يمثل الإخوان المسلمون فى قطر حالة خاصة تتماشى مع وضعهم العام فى دول الخليج بخلاف بعض الدول العربية الأخرى كمصر والأردن وسوريا، فهم لا يتواجدون على هيئة تنظيم سياسى أو تيار معارض وليس لهم وجود فى الحياة السياسية الداخلية ولا يقومون حتى بالإعلان عن وجودهم هناك بشكل صريح، وإنما يعتمدون على بعض الشخصيات البارزة الموجودة فى قطر مثل الدكتور يوسف القرضاوى، وعدد من المنتمين للجماعة، الذين قدموا إلى قطر منذ منتصف خمسينيات القرن الماضى، بالإضافة إلى وجودهم المؤثر فى قناة «الجزيرة» الفضائية، مما ساهم بشكل كبير فى حصول الإخوان خارج قطر على دعم إعلامى من القناة بصورة تزايدت تدريجيا وصلت ذروتها خلال السنوات الأربع الأخيرة. وشهدت قطر تواجدا مكثفاً للإخوان منذ نهاية القرن الماضى حيث وصلت موجتهم الأولى من مصر فى منتصف الخمسينيات بعد الصدام الكبير بينهم، وبين نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إثر محاولة اغتياله فى المنشية والتى تلقت الجماعة على إثرها ضربات قوية واعتقل عدد كبير من كوادرها مما دفع بعضهم للخروج من مصر إلى عدة جهات منها قطر. أما الموجة الثانية فقدمت من سوريا بعد أن تصاعدت وتيرة المواجهة بين الإخوان هناك والنظام السورى وقيام الرئيس الراحل حافظ الأسد بضرب معقلهم فى مدينة حماة. وعلى خلاف طبيعة وجود الإخوان فى بعض الدول العربية، لا يمكن الوصول بسهولة إلى إخوان قطر أو ملاحظة وجودهم فى المجتمع أو الحياة السياسية الداخلية بشكل واضح، فهم لا يصرحون أبدا بأى تواجد منظم لهم فى قطر، وإنما يقتصر وجودهم فى بعض المؤسسات الدينية والجمعيات الخيرية والعمل الدعوى مثل مؤسسة «إسلام أون لاين» وجمعية «البلاغ الثقافية»، وفى بداية توافدهم على قطر كان السلك التربوى أحد أهم المجالات التى عملوا بها، كما ساهموا فى إنشاء جامعة قطر فى السبعينيات. وعن وضع الإخوان فى قطر، يقول الدكتور عبدالحميد الأنصارى، أستاذ الدراسات بكلية القانون، عميد كلية الشريعة السابق بجامعة قطر: «لا يشكل الإخوان فى قطر تنظيما معروفا ولكن لهم وجودا ملموسا فى بعض المجالات مثل عدد من المصارف وشركات التأمين الإسلامية والمؤسسات الاقتصادية الشرعية وبعض المؤسسات التعليمية والدينية بالإضافة إلى نفوذهم المؤثر فى قناة الجزيرة. وأضاف الأنصارى أن من أسباب عدم عمل الإخوان فى قطر بالسياسة هو نجاح النظام الحاكم فى ترويضهم مثلما نجح مع تيار السلفيين المتحكم بشكل كبير فى الحياة الدينية، من خلال تقديم المزايا المادية والإعلامية مقابل عدم التدخل فى الحياة السياسية أو ممارسة أى نشاط تنظيمى داخل المجتمع، وعدم التعليق على العلاقات السياسية لقطر خاصة علاقتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما أنهم فى الخليج يعتبرون أنفسهم رافدا ومصدرا مهماً من مصادر تمويل الإخوان فى بقية الدول العربية. وتابع الأنصارى: «يمكن أن نصنف الإخوان على أنهم تيار سياسى متلون على حسب علاقته بالسلطة ونظام الحكم فى الدول التى يتواجدون بها، ففى حين أن علاقتهم بأنظمة الحكم فى الخليج بشكل عام بعيدة عن الصدام ولا تشوبها أى توترات، نجدها على العكس تماما فى دول أخرى مثل مصر وسوريا والأردن.