فى 6/12/2001 صدر بيان وزارى وقعته 22 دولة أفريقية يقول إن ما لا يقل عن 17 دولة فى القارة الأفريقية ستعانى من نقص فى المياه بحلول سنة 2010، بما يعنى أنها ستوفر أقل من ألف متر مكعب من الماء لكل نسمة سنويا. جاء ذلك بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولى للأمم المتحدة بشأن الماء فى مدينة بون الألمانية. وقال الناطق باسم الأممالمتحدة إن الدول المهددة بنقص المياه هى: الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر وجيبوتى وبوروندى وإريتريا وإثيوبيا ومدغشقر وزيمبابوى وجنوب أفريقيا وليسوتو وملاوى وموزمبيق وتنزانيا وأوغندا. هذا الاجتماع الذى أصدر البيان على هامش مؤتمر بون الذى أنهى أعماله فى إطار الاجتماعات الدولية البيئية التى تسبق قمة (ريو+10) أو قمة الأرض الثانية فى سبتمبر2002 فى جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، خصص لإعداد ملف المياه فى القمة. وكشف البيان الصادر عن الدول الأفريقية أن هناك حاليا أكثر من 300 مليون شخص محرومون من مياه الشرب، أو أن مساكنهم غير موصولة بشبكة مجارى لصرف المياه المستعملة. ووقعت الواقعة وقامت 4 دول فقط من دول حوض النيل العشر وسط حالة من الخلافات الحادة بتوقيع اتفاقية إطارية جديدة من جانب واحد بشأن تقاسم مياه نهر النيل فى 14 مايو 2010. فى قول آخر إن هذه الخطوة من جانب الدول الأربع مع تأييد واسع النطاق من جانب دول المصب فيها عوامل دولية معقدة كما عددناها جيوستراتيجية ومتعلقة بالمياه وبالاستثمار فى الميادين المختلفة. بعبارة بالغة الاختصار ودقيقة: إن الصراع الدولى فى حوض النيل هنا لن يذهب سريعا بل سيتطور ويتعمق، فمصر تدفع ثمن سياساتها التى انتهجتها على مدى آخر عشرين عاما فى ظل سياسات عمرو موسى وأحمد ماهر، ورغم محاولات أبوالغيط إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفإن التراكم السلبى فى مواجهة دول الحوض كثيفا وعميقا. كانت وزارة الخارجية المصرية كشفت فى أكتوبر 2009 أن إسرائيل وافقت على تمويل إنشاء 5 سدود لتخزين مياه النيل فى تنزانيا ورواندا، وكان نصيب تنزانيا من هذه السدود 4 سدود، أما رواندا فسد واحد. وأشارت إلى أن كلاً من الدولتين ستنشآن هذه السدود دون إخطار مصر وأخذ موافقتها المسبقة. وجاءت موافقة إسرائيل على إقامة هذه السدود فى أعقاب زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى المتطرف، أفيجدور ليبرمان، إلى خمس دول أفريقية فى شهر سبتمبر 2009، بينها 3 تقع فى منطقة حوض النيل، واستغرقت 10 أيام، وبحث خلالها إنشاء مشروعات مياه مشتركة بجانب تطوير العلاقات الاقتصادية معها، علما بأن السياسات الإيرانية فى القرن الأفريقى والسودان وأوغندا، على سبيل المثال، لعبت دورا حاسما فى زيادة التوتر ضد مصر. كما تسابقت دول القرن الأفريقى، وتنافست فيما بينها فى الوقوف مع أمريكا فى حملتها على ما سمته الإرهاب الإسلامى، واستقبلت إدارة بوش فى ديسمبر 2002 كلاً من الرئيس الكينى السابق أرب موى، ورئيس الوزراء الإثيوبى ملس زناوى، والرئيس الجيبوتى إسماعيل عمر غيلة فى يناير 2003 ، أما الرئيس الإريترى أسياسى أفورقى، الذى سعى قدر طاقته إلى استغلال هذا الحدث لصالحه، وعلى ضوء ما كشف عنه جون أبى زيد قائد القيادة المركزية الأمريكية سابقا فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فإن بلاده أنشأت، أو بصدد إنشاء، قوة عمل تشارك فيها 11 دولة أفريفية هى: مصر، وإثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتى، وبوروندى، ورواندا، والكونغو، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، وسيشل. وأوضح جون ساتلر، المسؤول عن القوات الأمريكية بجيبوتى سابقا، أن هذه القيادة المعروفة باسم قوة العمل فى القرن الأفريقى تتألف من 400 شخص يمثلون جميع أفرع القوات المسلحة الأمريكية والمستخدمين المدنيين. أعلنت الولاياتالمتحدة أنها ستبقى انتشارها فى جيبوتى لعدة أعوام. وبالتدريج تحللت العلاقات المصرية مع دول الحوض من نواح عدة. هكذا انهار النظام الفرعى لحوض نهر النيل واندمج فى صراعات وتوازنات شرق أفريقيا ومنطقة البحيرات الكبرى والقرن الأفريقى الموسع. والكل فى هذه المنطقة الواسعة فى انتظار انفصال الجنوب فى السودان. ماذا لمصر أن تفعل؟ ويستمر التحليل.