كلَّف سيدي ولد الشيخ عبد الله الرئيس الموريتاني الجديد الزين ولد زيدان بتشكيل أول حكومة موريتانية بعد الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد مؤخرًا في آخر خطوات الانتقال الديمقراطي بعد انقلاب أغسطس من العام 2005م الذي أطاح بحكم الرئيس المخلوع معاوية ولد سيدي الطايع. وكان ولد زيدان قد حلَّ ثالثًا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الموريتانية؛ حيث حصل على 11% من إجمالي عدد الأصوات، ويعتبر قرار تعيينه هو الأول الذي يتخذه الرئيس الموريتاني الجديد منذ تنصيبه رئيسًا للبلاد الخميس الماضي. ويأتي قرار الرئيس ولد الشيخ بتعيين أحد منافسيه في الانتخابات ليعزز التوجه الذي دعا إليه الرئيس الجديد بعد الإعلان عن فوزه في انتخابات الرئاسة بنسيان أجواء الحملات الانتخابية والتعاون بين جميع الأطراف من أجل المصلحة الموريتانية. وكان ولد الشيخ عبد الله قد تمَّ تنصيبه رسميًّا كرئيسٍ للبلاد يوم الخميس الماضي في احتفالٍ حضره العديد من الرؤساء الأفارقة والشخصيات الدولية إلا أن اللافت كان غياب أي رئيس عربي؛ حيث اقتصر الحضور العربي على ممثلين عن بعض الرؤساء. وقد وصل ولد الشيخ عبد الله إلى منصبه الرئاسي بعدما فاز في الانتخابات التي جرت في البلاد أوائل مارس الماضي؛ حيث حصل على 53% مقابل حصول منافسه أحمد ولد داداه على 47% في الجولة الثانية في الانتخابات؛ حيث عجز المرشحان عن الحصول على نسبة تزيد على ال50% اللازمة لتولي منصب الرئاسة في الجولة الأولى بسبب كثرة عدد المرشحين؛ حيث تنافس 19 مرشحًا ومرشحةً لنيل منصب الرئيس في أول انتخاباتٍ ديمقراطية تجرى في موريتانيا منذ الاستقلال في العام 1960م. ومثلت تلك الانتخابات الحلقة الأخيرة من سلسلة الانتقال الديمقراطي في البلاد والتي أعلن عنها المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية برئاسة العقيد إعلى محمد ولد فال الذي ضمَّ العسكريين الذين نفذوا الانقلاب على حكم الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع في 2 أغسطس من العام 2005م؛ حيث بدأت الخطوة الأولى بتعديل دستور البلاد في استفتاءٍ في يونيو من العام 2006م شهد تحديد ولاية الرئيس بفترة واحدة قابلة للتمديد لمدة واحدة فقط، ثم تلتها الانتخابات التشريعية والمحلية في نوفمبر من العام نفسه والتي شهدت تقدمًا كبيرًا للمعارضة في النظام السابق. وبعد ذلك جرت انتخابات مجلس الشيوخ في يناير من العام 2007م قبل أن تجري الانتخابات الرئاسية في مارس الماضي، وقد لاقت مختلف تلك الجولات الانتخابية إشادةً بالنزاهة من المراقبين المحليين والدوليين مع وجود بعض الانتقادات بشأن تدخل المجلس العسكري في دعم المستقلين- ومن بينهم سيدي ولد الشيخ عبد الله- في الانتخابات لكي تستمر سيطرة القائمين على الانقلاب بعد خروجهم من السلطة إثر تسليمها للمدنيين إلا أن المجلس العسكري نفى ذلك، كما نفته بعض المصادر المقربة منه إلى جانب نفي المرشحين الذين تمَّ اتهامهم بتلقي الدعم من العسكريين. وقد أعلن العقيد إعلى محمد ولد فال- رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية- أنه سيغادر منصبه إلى التقاعد، بينما سيعود العسكريون الآخرون إلى مناصبهم العسكرية التي كانوا عليها قبل الانقلاب. وتواجه الرئيس الموريتاني الجديد العديد من الملفات الشائكة في مقدمتها المصالحة الوطنية والعدالة الاجتماعية في ظل تفشي الفقر وانتشار الفساد كأحد الموروثات عن النظام السابق، بالإضافة إلى قضية التطبيع المرفوض من جانب مختلف شرائح الشعب الموريتاني، وهي القضية التي تعد أسوأ ما ترك النظام السابق للنظام الحالي.