تراجع الاستثمارات الإسبانية في موسكو بشكل حاد منذ اندلاع الحرب بين موسكو وكييف

انخفضت قيمة التجارة الثنائية بين إسبانيا وروسيا، مما يشير إلى قرار واضح بالابتعاد عن الدولة التي تعاني من العقوبات.
ووفقًا للموقع الإخباري euronews، كان لقرار الكرملين الدخول في حرب مع أوكرانيا قبل أربع سنوات تقريبا تأثير لا يمكن إنكاره على الشركات الإسبانية التي كانت تطمح إلى فتح الأسواق في روسيا، ونتيجة لذلك انخفض حجم صادراتها بشكل حاد منذ بداية الصراع.
في عام 2021، بلغت قيمة إجمالي الصادرات الإسبانية إلى روسيا 2.2 مليار يورو، بينما لم تتجاوز 783 مليون يورو العام الماضي، وفقًا لبيانات غرفة التجارة الإسبانية. وتعكس هذه الأرقام انخفاضًا بنسبة تزيد عن 64٪.
انخفض أيضًا عدد الشركات الإسبانية المُصدّرة إلى روسيا على مر السنين. ووفقًا لغرفة التجارة الإسبانية، بلغ عدد هذه الشركات حوالي 670 شركة في عام 2021، و399 شركة في عام 2022، و158 شركة فقط بحلول عام 2023.
اتصلت يورونيوز بالمكتب الاقتصادي والتجاري الإسباني والسفارة الإسبانية في موسكو، اللذين رفضا التعليق على المسألة.
ويرى خبراء أن الدافع وراء تراجع الاستثمارات في الاقتصاد الإسباني يرجع إلى حرب روسيا وأوكرانيا والعقوبات الشديدة المفروضة حاليا على روسيا، والتي أثرت على متغيرات رئيسية مثل الوصول إلى المواد الخام والطلب ومعدلات التضخم.
منذ بداية الحرب في فبراير 2022، فرض كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات عديدة على الكرملين، مما حد من كل شيء بدءًا من قدرته على تحويل الأموال إلى سهولة سفره إلى البلاد.
قرر الاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي فرض عقوبات على الغاز الروسي وحظر الاستخدام المباشر وغير المباشر لخطوط أنابيب «نورد ستريم» تحت البحر.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت الولايات المتحدة عن مجموعة جديدة من العقوبات ضد شركتي النفط الأكبر في روسيا، روسنفت ولوك أويل، للضغط على موسكو للجلوس والتفاوض على اتفاق سلام في أوكرانيا.
استمرار الواردات إلى إسبانيا رغم العقوبات
تتركز العلاقات التجارية بين إسبانيا وروسيا بشكل رئيسي حول الغاز الطبيعي المسال. ومع ذلك، تُعدّ الواردات الإسبانية من الألومنيوم والأسمدة كبيرة أيضًا.
وأظهر تقرير للبنك المركزي الإسباني نُشر في عام 2024 أنه على الرغم من عقوبات الاتحاد الأوروبي، ارتفعت حصة روسيا من واردات إسبانيا من الغاز الطبيعي المسال من خارج الاتحاد الأوروبي في الفترة من 18% إلى 36% في الفترة من عام 2022 إلى الربع الثاني من عام 2024.
ومع ذلك، بحلول مايو 2025، زادت البلاد وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وخفضت وارداتها من الغاز الروسي إلى 13.3% من إجمالي الغاز المستورد لإسبانيا في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، بانخفاض من 22.4% في نفس الفترة من العام الماضي.
وسجلت فئة رئيسية أخرى من الواردات الروسية إلى إسبانيا زيادات أيضًا، مع نمو واردات الأسمدة بشكل كبير في عام 2024، وفقًا لتقرير صادر عن شركة ستاندرد آند بورز جلوبال، حتى أن اليوريا ونترات الأمونيوم والكالسيوم وصلت إلى مستويات قياسية.
وقد أدى ذلك إلى أن تصبح روسيا ثاني أكبر مورد للأسمدة النيتروجينية إلى إسبانيا العام الماضي، مما أثار المخاوف في أوروبا بشأن الاستمرار في الاعتماد على الواردات الروسية ودعوات لفرض تعريفات جمركية محتملة.
التجارة الثنائية في انخفاض
رغم الأرقام المذكورة بالتقرير، تُظهر أحدث بيانات غرفة التجارة الإسبانية انخفاضًا واضحًا في حجم التجارة الروسية مع إسبانيا. فخلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، بلغت الواردات 1.2 مليار يورو، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، حيث بلغت 1.45 مليار يورو.
كما تراجعت الصادرات تدريجيًا. ففي الفترة نفسها من العام الماضي، بلغت قيمتها 468 مليون يورو، بينما بلغت 425 مليون يورو في الفترة بين يناير ويوليو 2025.
وفي مقارنة سنوية، انخفضت قيم الصادرات باليورو من 2.2 مليار يورو في عام 2021 إلى أقل من 800 مليون يورو بحلول عام 2024.
استمر انكماش التجارة بين البلدين في أغسطس، وفقًا لمرصد التعقيد الاقتصادي. وبالمقارنة السنوية، انخفضت الصادرات الإسبانية إلى روسيا بنسبة 14.3%، وانخفضت الواردات بنسبة 57.7% في أغسطس 2025 مقارنةً بالعام السابق.
وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي، شملت الصادرات الإسبانية الرئيسية إلى روسيا في أغسطس العطور والخضراوات المصنّعة واللقاحات، من بين سلع أخرى. أما الواردات الإسبانية الرئيسية من روسيا، فكانت غاز البترول والألومنيوم الخام والأسمدة النيتروجينية.
وانخفضت تجارة الأخيرة بنسبة تزيد عن 40% مقارنة بالعام السابق، في حين تراجعت واردات الغاز البترولي بنسبة 60%، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي.
ويهدف هذا التقرير إلى توفير صورة دقيقة عن التطور الاقتصادي لكل بلد ومستوى التنوع الإنتاجي فيه.
في أحدث تقرير لها، أكدت منظمة التعاون الاقتصادي أن التجارة بين إسبانيا وروسيا ظلت عند مستوياتها الدنيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا والعقوبات الأوروبية على موسكو. ومع ذلك، لا تزال بعض القطاعات -مثل الصناعات الدوائية والزراعية والغذائية- تُحافظ على جزء من التجارة، وإن كان حجمها أقل بكثير من مستواها قبل عام 2022.