لحظة سحر صامتة يتوقف عندها الزمن، كأنها قصة حب نشأت من النظرة الأولى، يُمس فيها الزائر بلعنة الجمال الأبدى التي ابتكرها المصرى القديم بجدارة فائقة، لعنة لا تقتلك، بل تُحيى فيك شعورا جديدًا من نوعه. مصريًا كنت أو أجنبيًا، لن تفلت من تلك اللحظة التي تشبه عبورًا بين زمنين، لحظة تتوقف فيها أمام قطعة أثرية فيتسع داخلك المدى بين ماضٍ صنع الدهشة ومستقبلٍ يحاول تفسيرها. فهناك تشاهد سائحا يرفع كاميرته ثم يُخفضها، كأنه يخشى أن تُفسد الصورة سحر اللحظة، وآخر يمد يده نحو الزجاج كمن يريد أن يلمس المعجزة ليصدق أنها حقيقية. وفى زاوية قريبة، يقف طفل مصرى صغير، يحدّق في تمثال الجد بملامح تشبهه قليلًا، فتبدو الدهشة عليه كأنها اكتشافٌ متبادل، يرى الطفل ملامحه في وجه الملك، ويرى الملك امتداده في الطفل. وعلى بُعد خطوات، سائح قطع آلاف الأميال، يقف مذهولًا أمام هذا السحر الخالد. هكذا وقف مئات الزوار، من مختلف القارات والأعمار، يتحولون فجأة إلى تماثيل بشرية، في لحظة انبهار، لا ضوضاء، لا همس، فقط صمتٌ مُهيب يخترقه نبض التاريخ. هذا التوقف يظهر بمجرد أن تقع العين على كنز الملك الذهبى، حين يجد الزائر نفسه أمام 5000 قطعة أثرية للملك توت عنخ آمون، فقط، والمشهد ذاته يتكرر كلما تجول الزائر بين القطع الأثرية الفريدة التي يحويها المتحف المصرى الكبير.