نائبة وزير الكهرباء: سرقة التيار الكهربائي تكلفنا أكثر من 22 مليار جنيه    مقتل 9 وإصابة 10 آخرين في إطلاق نار بجنوب إفريقيا    جهاز منتخب مصر يتفقد ملعب مباراة زيمبابوي    السجن 5 سنوات ل3 متهمين بإحداث عاهة مستديمة لشخص في حدائق القبة    البحيرة.. ضبط 3 محطات وقود بالدلنجات لتجميعها وتصرفها في 47 ألف لتر مواد بترولية    مصرع شخصين وإصابة ثالث إثر انقلاب سيارة أعلى كوبري أكتوبر بالشرابية    حبس عاطل 4 أيام بعد ضبطه بحوزته 20 فرش حشيش بالجيزة    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. حفلات ليالي الفن تضيء العام الجديد    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان متحف الشمع لوضع خطة عاجلة لتطويره    الدكتور عادل عامر يكتب عن : العنف ضد المرأة اكثر الانتهاكات عالميا لحقوق الإنسان    تاريخ من الذهب.. كاف يستعرض إنجازات منتخب مصر فى أمم أفريقيا    وزير خارجية زيمبابوى: مصر وروسيا من أبرز الداعمين لمبدأ الوحدة الأفريقية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    وزير الخارجية يعقد اجتماعًا ثلاثيا حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    وكيل الشيوخ يطالب بإعادة النظر في عقوبات سرقة الكهرباء    حيماد عبدلي: منتخب الجزائر يسعى للذهاب بعيدًا ببطولة أمم أفريقيا    وزير الخارجية يلتقي نظيره المالاوي    سلامة الغذاء: تصدير 192 ألف طن مواد غذائية.. والسعودية واليمن وإسبانيا وروسيا أبرز المستوردين    محافظة أسوان تعلن إصدار تصاريح الحفر لتوصيل الغاز الطبيعى بقرى حياة كريمة    الضرائب تصدر استدراكا للتعليمات بشأن المعاملة الضريبية لخدمة التمويل الاستهلاكي    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب5 محافظات لمخالفتها شروط الترخيص    رئيس شعبة المعادن يحذر من تقلبات حادة محتملة في أسعار الفضة رغم مكاسبها القياسية    محافظ الوادي الجديد يلتقي أمين المجلس الأعلى للثقافة لافتتاح الملتقى الثقافي للشباب    أبرز المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026.. غادة عبد الرازق ونور النبوي في الصدارة    "معلومات الوزراء" يستعرض أبرز المؤشرات الاقتصادية العالمية للعامين 2025 و2026    «الرعاية الصحية» تطلق حملة للمتابعة المنزلية مجانا لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن    تحرك عاجل من وزير العمل بعد فيديو الأم التي عرضت أولادها للبيع    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    رئيس جامعة الازهر يوضح بلاغة التعريف والتنكير في الدعاء القرآني والنبوي    من مصر منارةً للقرآن إلى العالم... «دولة التلاوة» مشروع وعي يحيي الهوية ويواجه التطرف    د.حماد عبدالله يكتب: "اَلَسَلاَم عَلَي سَيِدِ اَلَخْلقُ "!!    تكريم لمسيرة نضالية ملهمة.. دورة عربية لتأهيل الشباب في حقوق الإنسان تحمل اسم محمد فايق    "إلقاء فئران محنطة على جارسيا".. تقرير: حالة تأهب أمنية قبل دربي كتالونيا    المقاولون العرب يعلن تعيين علي خليل مستشارًا فنيًا لقطاع الناشئين    استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيًا بأسيوط    السيسي: مصر لم تهدد إثيوبيا في أي وقت ومطلبنا عدم المساس بحقوقنا في نهر النيل    وزارة التموين تطلق قافلة مساعدات جديدة بحمولة 1766 طنًا لدعم غزة    على أنغام الربابة والمزمار… نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك والإعلان عن بدء فصل الشتاء    فريدة سيف