أسماء كثيرة مازال يتذكرها أهالى حارة اليهود ولكل اسم قصته، إلا أن الاسم الأشهر فى الحارة هو «مارى» هذه المرأة التى تجاوزت الثمانين من عمرها هى آخر يهودية فى حارة اليهود!، لايعرف أحد هناك الآن إن كانت لاتزال حية أم أنها فارقت الحياة، كل ما يعرفونه أن الطائفة اليهودية نقلتها منذ عام إلى المستشفى الإيطالى بعد أن ساءت حالتها الصحية بشكل كبير، عشقت «مارى» تراب مصر ورفضت الهجرة رغم كل المغريات، ولم يكن وراء رفضها أى دافع أيديولوجى سوى مصريتها، فكانت دائما تردد أنها مصرية ولن تموت سوى فى مصر!!. «كان هناك ارتباط كبير بيننا وبينها، لأننا ولدنا فوجدناها فى الحارة» هكذا قال لنا «فتحى عبدالعزيز» أحد جيران «مارى»، وعن مدى ارتباطها بأهالى الحارة أضاف فتحى: «مارى كانت تسير فى الحارة وتتحدث مع الجميع حتى آخر يوم لها هنا، كانت دائما ما تؤكد للكثيرين منا أنها تحبنا لأنها هى التى ربتنا فى طفولتنا، كانت تتميز بروح المداعبة، تتحدث معك وتضحك. كانت دائما تقول زمان كان أحلى من الوقت الحالي، هذا الشارع كان كله بلاطاً أسود تحس من نظافته أنه زجاج، كانت دائما تقول لى بحسرة شديدة كلمة لا أستطيع نسيانها، «القاهرة دى كانت أجمل بلد فى العالم كله». ارتباط «مارى» بمصر كان واضحا تماما من كلام الجميع عنها فى الحارة، خاصة «فتحى» الذى أكد هذا الارتباط بينها ووطنها فى أكثر من مرة فى حديثه لنا «أقسم بالله مارى كانت تعشق مصر حتى النخاع، كانت مرتبطة بها جدا وترفض الهجرة إلى إسرائيل رغم البؤس الذى كانت تعيش فيه، تعرضت لإغراءات كثيرة للهجرة إلى هناك إلا أنها كانت تقول دائما لن أترك مصر، أنا هموت فى مصر». وفى آخر أيامها فى الحارة منذ حوالى عام كانت فى حالة صحية سيئة جدا، ونقلتها الطائفة اليهودية إلى المستشفى الإيطالى، إلا أن «مارى» التى قللت لنا عنها إحدى جارتها «كنت تموتها وما تخرجهاش من هنا»، تركت المستشفى الإيطالى منذ حوالى ستة أشهر وعادت مرة أخرى إلى حارة اليهود، وعما حدث تقول جارة «مارى»: «من حوالى ستة أشهر جاء أشخاص من الطائفة اليهودية وسألونا عن مارى، فقلنا لهم عندما تأتى سنتصل بكم، كنا نعرف أنها لن تذهب إلى أى مكان آخر، وأنها ستعود إلى حارة اليهود، وعندما جاءت جلست عندنا واتصلنا بالطائفة، وعندما حضروا كى يأخذوها رفضت الذهاب معهم، ولم ترض أن تسير سوى مع أحد منا فسارت مع ابنى الذى أوصلها حتى السيارة التى جاءت إليها!!، وأضافت جارتها «لو أننا نعرف مكانها حاليا لذهبنا لزيارتها فقد كنا جميعا إخوة هنا فى الحارة»!!. وما إن تتحدث مع أحد فى حارة اليهود عن «مارى» حتى يبدأ فى سرد علاقتها الغريبة بالقطط!!، فيقول فتحى عبدالعزيز: «مارى بطبيعتها كانت أليفة جدا مع الحيوانات لدرجة أنها كانت تمر على المحلات وتجمع بقايا الطعام للقطط وكان وراءها طابور غريب من القطط وتأخذها إلى أى عطفة وتضع لها الطعام، كان اللافت للنظر أن القطط عندما تراها كانت «تزوم» وكأنها تناديها ثم تسير وراءها!! أما إسماعيل، وهو أحد سكان الحارة ومن مواليد 1957 فقال لنا عن هذه العلاقة أن «مارى» كانت «تصرف كل نقودها على القطط»!.