أجرت حكومة الإنقاذ الانتخابات على مرحلتين 1996 و2000 بمقاطعة الأحزاب السياسية، وأرسى قانون الانتخابات لعام 1998 لأول مرة نظام السجل الانتخابى ومعيار الأغلبية البسيطة والجمع بين نظام الانتخاب الفردى ونظام الانتخاب بالقائمة. أجريت الانتخابات البرلمانية فى فترة الإنقاذ على مرحلتين الأولى 1996 والثانية 2000. شكل قانون الانتخابات العامة لسنة 1998 وقواعد الانتخابات 1999 المرجعية القانونية لإجراء العمليات الانتخابية. على صعيد الانتخابات الرئاسية: انتخب الرئيس عمر حسن أحمد البشير، الرئيس السابق «لمجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطنى» فى السودان، رئيسا للجمهورية فى سنة 1996 وحصل على 75% من أصوات الناخبين فيما حصل 40 مرشحا منافسون له على 25% من الأصوات، ولم تشارك الأحزاب السياسية بخوض انتخابات العام 1996 التشريعية، وقاطعت أحزاب المعارضة السياسية الرئيسة تلك الانتخابات التى بلغت نسبة المشاركة فيها 55%. أصدر رئيس الجمهورية فى سنة 1999 قرارا بحل المجلس الوطنى، وتم إجراء انتخابات رئاسية ونيابية أخرى فى ديسمبر 2000 التى فاز فيها البشير بحصوله على 86.5% من الأصوات فى مواجهة 4 مرشحين آخرين، وبلغت نسبة المشاركة 86% ممن يحق لهم التصويت على صعيد الانتخابات التشريعية 2000. ومن المتوقع أن تكون انتخابات السودان المقبلة أفضل من الانتخابات التى جرت تحت النظام الحالى على طول تاريخه، وأفضل من بعض الانتخابات سيئة السمعة التى جرت فى بلدان عربية وأفريقية للاعتبارات التالية: 1- اتفاقية السلام فرضت درجة من التعددية بإقامة شراكة بين حزبين متباينين فى الأيديولوجية والتطلعات السياسية: المؤتمر الوطنى، والحركة الشعبية، 2- تراجع الحزب الحاكم منذ عشرة أعوام عن القبضة الأحادية وأفسح هامش حرية، 3- تكوين المفوضية التى سوف تدير الانتخابات؛ خضوعا لدرجة من التشاور،4- هنالك وجود دولى كبير فى السودان، للأمم المتحدة وللاتحاد الأفريقى ولمنظمات إغاثة دولية، فالانتخابات تجرى فى مناخ عيون دولية مفتوحة. إلا أن هناك مخاوف مشروعة، فالحزب الحاكم مازال يقبض على مفاصل السلطة متحكماً فى أجهزة البلاد المدنية والنظامية، وقد اكتسب سمعة عدم الوفاء بالتزاماته، رغم التوقيع على التزامات محددة: أخل باتفاقيات السلام من الداخل (1997) مع فصائل منشقة من الحركة الشعبية، وبنداء الوطن 1999 والتراضى الوطنى 2008 مع حزب الأمة، وباتفاقية السلام مع الحركة الشعبية فى 2005، وباتفاقية أبوجا فى مايو 2006 مع حركة تحرير السودان. وباتفاقية الشرق أكتوبر 2006 مع جبهة الشرق، وباتفاقية القاهرة 2005 مع التجمع الوطنى الديمقراطى، والتى يقول الموقعون عليها إنها ما زالت حبراً على ورق. هذا السجل القاتم لا يصلح أساسا للثقة المطلوبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. استقبلت مفوضية الانتخابات بدرجة من حسن الظن، ولكن بعض تصرفاتها جعل كثيرين يتهمونها بالخضوع لمصالح الحزب الحاكم. اتهامات عززها موقفها من مخالفات عملية تسجيل الناخبين المبتدئة فى أول نوفمبر 2009 والمنتهية فى الأسبوع الأول من ديسمبر. فليس هناك تناسب بين النسبة العددية للمسجلين للانتخابات داخل البلاد ونسبة التسجيل فى المهجر، فعدد كبير من المهجرين سيحرمون من حقوقهم المدنية والسياسية والدستورية. وفيما يتعلق بالحكم على نزاهة التسجيل، فجميع الأحزاب المتنافسة فى الشمال رفعت للمفوضية مآخذ محددة وطالبت بالتصحيح، وأحزاب أخرى طعنت فى نزاهة التسجيل فى الجنوب، كما قدمت قوى سياسية رئيسية طعوناً موثقة فى نزاهة التسجيل، ولكن المفوضية رفضت اتخاذ أى إجراءات تصحيحية. وإلى المقال الأخير فى السلسلة.