«يوم اليتيم» هو الدعوة التى أطلقتها دار الأورمان للعمل الخيرى منذ ست سنوات وتحديدا فى بدايات عام 2004 لتبنى حملة قومية تقوم على مساعدة الأيتام ورعايتهم، وهو الأمر الذى فتح الباب واسعا أمام عدد كبير من الأفراد لتأسيس جمعيات خيرية أو دور لرعاية الأيتام، فأصبح هناك فى كل منطقة وأحيانا فى كل شارع جمعية للعمل الخيرى ورعاية الأيتام، وبلغ عدد جمعيات العمل الأهلى فى مصر حوالى 22 ألف جمعية، تغطى مختلف نطاقات العمل المجتمعى، وتحديدا مجال الأيتام، حيث تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 2 مليون ونصف يتيم فى مصر. منار عقل، القائمة على أعمال جمعية المقسطين للعمل الخيرى، بمؤسسة مجموعة المنار للأنشطة الخيرية أوضحت أن هناك 3 أنواع من الأيتام الذين تتم رعايتهم فى مصر، النوع الأول هو الطفل الذى فقد أحد أبويه أو كليهما، والنوع الثانى هو الطفل مجهول النسب، أما النوع الثالث فهو الطفل الذى ينفصل أبواه، و«يرموه» فى الشارع. ترى منار أن أهم العوائق التى تواجه العمل الخيرى فى مصر وتحديدا رعاية الأيتام هو «التضارب» بين عمل الجمعيات المختلفة حيث يبرر بعضهم ذلك بقوله تعالى «وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ»، وأحيانا ما يؤدى ذلك التنافس إلى إغلاق الجمعيات الصغيرة التى ترعى عددا من الأيتام الذين يفقدون مصدر رعايتهم بإغلاقها كنتيجة لعدم قدرتهم على المنافسة. مشكلة «الأمهات البديلات» هى الأخرى تفرض نفسها، فكما تؤكد منار عقل أن هناك أيتاما يعيشون فى مستوى قد لا يتوفر لأبناء الطبقى الوسطى، حيث تحرص الدور الكبيرة على توفير أفضل طعام لهم، وإلحاقهم بالمدارس اللغات، لكن تبقى مشكلة الأمهات البديلات اللاتى يعشن مع الأطفال فى دور الأيتام لها أكبر الأثر فى تشكيل وعيهم وشخصياتهم، وتضيف منار «مهما ارتفع المستوى المادى لبعض الدور، إلا أن ميزانية الأمهات البديلات تبقى قليلة، فمعظمهن يعملن براتب لا يزيد على 200 جنيها شهريا، لذلك فالكثير منهن غير متعلمات، وأخلاقهن سيئة، وذلك مع الأخد فى الاعتبار أنهن الأكثر احتكاكا بالأطفال بحكم مبيتهن معهم يوميا». «وضع دور الأيتام زمان كان أفضل، دلوقتى إحنا بنعانى من نقص التمويل والمتطوعين، ده غير الأزمة العالمية» هكذا علق محمد على مؤسس جمعية الفرسان للعمل الخيرى، حيث أكد أن إنشاء جمعية خيرية أمر «مكلف للغاية» حيث يشترط القانون أن يكون مكان إقامة الجمعية «ملكا» أو إيجارا لا يقل عن خمس سنوات، وهو الأمر الذى يتسبب فى بعض التعقيدات، ويضيف «المشكلة الأساسية فى التمويل، الناس ما بترضاش تاخد تمويل من بره، بالإضافة إلى أن أى جهة مانحة بتبقى عايزة تتعامل مع الجمعيات القديمة». نجح على فى تأسيس جمعيته الخيرية الثانية حديثا فى عام 2009، وتتوجه بأنشطتها إلى الأيتام فى «بيوتهم»، لكن الأزمة المالية العالمية ألقت بظلالها على العديد من متطوعى العمل الخيرى، مما أدى إلى حصول أمرين متناقضين، حيث زادت الجمعيات الخيرية بشكل كبير، وزاد الفقر، وزادت الفئات التى تحتاج لمساعدة، ويشير على إلى أن المتطوعين أصبحوا «عملة نادرة». أما رانيا وحيد فقررت تأسيس جمعية «مساعدة» للأيتام بعد سنوات من العمل الخيرى، رأت خلالها كيف تعامل دور الأيتام الأطفال بشكل غير لائق، فأسست جمعيتها الخيرية للأيتام تتبنى مساعدة 17 طفلة، أكبرهن فى التاسعة من عمرها وأصغرهن لا تتعدى 4 أشهر. رانيا تتفق مع منار فى مشكلة المشرفات اللاتى يعانين من «لا مبالاة فى التعامل مع الأيتام» على حد تعبيرها، مما جعلها تصر على تركيب كاميرات مراقبة داخل الدار لكى تطمئن دائما على ما يحدث حتى فى أثناء غيابها، وقالت «إحنا محتاجين أمهات بديلات، وكل شوية بنعمل إعلانات فى الجرايد لكن مفيش إقبال». المشكلة الأخرى التى واجهت رانيا هى «الزيارات» التى يقوم بها المواطنون إلى دور الأيتام، حيث يرتبط الطفل اليتيم بكل زائر بشكل كبير بسبب احتياجه إلى الأمان النفسى والمعنوى، وعندما ينقطع أى زائر عن زيارته يتسبب ذلك فى ألم نفسى كبير للأطفال الذين يتعلقون بهم، لذلك جعلت رانيا «الزيارات» فى حدود معين حفاظا على نفسية «بناتها».