البحث عن الخبر ونقله وتحليله هو الدور الأول لوسائل الإعلام، إلا أن الأمر يختلف فى الدول العربية فوسائل الإعلام سواء مملوكة بشكل مباشر للدولة أو بشكل غير مباشر تتغنى بالمسؤولين وعهدهم الذى دائما ما يتميز ب«السلام» و«الرخاء» والاستقرار». الوضع لا يختلف فى السودان عن هذا النمط، ففى الشمال تتغنى قنوات التلفاز والإذاعات بالبشير صاحب مسيرة الرخاء والنماء والسلام والوحدة. ببث البرامج وكذلك الأغنيات التى تم إعدادها خصيصا له أو التى تم ادخال اسمه عليها. وفى الجنوب نفس الشىء يتكرر مع رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ومع الحركة الشعبية لتحرير السودان. وهو ما ترك تأثيره على الناس ففى الشمال غالبية من يردون على سؤال «من ستنتخب» ب«الرئيس البشير بالطبع»، بينما الاسم فى الجنوب هو «سلفا كير»، فالأغنيات والصحف التى تتغنى بهما لم تترك مساحة لاختيارات كثيرة لأجيال متتالية، فكثيرون كبروا ليجدوا البشير فقط، وغيرهم فجعتهم وفاة جون جارانج ولم يجدوا بعده سوى كير. وفى تليفزيون الخرطوم على سبيل المثال يجرى بث بعض البرامج الدرامية التى كانت تستهدف التوعية بأهمية تنظيم الأسرة ولكن «بسذاجة». الاختلاف هنا هو أن الحلقات الدرامية القصيرة تتحدث عن كيفية التصويت والاقتراع لكن مع التركيز على إنجازات البشير وأهمية البحث عن صورته وصور مرشحى حزب المؤتمر الوطنى لاختيارهم. وعلى قناة ساهور التى تهتم بالأساس بالأغانى الدينية والقرآن تم استخدام الأغنيات للدعاية للبشير، حتى فى المناسبات مثل المولد النبوى تبدأ بعض الأغنيات بالتغنى بالرسول وبالإسلام ثم تبدأ فى التغنى بالبشير كنموذج «إسلامى» للحاكم الذى جاء بالسلام والرخاء والوحدة بين السودانيين. الحال لا يختلف مع وسائل الإعلام فى الجنوب، فالأغنيات للحركة الشعبية يتم بثها معظم الوقت والتصريحات تكون عبر قيادات الحركة الذين هم انفسهم قيادات حكومة الجنوب، وعلى قنوات الإذاعة لا تنقطع الأغنيات لتلك القيادات اسما اسما خاصة المرشحين للمستويات المهمة فى الانتخابات (الرئاسة – ياسر عرمان ورئاسة حكومة الجنوب - سلفا كير- ومرشحى البرلمان). الدعاية استمرت حتى اليوم الثانى من الانتخابات وصباح اليوم الثالث فى مخالفة واضحة للقانون الذى يفرض على الإعلام صمتا انتخابيا خلال الساعات ال24 السابقة للاقتراع، وعدم القيام بأى دعاية خلال أيام التصويت. ومع المعدلات المرتفعة من الأمية وسيطرة الحزبين الحاكمين (المؤتمر الوطنى فى الشمال والحركة الشعبية فى الجنوب)، وتراجع الوعى السياسى فى كثير من المناطق لا يتأثر الناس إلا بمحطات الراديو أو القنوات التليفزيونية. فتكون النتيجة التصويت للبشير وكير حتمية.