يعود وجود المعارضة الموريتانية لبداية المسلسل الديمقراطى فى تسعينيات القرن الماضى، وظلت هذه المعارضة تشهد تماسكا فى ظل نظام ولد الطايع إلى أوان الانقلاب عليه، ومثلت أهم محور سياسى، وشهدت عدة هزات لعل أخطرها إضاعة فرصة وصولها للسلطة فى انتخابات 2007 وذلك للعنة الانقسام التى ظلت دوما وصمة عار على جبينها. وتتميز المعارضة الموريتانية بالقوة على المستويين الداخلى والخارجى، كما أن لها تأثير على الشارع بل على القرارات الحكومية التى تتبنى أحيانا مشاريع المعارضة التنموية، وليس أدل على ذلك من واقعة فضحها لمسألة ال«50 مليون دولار المهداة من دولة شقيقة لمساعدة القطاعات الأمنية، والتى لم تظهر فى تعديلات ميزانيات 2008 و2009 و2010، بما يدعو للريبة والشك»، على حد قول البيان الأخير ل«منسقية» المعارضة. وهى الواقعة التى توعد على إثرها رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بمقاضاة المعارضة أمام المحاكم. تواجه المعارضة الموريتانية اتهامات كثيرة بخدمة أجندة أجنبية. وتبرر الأغلبية الحاكمة اتهامها للمعارضة بالعمالة بمواقفها من مجموعة القرارات، التى تبنتها السلطة بدءا برفضها كل الحوارات التى دعت لها السلطة بحجة «اتفاق دكار». ويتهم النظاميون المعارضة بالفساد والعمالة للأجنبى ورفض الحوار وتشويه سمعة البلد والسعى لخلق فتنة بين مكونات المجتمع والعمل على بث التفرقة فى صفوف الموريتانيين، والعودة بالمجتمع إلى الوراء. لكن التحدى الأكبر الذى يطرح نفسه على المعارضة الموريتانية متعددة الأقطاب هو توحيد خطاب قادر على جذب الجماهير التى أصيبت على ما يبدو بخيبة أمل متكررة فى المسلسلات الانتخابية الماضية. ويجمع مراقبون على أن المعارضة «حركة سياسية مفتوحة» ولا يوجد أى دليل على عمالتها للخارج، لكن قد تكون هناك براجماتية أو استفادة من الأحداث والمواقف الدولية. وعلى أرض الواقع، يتجه الوضع لمزيد من الاحتقان ولن ينتهى سوى بفتح الطريق لتغيير جديد فى هرم السلطة القائمة، فكل من المعارضة والنظام أضعف من أن يكون محل ثقة لأجندة خارجية، وتظل المعارضة الحالية ببساطة هى كل ما يحتاجه النظام الحالى ل«تلميع وجهه».