تراجع سعر الذهب في مصر بقيمة 80 جنيهًا خلال أسبوع    جامعة قناة السويس تنظم تدريبًا متقدمًا في الترجمة الفورية بالإنجليزية    الأعلى للجامعات يعلن موعد اختبار المواد التكميلية لشهر سبتمبر 2025    وزير السياحة: حملة "إحنا مصر" تستهدف تحسين تجربة السائح والخدمة المقدمة    السيسي يوجه بدعم قدرات شبكات الاتصالات ووضع استراتيجيات واضحة لتطبيق الذكاء الاصطناعي    رد ساخر من البيت الأبيض بعد تقارير عن العثور على وثائق حساسة تخص قمة ألاسكا    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    موعد انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر استعدادا لإثيوبيا وبوركينا فاسو .. تعرف عليه    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    أحمد فتوح يعتذر لجماهير الزمالك ويعد ببداية جديدة    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    أس: تشابي ألونسو ينوي الدفع بماستانتونو ضد أوساسونا    تحريات لكشف ملابسات اتهام مسن بمحاولة التهجم على سيدة وأطفالها بمدينة 6 أكتوبر    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    ضبط قائد دراجة نارية لاتهامه بالتحرش اللفظي بسيدة بالجيزة    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص بطريق "الإسماعيلية- الزقازيق" الزراعى    "الصحة" تغلق 10 عيادات غير مرخصة ملحقة بفنادق في جنوب سيناء    تصرف مفاجئ من أحمد حلمي خلال حفلة عمرو دياب بالساحل الشمالي    وزير الثقافة يعلن عن بدء الاستعدادات لإطلاق مؤتمر وطني عن الذكاء الاصطناعي    فنون شعبية وطرب أصيل في ليالي صيف بلدنا برأس البر ودمياط الجديدة    الثقافة تعلن إطلاق المؤتمر الوطني حول الذكاء الاصطناعي والإبداع    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    وكيل صحه الأقصر يتفقد وحدة الكرنك القديم الصحية لمتابعة سير العمل    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    رئيس شئون القران بالأوقاف: مسابقة دولة التلاوة رحلة لاكتشاف جيل جديد من القراء    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    حكومة غزة: الاحتلال يتعمّد تجويع 100 ألف طفل ومريض.. ويمنع إدخال الأغذية الأساسية    وظائف شاغرة بالمطابع الأميرية.. تعرف على الشروط والتفاصيل    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    محافظ كفر الشيخ يدشن مبادرة لزراعة الأشجار المثمرة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    ملك البدايات .. . ليفربول يحتفل برقم محمد صلاح التاريخي فى الدوري الإنجليزي    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    إصلاح الإعلام    ما الذى فقدناه برحيل «صنع الله»؟!    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    رويترز: سماع دوي انفجارات قرب محطة للكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    الأونروا: معظم أطفال غزة معرضون للموت إذا لم يتلقوا العلاج فورًا    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    ملخص وأهداف مباراة ريال مايوركا ضد برشلونة 3-0 فى الدورى الإسبانى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حى مدينة نصر.. شاهد على فساد عصر
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 03 - 2010

ترددت كثيرا قبل الكتابة عن حى مدينة نصر وما آلت إليه الأحوال فيه، وما يحدث لنا نحن سكانه وما نعانيه... وكان سبب ترددى هو حالة من التشاؤم واليأس من أن هناك شيئا فى حال الدولة المصرية الحالى يمكن أن يتغير أو يتبدل جذريا، فى ظل حالة السيولة واللامبالاة واحتقار الشعب التى هى أبرز صفات من يحكموننا ولم ينتخبهم أحد ويتولون بالقوة والقسر مسؤولية قيادتنا، تلهيهم مصالحهم الخاصة، وتزعجهم مطالب مواطنين يطالبون بحقوقهم الإنسانية.
غيرت رأيى بعد أن قرأت عموداً بأهرام 25/3 للكاتبة المتميزة زينب الإمام تحت عنوان «اكتب..واسترح»، ذكرت فيه أن علماء النفس الفرنسيين يقدمون نصيحة علمية حديثة لأمثالى ممن يشعرون بالقلق والحيرة وعدم الرضا عما يدور حولهم.. تقول النصيحة إن هناك طريقة فعالة يمكنك أن تتبعها فورا قبل أن تغضب وتخسر علاقتك بالآخرين وبعد أن تطمئن من طبيبك على حالتك الصحية بشكل عام مع عدم الانزعاج من ارتفاع ضغطك ونتائج فحوصاتك، ما عليك إلا أن تجلس فى هدوء ومعك ورقة وقلم واكتب عما تعانيه وترفضه واسترح!!
لذلك قررت أن أكتب عن الحى الذى انتقلت إليه منذ أكثر من خمسة عشر عاما رضوخا لنصائح أناس لا أشك فى حبهم وإخلاصهم وهو حى مدينة نصر، ممنيا نفسى بالعيش فى حى جديد هادئ وراق، بعد أن جمعت معلومات عن بداية إنشاء هذا الحى فى ستينيات القرن الماضى، وكيف كان التصور له من حيث المبانى وارتفاعها والشوارع واتساعها والخدمات وتوزيعها..
