سيد درويش.. عبدالحليم حافظ.. شادى عبدالسلام.. عاطف الطيب.. أحمد زكى.. مجدى مهنا وغيرهم.. إنجازات كبيرة ورحيل مبكر.. ثورات هادئة تسللت إلى وجدان الناس تأثرت فى سنوات كثيرة، وأثرت فى سنوات قليلة، لتثبت أن الإنسان قد ينتصر أحياناً على الوقت تاركاً علامات إثبات الذات على جسد الزمن، أُناس انتقلوا إلى العالم الآخر فى سن صغيرة بعد أن أشار إليهم الموت ليستكمل بهم دائرة الأسطورة ربما هناك الكثير من المصريين، الذين لا يعرفهم أحد عاشوا ورحلوا، كذلك أعطوا للمحيطين الكثير، حتى إن الناس يطلقون عبارة، «الموت بيختار» ولكنها مقدرات الخالق الحكيم الرحيم بعباده. القدر الذى يتركنا نحزن ونفكر ونحلم ونضرب بهؤلاء الناس أمثالاً، نتأثر بهم فى واقع صعب غابت فيه النجوم خلف سماء غائمة.. كنت فى غرفتى عندما أخبرنى المخرج محمد العدل تليفونياً بخبر وفاة مهندس الديكور حامد حمدان، الذى مات عن عمر يناهز الأربعين عاماً سيطر على الصمت بعد أن خطفنى الزمن إلى الخلف، لأتذكر علاقاتى الطويلة بذات الأسمر المصرى «حامد حمدان» 35 شارع شمبليون ترابيزة الرسم.. الأدوات والألوان.. الحيطان المكتظة بالاسكتشات ولافتة ممنوع الاقتراب أو التدخين، بينها أرى اسكتشات فيلم المهاجر أول فيلم بل الفيلم الوحيد ذو الطابع والديكور الفرعونى فى تاريخ السينما العربية.. براعة الدراسة، وحب المهنة، الاجتهاد المذهل ومعه كتيبة من المساعدين المهرة بين الصنايعية وطلبة وخريجى كلية الفنون الجميلة. كان يعمل بمكتب يوسف شاهين، ويبحث عن مكتبه الخاص، وظل «حامد» يبحث عن مكتب خاص طيلة عشر سنوات حتى إننى أخبرته ذات مرة مازحاً «مكتبك فى قلوبنا يا حامد إنت تفرش فى أى حتة وتشتغل» فضحك حامد ضحكته الهادئة وانصرف، هذا هو حامد صاحب الأسرة البسيطة المقيمة فى وسط حى الضاهر قلب القاهرة، وهذه هى الرحلة القصيرة الطويلة بين المهاجر وحين ميسرة مروراً بالمصير، الأبواب المغلقة، الآخر، إسكندرية نيويورك، العاصفة، هى فوضى، إنت عمرى، خيانة مشروعة، أول ديكور مصرى وآخر ديكور مصرى كان ينتقل بين الأفلام ليدهش الجميع برسم صور واقعية لحياة المصريين فى أزمنة مختلفة.. تركنا حامد، أسلم روحه لله أيضاً فى نفس المكان 35 شارع شمبليون وسط القاهرة منضماً بذلك إلى قائمة مليئة بالفنانين والأدباء والمفكرين الذين رحلوا عن عالمنا فجأة.. ماتوا واقفين تاركين أحياناً مشاريع لم تكتمل، ولكنهم أكملوا بموتهم واقفين حكاية الحب والأسطورة لما اشتهروا به من عطاء واجتهاد وحب لعملهم وإخلاص لمصر والمصريين رحمهم الله جميعاً.. رحم الله الفنان الصغير سناً الكبير شأناً المصرى «حامد حمدان».