق حول الاطار المرجعى لهذا الاجتماع ، والاطراف التى ستتم دعوتها لحضور الاجتماع ، لأن لنا وجهات نظر ازاء هذه المسائل الهامة . وأشار ابو الغيط الى ان شهرى يونيو ويوليو الماضيين قد شهدا بداية عملية تنشيط الاتحاد من اجل المتوسط ، ويتبقى الاتفاق على المسائل الخاصة بالسكرتارية العامة للإتحاد ، ومن سيتولى منصب سكرتير عام الاتحاد . اجتماع ثلاثى محتمل وردا على سؤال حول وجهة النظر المصرية حول اجتماع ثلاثى محتمل يضم الرئيس الامريكي ، ورئيس السلطة الفلسطينية ، ورئيس الوزراء الاسرائيلي ، قال احمد ابو الغيط ، ان الرئيس الفلسطينى سيأتى الى مصر خلال ايام قليلة ، وسوف يتحدث مع الرئيس مبارك بشأن هذا الاجتماع المحتمل .. واضاف ابو الغيط ان الرؤية المصرية حول هذا اللقاء تتمثل فى ان تتم على اساس ارضية مناسبة وتفاهم واضح لكيفية التحرك إلى المفاوضات مؤكدا ان الجانب الفلسطينى والجانب العربى مصمم على وجهة نظر اعلان اسرائيلى مفهوم ومرض دوليا عن وقف الاستيطان الكامل بما فيه القدسالشرقية واذا ما تحقق هذا الامر فانه يفتح الطريق امام لقاءات كما يفتح الطريق مرة اخرى لبدء المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين ..وقال اننا ننتظر ان يكون اللقاء الامريكى الفلسطينى الاسرائيلى خلال الشهر الجارى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحده والاعلان عن الالتزام الاسرائيلى بوقف الاستيطان بشكل ممتد فإنه من المتوقع ان يكون هذا اللقاء الثلاثى للاتفاق على كيفية اطلاق المفاوضات وبدئها بشكل عاجل. واضاف ابو الغيط ان هناك حديثا عن تجميد الاستيطان ما بين ستة اشهر وعام او اكثر ..واوضح ان وجهة النظر المصرية تتمثل فى أن اى تجميد للاستيطان والاطار الزمنى له يجب ان يقترن بفترة المفاوضات .. مشيرا الى انه اذا كان هناك اعلان اسرائيلى لوقف الاستيطان لمدة ستة اشهر ، فان فترة المفاوضات يجب ان تنتهى خلال ستة اشهر لنرى النتائج على الارض .. اما اذا كان الحديث يدور عن تجميد للاستيطان لمدة ستة اشهر واطلاق مفاوضات ممتدة غير محددة الاطار الزمني ،فهذا أمر ترفضه مصر ولاتقبله وتصمم على ان تقترن المفاوضات مع وقف الاستيطان لكى نؤمن الحافز لكلا الطرفين الفلسطينى والاسرائيلى لتحقيق نتائج. وحول رؤية مصر للخلاف السورى العراقى الاخير ، قال ابو الغيط ان مصر يهمها استقرار الأوضاع فى العراق ، وقد قررت فى هذا الاطار ايفاد سفير ، وفتح سفارة لها فى بغداد ، وهناك تحضيرات فى هذا الشأن تجرى حاليا على قدم وساق ، وهناك وفود مصرية تتحرك فى اتجاه العراق من اجل تعزيز العلاقات ، واقامة علاقات طبيعية ومتنامية فى مختلف المجالات.. مشيرا الى ان النية المصرية العراقية كانت تتجه الى عقد اجتماع للجنة مشتركة عليا فى القاهرة خلال الشهر الحالي ، الا ان التفجيرات التى وقعت ببغداد مؤخرا فرضت تأجيل اجتماعات اللجنة لاعتبارات تتعلق بالجانب العراقي.. وتداعيات هذه التفجيرات على عدد من الدبلوماسيين العراقيين الذين كانوا متواجدين فى مبانى الخارجية وقت التفجيرات . واضاف ابو الغيط انه كان هناك اتجاه لبناء وتطوير العلاقات العراقية السورية ، ووضح ذلك خلال زيارة رئيس الوزراء العراقى لدمشق قبل ايام من وقوع التفجيرات ، معربا عن اعتقاده فى ان الجهد التركي ، وكذلك مواقف مصر ودول الاقليم سوف تساعد فى السيطرة على هذا الوضع ، وعدم اتاحة الفرصة لتوتر العلاقات بين البلدين.