فى الوقت الذى يتابع فيه قطاع كبير من الشارع العراقى بحالة من الدهشة تداعيات الانتخابات البرلمانية الأخيرة، اتسم رد فعل دول الجوار، لدى استقبالها النتائج، بقدر من الترحيب والتفاؤل بعد عودة رئيس الوزراء السابق إياد علاوى إلى الكادر السياسى بفوز القائمة العراقية ب 91 مقعدا يضمن لها تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن موقف ائتلاف القانون بزعامة رئيس الوزراء الحالى نورى المالكى بتصعيد الأمر أمام المحكمة الدستورية والطعن فى هذه النتائج ينبئ باستمرار حالة التوتر والشحن السياسى وتزايد المخاوف من تحول العراق إلى لبنان جديد «متعدد الطوائف والخلافات» وفقا لآراء المراقبين والمحللين فى الداخل، فضلا عن بقائه ساحة كبرى لصوت المدافع مع مقتل وإصابة عشرات فى 5 انفجارات هزت أمس مدينة القائم أقصى غربى العراق. ومن آيات الترحيب بفوز كتلة علاوى ما تنبأ به الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد، بأن العراق ينتظره مستقبل مشرق، مؤكدا أن طهران تعتبر أى تقدم فى العراق تقدما لها ولا تضع أى قيود أمام توسيع نطاق العلاقات الثنائية. كما انضمت تركيا إلى صفوف المرحبين بالنتائج من خلال بيان ل «الخارجية التركية»، أمس، طالبت فيه بسرعة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، فيما أكد خالد الدخيل، المحاضر السياسى فى جامعة الملك سعود، أن هذه النتائج «مشجعة للغاية» ومن شأنها أن تستعيد التوازن فى المشهد السياسى العراقى رغم احتمال أن يتحول العراق إلى لبنان جديد مازال قائما، حيث مازال العديد من الأحزاب يتمتع بدعم قوى إقليمية. ومن قلب الأجواء داخل العراق، توقع مسؤول القسم السياسى فى السفارة الأمريكية فى العراق جارى جرابو «حملة شرسة» سيشنها المالكى من أجل تغيير توزيع المقاعد ومطالبته بإعادة فرز الأصوات يدويا بدعوى وجود «تلاعب وتزوير فى العملية الانتخابية وتحديدا فى كل من بغداد والموصل». ويرى مراقبون أن الأسوأ لم يأت بعد، فالعراق مازال تنتظره أشهر من المفاوضات الصعبة والمعقدة بين مختلف الكتل السياسية ولا يستبعد معها المراقبون حدوث انقسامات حادة تصاحب مرحلة تشكيل الحكومة. وقال عبدالستار كاظم، العضو البارز فى الحزب الإسلامى، ل «المصرى اليوم» إن اتهامات المالكى تفتح أبواب الخوف على مصراعيها فى العراق، خاصة أن الرئيس الكردى جلال طالبانى يؤيد مطلب المالكى خوفا من طموح نائبه السنى طارق الهاشمى للحصول على مقعد الرئاسة، لذا فهو يأمل فى عدم حصول قائمة علاوى على الصدارة ليضمن البقاء فى منصبه. ويفسر المراقبون موقف المالكى بأنه إشارة واضحة لإحداث القلاقل والفوضى، وجاء الاجتماع الطارئ الذى دعا إليه محافظ النجف للسلطات الإدارية والأمنية فى محافظات جنوبى العراق ليعزز هذه القناعات، مما يجعل أوضاع العراق مفتوحة على جميع الاحتمالات.