كتب: أسامة صابر عبير سعدي رئيسة لجنة التدريب بنقابة الصحفيين: ما تعرضت له في أمريكا جعلني أفكر في تنظيم دورات للدفاع عن للنفس للصحفيين المصريين..! مراسل البي بي سي خالد عز العرب: مراسلو الحروب المنتمون للبي بي سي يجب أن يجتازوا تدريباً في الجيش البريطاني..! جمال عيد المدير التفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: حتى الآن، لا يوجد دليل أمن وسلامة للصحفي المصري آمال عويضة الصحفية بالأهرام: مع انتفاضة الأقصى سألني رئيس تحريري: تحبي تروحي؟ طب، اتكلي على الله وابقي كلمينا..! مع دولة مثل مصر يُطبق بها قانون الطوارئ منذ سنوات طوال أصبحت الاعتداءات الأمنية تشكل تهديداً للسلامة الصحفية جنباً إلى جنب مع الأخطار التي تواجه المراسل الصحفي أثناء تغطيته لإحدى الحروب أو نزاع مسلح..! ولأن التقارير الصحفية وخاصة في المناطق الملتهبة تمثل أهمية بالغة للمواطن حيث تكون المعلومة الصحيحة سبباً في إنقاذ حياة الكثيرين، فمؤسسات الصحافة ذات المكانة العالمية تضع سلامة مراسليها على قائمة اهتماماتها، يقول خالد عز العرب مراسل البي بي سي في القاهرة: "تقسّم البي بي سي دول العالم إلى فئات وفقاً لمناطق الخطورة، أعلاها مثلاً غزة والعراق ومن الممكن أن يتغير تصنيف مناطق الخطورة داخل الدولة نفسها، كسيناء مثلاً عن الوادي في دولة مصر في فترة ما، ويتم تحديث هذا التصنيف بشكل دوري." تدريب "البيئة المعادية" ويضيف خالد عز العرب: ولكي يتجه المراسل لمنطقة ذات خطورة عالية يجب أن يمر أولاً بدورة تدريبية "hostile environment" أو بيئة معادية. وبها يتعرف الصحفي على معايير الأمن مثل تحديد نوعية القذائف أو الطلقات من خلال صوتها فقط ليقرر كيفية الاحتماء منها، وكيفية الخروج من حقل ألغام ويتدرب كذلك على الإسعافات الأولية والتعامل مع الإصابات المختلفة. ويعمل المراسل بمعدات السلامة مثل الخوذة والدرع وهاتف متصل بالأقمار الصناعية، وصندوق إسعافات أولية ومن الجائز استخدام عربات مدرعة إذا تطلب الأمر. محاكاة ويستطرد خالد عز العرب: ثم يمر المراسل في الجزء الثاني من تدريبه على محاكاة للأمور التي من المحتمل أن يتعرض لها من إطلاق نار وخطف وإصابات لزملاء له. كما يتدرب المراسل أيضاً على كيفية التعامل مع أحداث الشغب التي قد تصاحب مظاهرة أو حتى مبارة كرة قدم، فهناك تكنيك معين للوقوف يستطيع من خلاله المراسل والمصور ومهندس الصوت من كشف المنطقة المحيطة بهم تحسباً لأي مفاجآت قد تحدث من الجماهير. استمارة معلومات ويشير خالد عز العرب إلى أحد الأشياء المهمة للغاية للمراسل قبل ذهابه لمنطقة ساخنة وهي ملأ استمارة بها معلومات تفصيلية عنه كي تساعد مؤسسته على التعامل مع كافة الأوضاع التي قد تعرضه للخطر أثناء مهمته. بيد أنه بزيارة كبرى المؤسسات الصحفية العربية وهي الأهرام وجدنا تجربة مختلفة ومثيرة ترويها لنا الإعلامية آمال عويضة والصحفية بالأهرام: انتفاضة الأقصى بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 سألني رئيس تحرير مجلة الشباب الأستاذ الراحل/ عبد الوهاب مطاوع: "آمال، تحبي تروحي الأراضي المحتلة؟ فأجبت: آه، ما عنديش مشكلة، فردّ: طب اتكلي على الله وابقي كلمينا..!" تضيف آمال عويضة: كل ما وفّرته المؤسسة لي هو بدل السفر وباقي أمور التغطية الصحفية وسط الانتفاضة في القدس والضفة الغربيةوغزة كان عليّ توفيرها اعتماداً على مجهودي..! لا معدات سلامة وعند سؤالها عن معدات السلامة الشخصية في فترة الانتفاضة تلك والتي كان يتساقط فيها أعداد من القتلى يومياً، ابتسمت صحفية الأهرام قبل أن تقول: بالطبع كانت موجودة .. ولكن يرتديها المراسلون الأجانب الذين كانوا يعملون بجواري..! ويبدو أن حال المؤسسات الصحفية المصرية التي لا تكترث بسلامة مراسليها هو ما دفع الأستاذة عبير سعدي الصحفية بالأخبار ورئيس لجنة التدريب وتطوير المهنة بنقابة الصحفيين بتبني اقتراح يدعو للغرابة قليلاً. تجربة قاسية تقول عبير سعدي: عايشت تجربة مؤلمة للغاية في أمريكا حين كنت أغطي أخبار مؤتمر عن تكنولوجيا المعلومات وبالمصادفة شاهدت مظاهرة ضخمة تربو على 10 آلاف عربي، وكانوا يطالبون الرئيس الأمريكي جورج بوش بوقف المساعدات الأمريكية لإسرائيل. وتستطرد عبير سعدي: تملكني الحماس حينها وأخذت ألتقط صوراً بكاميرتي للمظاهرة إلا أن أخطات بالمسير تجاه مظاهرة مضادة من اليهود المتشددين، وهنا حاول أحد الحاخامات خطف الكاميرا الخاصة بي، والتي تشبثت بها، فما كان منه إلا أنه لكمني في فكي عدة لكمات، لكنه لم ينجح في خطف الكاميرا. وتكمل عبير سعدي: لم يكن لدي تأمين طبي كي أستخدمه في أمريكا فرجعت إلى القاهرة وحالتي سيئة للغاية إلى أن قمت بعدة عمليات في فكي كي يرجع إلى حالته الطبيعية. تدريبات للدفاع عن النفس وكشفت عبير سعدي عن أنها تسعى داخل النقابة إلى طلب مساعدة هيئة المعونة الكورية لتنظيم دورات للصحفيين المصريين في فنون رياضات الدفاع عن النفس مثل "الآي كي دو" وهي لعبة غير هجومية، ولكنها توفر حداً أدنى من الحركات القتالية للدفاع عن النفس وصد أي هجوم مباغت. خاصة أن الصحفي في حالة تغطيته لحرب أو نزاع مسلح لا يستطيع أن يحمل سلاحاً، حتى لا تسقط عنه حقوقه التي نصت عليها اتفاقية جنيف الدولية. قانون الطوارئ ولأن مصر تعيش قوانين استثنائية فكان لابد للأمن المصري أن يدخل طرفاً في معادلة سلامة الصحفيين أثناء تأدية عملهم. ويشير الأستاذ جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إلى الاعتداءات البدنية التي يتعرض الصحفيون في مصر أثناء تأدية عملهم في ظل قانون الطوارئ ومع عدم توفر دليل لأمن وسلامة الصحفي تكون الخبرات المتراكمة هي الحل الوحيد لتقليل آثار بعض الانتهاكات. معوقات قانونية ويشير الأستاذ جمال عيد إلى أن النيابة العامة أحياناً للأسف لا تتعامل بحيادية مع المحاضر المقدمة ضد رجال الشرطة، فمن الممكن أن تتلكأ في استكمال المحضر فتزول آثار الاعتداء إن وجدت. لذا ينصح بعمل كشف طبي في أحد المستشفيات الخاصة قبل اللجوء للطب الشرعي على سبيل الاحتياط. نصائح وقبل أن يتوجه الصحفي لتغطية مظاهرة او انتخابات حيث تكثر الاعتداءات الأمنية عادة، ذكر الأستاذ جمال عيد بعض النصائح منها: عدم اصطحاب الكاميرات الضخمة، وأن يكون على تواصل مستمر مع الجريدة، وأن يسارع بعمل محضر ضد أي ضابط اعتدى عليه، وإذا لم يتمكن من ذلك، يمكنه عمل تلغراف بريدي لقسم الشرطة وهو أمر مهم لتوثيق الاعتداء. ويواصل الأستاذ جمال عيد تقديم نصائحه: يفضّل إبلاغ الجريدة أو المنظمات الحقوقية المعنية على الفور وذلك عن طريق رسالة قصيرة متفق عليها مع الطرف الآخر. أما إذا رفض قسم الشرطة قيد الصحفي في الدفاتر حتى ينتفي أي دليل لاحتجازه دون وجه حق، فينصح الصحفي بترك أي أثر يدل على تواجده في غرفة الاحتجاز حتى ولو كان بكتابة اسمه على الجدران..!