العلاقة بين هند عرفة وأختها الصغيرة، التى تبلغ من العمر ستة أعوام علاقة خاصة جدا، حيث تحرص هند على أن توفر لها جميع احتياجاتها، كما تواظب على أن تستذكر لها دروسها، أما فى الأعياد، فتصطحبها إلى منزلها لتجلس بين أفراد أسرتها كواحدة منهم، فأختها التى رفضت هند ذكر اسمها لا تعيش معهم فى المنزل نفسه، ولا تنتمى إلى الأسرة نفسها، لكنها أخت بديلة ضمن مشروع «الأخ الأكبر» الذى تقيمه جمعية «رسالة» الخيرية. تقوم فكرة الأخ الأكبر على إمكانية أن تتخذ لك أخاً أو أختاً صغرى، تهتم بها وترعاها، وتصبح بمثابة أخ أو أخت لها، وتحكى هند تجربتها مع شقيقتها الصغرى قائلة «أنا مهتمة بالعمل الخيرى، وحاولت إنى أتكفل بأحد الأطفال الأيتام اللى قابلتهم فى بيتى، لكن الإجراءات صعبة جدا ومعقدة، فمنجحتش إنى أتكفل بطفل، لحد ما عرفت موضوع إنى ممكن أتبنى أخت ليا، ورحت قدمت طلب، وقعدت لمدة 3 شهور تحت الاختبار، بيشوفوا طريقة معاملتى للطفلة، وبزورها كام مرة فى الأسبوع ومدى اهتمامى بيها». نجحت هند فى أن تحظى بثقة مسؤولى الدار، وهو ما جعلها تدخل اختباراً خاصاً به مجموعة من الأسئلة، التى توضح مدى معرفتها بالطفلة فى خلال الأشهر الثلاثة التى أمضتها تحت الاختبار، بالإضافة إلى أسئلة حول بعض المصطلحات التى يجب أن تلتزم بقولها أمام الطفلة، مثلا كان تطلق على الدار اسم «البيت» حتى لا تشعر الطفلة بأنها فى مكان غريب أو لا تنتمى إليه، ونجحت هند بالفعل فى الاختبار وأصبحت أختا لطفلة صغيرة هى محور حياتها الآن، وتضيف هند «فى بداية علاقتى بأختى كان أكثر ما يهمنى هو الثواب والأجر الحسن من الله، أما الآن فأصبحت أعتبرها أختاً حقيقية، أهتم بشؤونها وأراعيها مثلما أفعل مع أشقائى فى المنزل». وتشير هند إلى أنها تصطحب أختها معها إلى منزلها فى «يوم اليتيم»، حتى لا تتأذى وتتذكر مرة أخرى أنها يتيمة، وتبدأ فى السؤال عن أهلها وأشقائها الحقيقيين، وتذكر هند بعض الأسئلة الصعبة التى يسألها الأطفال الأيتام مثل «أنا جيت إزاى؟ فين بابا وماما؟ فين ربنا؟» وهو ما يتغلب عليه أعضاء الجمعية بالذهاب إلى إخصائيين نفسيين لمعرفة الإجابات الصحيحة عن تلك الأسئلة. ورغم الفوائد الكبيرة التى تعود على الأطفال الأيتام، الذين لهم أخ أو أخت من خارج المؤسسة، فإن الأمر لا يخلو من بعض الصعاب التى يواجهونها فى حالة أن يقرر أحد الإخوة المتطوعين أن ينسحب من مشروع «الأخ البديل»، ويتوقف عن زيارة أشقائه، ففى هذه الحالة فإن أكثر من يتضرر هم الأطفال الذين لا يتوقفوا عن السؤال عن أشقائهم الذين توقفون عن زياراتهم. وتقول هند «فى ناس بيبقى عندها وقت فراغ بتيجى تقضيه مع الأطفال، ولما الفراغ ده بيتملى بأى حاجة تانية، زى الجواز مثلا، بينقطعوا عن أخواتهم تماما، وفى رأيى ده ذنب أكبر من اللى عملوه أهل الطفل اليتيم فيه، لأن الطفل اليتيم غالبا ما بيبقاش شاف أهله وما ارتبطش بيهم، لكنه بيشوف أخوه وبيرتبط وبيتعلق بيه لدرجة كبيرة، وأختى حاليا أصبحت كل حياتى». التجربة نفسها مرت بها شيماء مع أختها البديلة فى دار الأيتام، التى حبذت أيضا عدم ذكر اسمها حتى لا تتأذى نفسيا، حيث تحرص شيماء على أن تزور أختها البديلة يومين على الأقل فى أيام الدراسة حتى تستذكر لها دروسها، ومرة أخرى فى نهاية الأسبوع لكى تخرج معها وترفه عنها كأى طفلة صغيرة فى مثل سنها، وتشير شيماء إلى أن الدار فى البداية كانت تسمح بخروج الطفل مع شقيقه البديل لمدة ساعتين فقط، لكن مع الوقت والثقة المتبادلة تصل المدة حاليا إلى ثمانى ساعات كاملة يمكن للطفل أن يقضيها مع شقيقه خارج الدار، وترى شيماء أن وجود تلك «الأخت» فى حياتها غيرها تماما، حيث أصبحت أكثر مسؤولية، وأصبح كل ما يهمها حاليا هو رعاية شقيقتها بشكل سليم، مما جعل المشاكل اليومية العادية «تافهة»، مقارنة بالمشكلات التى لا تريد أن تتعرض لها شقيقتها.