النصر تنعي سمية الألفي بكلمات مؤثرة وتسرد ذكرياتهما معاً    انطلاق الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تعديلات قانون الكهرباء    مصر تتقدم 47 مركزا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية للبنك الدولى    إصابة 14 عاملا فى حادث انقلاب أتوبيس بالشرقية    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 3 ملايين جنيه    اعترافات قاتل صديقه بالإسكندرية : خبرتى فى الجزارة والذبح سهلت على تقطيع جثته    الري تتابع إيراد النيل.. تشغيل السد العالي وإدارة مرنة للمياه استعدادًا للسيول    نقابة صيادلة القاهرة تكشف حقيقة عدم توافر أدوية البرد والأمراض المزمنة    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام 2025    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    النادى الذى فقد نجمه!!    مواعيد مباريات اليوم الأحد 21-12- 2025 والقنوات الناقلة لها | افتتاح أمم إفريقيا    خطة أمريكية بقيمة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط    الصحة: فحص 8 ملايين طالب ابتدائى ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    علاء نبيل: حذرت أبو ريدة من الصدام بين طولان وحسام حسن قبل كأس العرب    ندوة بمعرض جدة للكتاب تكشف «أسرار السرد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا نتغير؟
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 12 - 2009

مصر وادى الدين ووادى النيل معا، عظيمة بموقعها الجغرافى وتراثها التاريخى‎ ومواردها الطبيعية والبشرية، كثيراً ما تشقى، لكنها سرعان ما تشفى، كثيراً ما تمرض‎ إلا أنها لم تمت ولن تموت أبداً، بفضل قوام حضارتها الدينى والروحى، وجهود شرفائها‎ ومثقفيها وعلمائها والعيون الساهرة دفاعاً عن سلامتها ضد كل الأخطار، كثيراً ما‎ تتعرض لضغوط داخلية وأطماع خارجية وتحديات ومواجهات وتخريب وتدمير ونهب، ومع ذلك لا‎ يزال ينبض قلبها بخير أجناد الأرض،‎
لايزال فى الإمكان إنقاذها من المفاسد التى حاوطتها شيئاً فشيئاً، كالتلوث‎ السياسى والاجتماعى والفكرى والعنف والأمية والاغتراب والزحام القاتل للإبداع وهجرة‎ الكفاءات والبيروقراطية العفنة وتسلط أهل الثقة على أهل الخبرة وسيطرة حكم الفرد‎ على إرادة الجماعة،‎
وكل ذلك بشرط، أن ندرك أن أزمتنا ليست أزمة اقتصادية بقدر ما هى أزمة فقدان‎ للهدف والرؤيا والمنهج والموضوعية، بشرط أن ندرك أن أزمتنا أزمة ضمير الأكثر أهمية‎ على الإطلاق من أى قانون وضعى، لأن غياب الرقابة على الذات، إطلاق لعنان الفوضى‎ وعموم الانفلات وضياع الضوابط، بشرط أن ندرك أننا جميعاً شركاء فيما جرى، ولا يزال‎ يجرى، وعلى عاتقنا عبء إنقاذ ما يمكن إنقاذه‎.‎
إن غض الطرف عن الخطايا جريمة، وتركه يستفحل ويتفشى جريمة أكبر، وما أصعب الطريق‎ عندما تضيع البوصلة، وما أيسر الاتهامات فى زمن اللصوص، وما أهون الناس فى عيون‎ الآخرين بعد هوانهم على أنفسهم، والسؤال الآن: هل فقدنا البوصلة فعلاً؟ وإذا لم‎ نفقدها، فمن أين نبدأ؟
لا شك فى أن بوصلة الأمم فى قدوتها، وكم من أمم تجاوزت مشكلاتها وأزماتها ونهضت‎ بسرعة مذهلة بسبب رجال آمنوا بمصلحة الجماعة قبل مصلحة الفرد، كانوا المثل الأعلى‎ لبلادهم فى طريق النهضة والإصلاح، لذا سارت شعوبهم خلفهم متجاوزين الأنفاق المظلمة‎ إلى شمس الحضارة الإنسانية، ومن هؤلاء الشرفاء فى مصر كثيرون، بعضهم فى السلطة،‎ وبعضهم خارج السلطة، بعضهم من رجال الدين والسياسة والمجتمع، وآخرون من رجال الفكر‎ والصحافة والإعلام،‎