كانت الشواهد فى تلك الفترة فى أوائل التسعينيات غير مبشرة بالخير حيث بدأت العمارات الشاهقة والأبراج العالية تحل مكان البيوت ذات الأربعة أدوار بحد أقصى كما كان مخططاً، وكانت جميع أنواع المحال تفتح فى شوارع رئيسية بدأ فيها زحام نسبى ولكنى خدعت نفسى بأن ما حدث فى غفلة من القانون وتواطؤ بين السلطات المحلية آنذاك سوف ينتهى اعتماداً على تصريحات نارية وقرارات من أعلى المستويات صدرت بعد الزلزال الشهير الذى هز مصر سنة 1992بأن ارتفاعات المبانى السكنية لن تزيد على ستة أدوار تحت أى حال من الأحوال، وأن المخالفات سوف تزال،
كذلك كانت التصريحات حول تجميل ورصف الشوارع عقب الانتهاء من مشروعات البنية الأساسية وإقامة المبانى.. وغيرها من التصريحات التى اعتاد عليها المسؤولون المصريون الذين يجيئون ويذهبون دون أن يعرف أحد سبباً لمجيئهم أو ذهابهم، وبالطبع بدون حسابهم على أقوالهم وأفعالهم!!
وخدعنى كذلك أننى عرفت أن عددا من كبار المسؤولين يقطنون هذا الحى، منهم أحد أعرفه معرفة شخصية وصل إلى أن يكون وزيرا.. المهم أننى أصبحت الآن أشعر بأننى أسكن فى حى ربما يكون المثل الأول فى العالم لعشوائية القرارات وانهيار الطرق والخدمات وصعوبة الانتقال والمواصلات.. الشوارع الواسعة صارت كالحارات الضيقة بفعل الأبراج وانتظار السيارات.. جراجات العمارات المنصوص عليها بالقانون تحولت كلها إلى مخازن وبوتيكات وزوايا صلاة تزعق بالميكروفونات..
انتشرت الأسواق التجارية الضخمة أو ما يطلقون عليه «المولات» فى كل مكان وبها المطاعم والكافيهات.. منحوا الأراضى للأثرياء العرب يقيمون فيها ما يشاءون من بنايات تحت دعاوى الاستثمار، ليجنوا هم ثمارها مليارات تذهب إلى حساباتهم، ونجنى نحن سكان هذا الحى المنكوب كل مساوئ الزحام وانعدام التخطيط وفساد نظام لا يعرف للمواطنين حقوقا ومسؤوليات.
لم يفكر من عقد الاتفاقات والصفقات مع رجال الأعمال السعوديين والكويتيين الذين أنشأوا «سيتى ستارز» و«سيتى سنتر» وغيرهما الكثير فى أن يطلب منهم كجزء من مشروعاتهم الضخمة المساهمة فى حل مشكلات المرور والمواصلات فى الحى الهادئ الذى اقتحموه باستثماراتهم حفاظا على حقوق سكانه وأمنهم.. رفعت السلطات المحلية يدها عن كل شىء.. ارتفاعات المبانى لا حدود لها، طالما هناك مصالح ورشاوى.. الشوارع القذرة المزدحمة نهاراً والمظلمة ليلاً فى كل أنحاء الحى.. ليس هناك شارع واحد فيه مرصوف كما يجب أن يكون الرصف، وأتحدى أى مسؤول أن يكذبنى ويعلن عن اسم شارع واحد فى هذا الحى الكبير مرصوف بطريقة سليمة، رئيسيا كان أو فرعيا..
أصبح الخروج والدخول من هذا الحى المزرى مأساة تتطلب ما لا يقل عن ثلاثين دقيقة، يمكن أن تصل إلى الساعة إذا كان يوم نحس بمرور تشريفة أو مسؤول كبير أو اجتماعات بمركز المؤتمرات أو مباريات كرة قدم بالاستاد أو زيارة للنصب التذكارى أو.. أو.. مأساة حقيقية يعيشها القاطنون بهذا الحى، ولم يفكر مسؤول واحد فى حل لهؤلاء الملايين الذين يتعذبون يوميا على مرأى ومسمع من نائب الحى بالبرلمان، وهو واحد من مليارديرات الحزب الوطنى ومن أهم أقطابه وأبنائه المدللين!!
منذ سنوات قليلة بدا أن هناك مشروعا أعلن عنه فى الصحف لإنشاء أنفاق وكبارى بطريق الأوتوستراد وعند تفرعات الشوارع الرئيسية منه، وبدأت بالفعل إزالة المزروعات بالجزيرة الوسطى للشارع.. استبشرت خيرا وسألت صديقى المهم الذى صار وزيرا وظل قاطنا بالحى لفترة عن هذا المشروع.. فقال لى: بصراحة إنهم يحلمون، فليست هناك ميزانية لمثل هذه المشروعات.
وعندما قلت له: وما الحل.. سكت وبعدها بفترة وجيزة عرفت أنه انتقل وعائلته إلى ما يسمى بحى الوزراء بالتجمع الخامس.. أحد إنجازات الوزير نائب الدويقة وحامل الوسام الذى جمع الوزراء فى حى وأحاطهم بالأسوار وأنشأ لهم نفقا خاصا على أعلى المستويات ليصلوا إلى قصورهم فى سهولة ويسر!! ها قد كتبت وأنا أعرف أنه لا أمل ولا فائدة.. ولكن ربما أكون قد استرحت.. فهل ستتحول صحفنا إلى مجرد أماكن للبوح والفضفضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.