بعيداً عن الدخول فى التفاصيل والبحث فى مقدمات.. فلا حاجة إلى مراقبة القمة العربية فى ليبيا، ولا داعى لتحليل وبحث نتائج الانتخابات التى ظهرت فى العراق، والتى أكدت نجاح إياد علاوى بتفوق بسيط عن المالكى، فهذا لن يغير فى الوضع كثيراً على الأرض، فمازالت إيران هى التى ستتحكم بشكل غير مباشر فى العراق، وذلك من خلال الائتلاف الشيعى الذى سيشكل للحكومة الجديدة.. وإن وجد هامش لتحرك عربى جديد، فهذا سيكون من خلال التنسيق السورى - الإيرانى، ليظل رهناً نتيجة التقارب السعودى - السورى الذى شاهدناه مؤخراً، أما التواجد الأمريكى الفكرى فهو لن يقلل من انتشار عمليات القتل والاغتيال اليومية والاعتداءات التى تشهدها عدة مناطق فى العراق. وبالتالى يظل الدور العربى المعتمد فى النهاية على مصر والسعودية والتحرك بشكل متواز أمام هذا التعنت الإسرائيلى والإصرار على بناء المستوطنات والرفض للمبادرة العربية التى طرحت منذ سنوات.. والحقيقة أن هناك ترقبا لعودة الدور المصرى واستعادة الرئيس لنشاطه خاصة أن السعودية قامت فى الفترة الأخيرة بعدة مبادرات للمصالحة ومحاولات التهدئة واحتواء الخلافات. وفى ظل غياب الدور العربى وضعف التنسيق، لاشك أن سوريا وإيران نجحتا فى تشكيل جبهة للتحكم فى عدة ملفات أساسية، وأصبح كل منهما يمتلك قدرة العرقلة والحل من خلال بعض الحلفاء لهما فى الداخل.. وأفضل مثال ما نشهده فى فلسطين ولبنان. زيارة رئيس وزراء لبنان إلى سوريا لم تكن لتصبح بهذا الشكل والمحتوى والإخراج سوى أنه لم يجد أمامه الكثير من الاختيارات فتقاطع المصالح السعودية - السورية والرغبة فى اختبار حسن النوايا لفتح صفحة جديدة، كان هناك إصرار من النظام على تحديد مدة الزيارة التى استغرقت من أول مرة يومين ولا يصاحبه فيها وزراء، فخرجت عن النطاق الواجب الرسمى بين دولتين، إلى تسويق صك البراءة للنظام على المستوى السورى الداخلى والعربى والدولى. ربما لم يقتنع أحد بهذا الأسلوب لأنه منذ عودة رئيس الوزراء إلى لبنان لم نشهد تقدماً فى الملفات المشتركة من ترسيم حدود أو حتى تقدم وسرعة فى القرارات فى مجلس الوزراء، فهناك فى المجلس وزراء حلفاء لسوريا، لهم أجندات خاصة تخدم إيران وتؤكد أنه ليس على أرض بيروت القرار فمازالت هناك تدخلات خارجية إيرانية - سورية فهل هذا سيحتاج لزيارة ثانية لسوريا أم تكون هذه المرة لإيران؟! الأفضل أن تنهض مصر من وعكتها وتنقذ لبنان والسعودية وفلسطين من أنياب سوريا وإيران حتى من خلال المؤسسات التى لها القدرة على التعاون السياسى وإن أرادت خلط الأوراق. ولضمان النجاح يجب أن نؤمّن التحرك المصرى - السعودى - السورى فى نفس الاتجاه فهل (السورى) مستعد لإعطاء فرصة جديدة لاستعادة المثلث العربى الفعال؟! لا أظن.. فاحتفاظ سوريا دائماً بورقة حماس والعمل على تعطيل المصالحة الفلسطينية وتهديد الحدود المصرية من خلال جماعة حماس فى غزة.. هذا يدل على رغبة فى استعراض قدرتها هى وإيران، وقامت مصر بتذكير الجميع بأن الجغرافيا السياسية وتاريخ الخبرات لن يجعلها تستسلم لهذه الانتهاكات والضغوط على الحدود. ■ وبالتالى أصبح صعباً أن تقوم سوريا وإيران وتركيا بالتحكم مع إسرائيل على الساحة العربية والإقليمية.. فالقدرة البترولية والاقتصادية والدينية للسعودية صعب أن يتجنبها العالم العربى والدولى كما أن مصر غير قابلة للتبديد أو التقسيم، فلا يمكن حجب نور الشمس مهما تكتلت السحب، ولكن سرعة الأداء مطلوبة الآن فهناك من يحمل القدرة على افتعال حدث يدخل الجميع فى نفق الأزمات، خاصة أنه مع إدارة أوباما الضعيفة والمترددة قد تجد من يدفعها إلى الأمام لتكون فى وسط الصراع والفشل من جديد. [email protected]