وهم جميعاً معنيون بنا، معنيون بهمومنا وقضايانا المصيرية وحتمية إنقاذنا من‎ الإفلاس الذى تمكن منا فى شتى مناحى الحياة، وترك هؤلاء يحاربون وحدهم فى معركة‎ تخصنا فى المقام الأول «معركة الإصلاح» معناه توقيع عقد شعبى مخل بالشرف، مع الطغاة‎ والمفسدين يسمح لهم بموجبه بالتحكم فى مصائرنا أكثر فأكثر‎.‎
والسقوط بنا إلى الهاوية، ترك هؤلاء يحاربون وحدهم فى معركة الإصلاح والتغيير،‎ معناه إهدار البقية الباقية من الموارد، وحرمان أبنائنا- بمباركتنا ووصايتنا- من أى‏‎ أمل فى المستقبل، بل والحكم عليهم بالحرمان والاغتراب مدى الحياة، فهل يصح أن نضيع‎ حياتنا من أجل أن يموتوا؟ وهل هناك أعز من فلذات أكبادنا ندافع عنهم ونحميهم مهما‎ كان الثمن؟‎
فمن العيب أن نتفرج على ما يحدث لنا دون أن يكون لنا رأى فيه وموقف منه، من‎ العيب أن نترك العجلة تدور للوراء ونحن بين تروسها مكتفين بالصراخ والعويل والتضرع‎ إلى الله كى ينصرنا على القوم الظالمين، والله لا ينصر المتواكلين والمتخاذلين‎ والقانعين بالصمت، من العيب أن نخاف ونحن نتمتع بقدر لا يستهان به من الحرية، لم‎ يتح لنا من قبل، وحراك سياسى يشع بالأمل وقرب الفرج، وعندما نتمكن من النظر‎ بعيوننا، فلماذا نغمضها عندما تنهال علينا الصفعات؟
إننا فى مرحلة حرجة جداً من حياتنا، من أخطر مراحل تاريخنا، تفرض علينا أن نعيد‎ حساباتنا، ونتخلى عن صمتنا المريب، وخوفنا غير المبرر، تفرض علينا أن ننخرط فى‎ الحياة التى انعزلنا عنها أو عزلنا عنها بإرادتنا، تفرض علينا استثمار الحراك‎ السياسى الحاصل وضرورة التفاعل الحميم مع الأصوات الداعية الداعمة للتغيير، لإعادة‎ صياغة المنظومة السياسية، وتبنى أفكار جديدة، بديلاً عن الأفكار المظلمة بالخطب‎ والتصريحات والوعود والأمنيات وغيرها من الأمور التى فصلتنا عن أنفسنا وأصابتنا‎ بالبلاهة والعته والتخلف فى التعليم والصحة والسكن والمواصلات وسوق العمل‎.. إلخ‎.‎
إن اتساق الشعب مع النخبة سيفرز الحرية سلمياً، فى زمن لا تباع فيه الحريات ولا‎ تشترى، فى زمن من يستورد فيه رغيف العيش، يصدر كرامته‎.‎
يا سادة: لقد عرفنا الله قبل نزول الأديان السماوية، فهل يستعصى علينا الآن، أن‎ نعيد اكتشاف أنفسنا؟ للأسف الشديد، إننا كمصريين لم نقبل الضيم والامتهان إلا فى‎ السنوات الأخيرة، رغم أن تاريخنا حافل بإيجابياتنا فى اتخاذ المواقف المناسبة فى‎ الوقت المناسب، فنحن المصريين أول من قام بثورة شعبية فى الأسرة الخامسة للدولة‎ القديمة فى عهد الملك أناس، والعمال المصريون هم من قاموا فى عهد رمسيس التاسع‎ بالتظاهر أمام صوب الغلال، وحاصروها،‎
وذهب منهم وفد للملك وأبلغه بأن أبناء العمال يتضورون جوعاً، فغضب الملك لما‎ سمع، وما كان منه إلا أن حاكم وزراءه، وفتح صوب الغلال للشعب، ترى، فمن يغضب لأجلنا‎ الآن؟ وأين قانون محاكمة الوزراء؟ ولماذا لم يتم تفعيله بعد؟ والشاعر المصرى إيفور،‎ دخل على الملك وقال له: افتح أبوابك، إن أعوانك قد خدعوك، فبماذا ينشغل شعراؤنا هذه‎ الأيام؟
المصريون هم من أوقف زحف التتار، المصريون هم من استرد بيت المقدس فى عهد صلاح‎ الدين، المصريون هم من لقن الإسرائيليين فى حرب أكتوبر درساً لن ينسوه، المصريون هم‎ المسؤولون عن كل ما يحدث، وعليهم وحدهم عبء الإصلاح، وتجاوز اتهامات بعضهم البعض‎ إلى الوحدة لركوب قطار التنمية والتطور والذى ركبته دول كثيرة قبلنا، وتغير حالها،‎ فلماذا لا نتغير؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.