ياسر أيوب يكتب: جبريل الرجوب

هذا الرجل كان ولايزال أكثر الحزانى والغاضبين من قرار الاتحاد المصرى للكرة، بعدم إرسال المنتخب الأوليمبى للعب فى القدس فى يوم الأرض.. وبصوت عال ونبرات زاعقة، أكد جبريل الرجوب، رئيس اتحاد الكرة واللجنة الأوليمبية فى فلسطين، أنه شعر بالألم والحسرة والضيق بالسياسة والثقافة المصرية، التى قادت إلى هذا القرار الخاطئ بكل المقاييس..
وقد كان جبريل الرجوب، وهو فى قمة ثورته وغضبه ورفضه، تجسيدا واضحا لأى سياسى فلسطينى أو عربى.. ذلك الذى يخسر بسهولة كل أو أهم حروبه وقضاياه، لأنه يسمح لنفسه بالانفعال غير اللائق بأى سياسى حكيم.. ولأنه لا يدرس كل الأمور بجميع جوانبها وتفاصيلها وخوافيها قبل إعلان أى قرار أو رد فعل أو موقف..
وبتطبيق ذلك على جبريل الرجوب.. الذى هو فى الوقت نفسه السياسى الفلسطينى البارز وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، نكتشف كل هذه الأخطاء الهائلة التى وقع فيها كأى سياسى تقليدى فلسطينى أو عربى.. فهو، دون أى إمعان أو تمهل، تخيل أن منع المنتخب المصرى من اللعب فى القدس هو قرار سياسى مصرى أو على الأقل هو قرار لاتحاد الكرة..
وبالتالى بدأ فى قمة غضبه يسخر من هذا القرار، ناسياً أن رفض اللعب فى القدس بتأشيرات إسرائيلية وبحماية إسرائيلية وإذن وموافقة إسرائيلية، هو قرار شعبى وليس قرار سلطة أو هيئة أخرى فى مصر.. وفى غمرة سخريته من القرار المصرى قال الرجوب إن منتخب مصر كان لابد أن يذهب ليصبح شاهدا على جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين..
وبالطبع لا أحد يعرف، ولا حتى الرجوب نفسه، كيف يمكن لزيارة منتخب أوليمبى، لا يكاد المصريون أنفسهم يحفظون أسماء لاعبيه، للقدس أن تصبح شهادة تلفت انتباه العالم لجرائم إسرائيل؟ فمن الذى سيهتم ومن أين.. وبمن ولمن ستأتى تلك الاضواء الكاشفة لتفضح ما يجرى فى القدس؟
فالحكاية كانت ستنتهى بعبارات شجب وتنديد رفض لن يسمعها إلا الذين يعرفون تلك الجرائم كلها دون حاجة لأى مباريات، أما الخطأ الأكبر للرجوب فكان تهديده غير المبرر بالحساب والغضب والتأكيد على أن هذا الموضوع لن يمر مرور الكرام.. ولا أفهم سر تهديدات الرجوب ولماذا يطلقها فى وجه مصر، متهما إياها بأنها أخطأت فى حق القدس، لأن منتخبها الأوليمبى لم يلعب هناك..
وإذا كان الرجوب يأمل فى كرة القدم كسلاح يشهره العرب فى وجه إسرائيل.. فليس بهذا الأسلوب ولا هذا الانفعال.. وهناك ألف طريقة أخرى للفت انتباه العالم.. أهم وأجدى من مجرد زيارة منتخب أوليمبى مصرى للقدس.
yayoub@gmail.com