دخلت الانتخابات السودانية يومها الثانى أمس بعد بداية متعثرة حيث أقرت المفوضية القومية للانتخابات بوقوع أخطاء فنية فى 26 مركز اقتراع فى اليوم الأول للانتخابات. وفتحت مراكز الاقتراع أمس أبوابها فى الساعة الثامنة بتوقيت السودان فيما تأخرت مراكز الاقتراع فى جنوب السودان لعدة ساعات بسبب مشاكل لوجيستية، كتأخر وصول بطاقات الاقتراع. وشهد اليوم الثانى للانتخابات حالة من التخبط فى عدد من اللجان الانتخابية، وكشف دينق أروب كوال، رئيس إدارة منطقة «أبيى»، عن وجود إشكاليات فى العملية الانتخابية تتمثل فى تأخر وصول الكشوف التى تحمل أسماء الناخبين فى 40 مركزاً، وقال فاروق أبوعيسى، الناطق الرسمى لتحالف إجماع قوى جوبا، إن ما جرى، أمس الأول، بشأن الاقتراع، يعتبر مهزلة وإهانة لتاريخ الانتخابات السودانية، واتهم المبعوث الأمريكى للسودان سكوت جريشن، والرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، بالإدلاء بتصريحات «مشوهة» و«مضللة» تصب فى صالح المؤتمر الوطنى وتخدم المصالح الأمريكية، فيما يتعلق باليوم الأول للانتخابات. ومن جانبها، جددت القيادية بحزب الأمة القومى الدكتورة مريم الصادق المهدى، ثقتها فى المراقبين الدوليين باستثناء كارتر، مشيرة إلى أن تصريحات الأخير بأن سير العملية الانتخابية، رغم بعض التجاوزات، غير مقلق تثير شكوكاً حول صفقة بين واشنطنوالخرطوم. وذكرت المفوضية، فى بيان لها، فى أعقاب انتقادات عديدة وجهت إليها، أنه وقعت فى بعض مراكز الاقتراع أخطاء فنية فى توزيع بطاقات الاقتراع فى 26 مركزا من مراكز الاقتراع بولاية الخرطوم، والتى يبلغ عددها 821 مركزا. ومن أمثلة هذه الأخطاء توجيه بطاقات الدائرة 28 إلى مركز الاقتراع بالدائرة 27، وكذلك فى مراكز الاقتراع ال26. وأكدت المفوضية أنه تم تصحيح الخطأ بإعادة توزيع البطاقات الصحيحة إلى المراكز المعنية، مشيراً إلى أن خطأ فنيا وقع قبيل بدء الانتخابات بيوم واحد فى وضع رموز بعض المرشحين، مشيرة إلى أن هذه البطاقات طبعت فى جنوب إفريقيا وبريطانيا، وقامت المفوضية بإخطار بعثة الأممالمتحدة للإسناد الانتخابى بهذا الخطأ وتمت إعادة طباعة هذه البطاقات فى مطابع العملة السودانية بوجود ممثلى بعثة الاتحاد الأوروبى للمراقبة ومركز كارتر للمراقبة الانتخابية. وتم شحن هذه البطاقات جوا وجرى توزيعها إلى مراكز الاقتراع حيث باشرت هذه المراكز عملها بالفعل، وأكدت المفوضية أنه سيتم تعويض الوقت الضائع لانتخابات هذه الولاية بزيادة ساعات الاقتراع خلال يومى الاقتراع الباقيين. ومن جانبه، أكد حزب المؤتمر الشعبى بزعامة حسن الترابى أنه رصد 100 اختراق فى العاصمة الخرطوموالولايات، واتهم مفوضية الانتخابات بالفشل فى إدارة العملية بكفاءة ومهنية وحياد. ومن بين الخروقات التى رصدها الحزب تعليق الاقتراع بعدد من المراكز وتبادل سجلات المقترعين بين الدوائر، إضافة إلى فساد الحبر ومنع مراقبى المرشحين من دخول بعض المراكز. واتهم الترابى الحركة الشعبية ب«الجنوح» نحو شريك الحكم (حزب المؤتمر الوطنى) والاهتمام بإعمار الجنوب دون باقى البلاد. وقال فى مؤتمر صحفى عقب إدلائه بصوته فى الانتخابات السودانية إن الحركة الشعبية جعلت همها الوحيد إعمار الجنوب وتنميته، وهو ما يجعل احتمال الانفصال «الأرجح»، مضيفاً أن حزبه «أسدى النصح» للحركة الشعبية مرارا خاصة فيما يتعلق ب«أزمات الحكم بالجنوب»، غير أن الحركة جنحت بولائها الآن نحو المؤتمر الوطنى - وفقا للترابى. وفيما يتعلق بالأخطاء والتجاوزات التى طالت سير العملية الانتخابية فى الجنوب السودانى قالت الحركة الشعبية على لسان سامسون كواجى، قائد الحملة الانتخابية لرئيس حكومة الجنوب، إن كثيراً من الأسماء لم يتم العثور عليها فى كشوف المقترعين. واستمر الخوف من الصدامات بين الناس خاصة فى الجنوب وفى الولايات الثلاث الواقعة بين الجنوب والشمال التى ستحدد مصيرها بعد الاستفتاء إما بالانضمام للجنوب أو للشمال فى حال تقرر الانفصال. من بين تلك المناطق أبيى التى سادها التوتر والقلق مما دعا القيادى فى الحركة الشعبية دنج ألور كول لطمأنة المواطنين ودعوتهم للتصويت دون خوف من أى عنف محتمل. كما دعا نائب الأمين العام للحركة الشعبية، ياسر عرمان، المواطنين لالتزام الهدوء والابتعاد عما يثير البلبلة والعنف، مؤكداً أن انسحابه من السباق الانتخابى جنّب البلاد الانزلاق إلى العنف وحفظ السلام الاجتماعى والتعايش بين مكونات السودان، واعتبر نتائج الانتخابات ستفاقم الأزمة الوطنية، مشدداً على أن الحل فى حوار يجمع القوى السياسية كافة. وفيما اعتبر مراقبون دوليون أن الأخطاء التى وقعت فى بعض ولايات السودان لا ترقى إلى مستوى عرقلة العملية الانتخابية.